وسط مناخ مشحون، واصلت لجنة من علماء الأزهر فحص رواية "وليمة لأعشاب البحر" للكاتب السوري حيدر حيدر، لإبداء الرأي من الناحية الشرعية في عبارات وردت فيها قيل انها تسيء إلى الإسلام، وتناقش اللجنة تقريراً أعدته لجنة علمية شكلها وزير الثقافة فاروق حسني انتهت إلى عدم إدانة الرواية. وكان رئيس الحكومة الدكتور عاطف عبيد رفع التقرير المذكور الى شيخ الأزهر الدكتور محمد سيد طنطاوي لإبداء الرأي فيه، بعد الحملة التي فجرتها صحيفة "الشعب" والتظاهرات التي قام بها الاسبوع الماضي طلاب وطالبات جامعة الأزهر. ويصل طنطاوي إلى القاهرة اليوم عائداً من المملكة العربية السعودية بعد زيارة استمرت عشرة أيام تسلم خلالها "جائزة الملك فيصل العالمية فرع الإسلام" التي منحت إلى الأزهر. وأفادت مصادر مطلعة أن طنطاوي سيعقد اجتماعاً مع أعضاء اللجنة التي شكلها للبحث في القضية، مشيرة إلى أن قرار اللجنة "لن يخرج قبل دراسة دقيقة لكل الجوانب المتعلقة بالقضية". وكان طنطاوي ادلى بتصريحات اثناء وجوده في السعودية نقلتها وكالة "أنباء الشرق الأوسط" المصرية اعتبر فيها أن وزارة الثقافة "أخطأت بعدم عرضها الرواية على الأزهر قبل طرحها في الأسواق"، ما أعطى انطباعاً بأن موقف الأزهر النهائي سيصب في اتجاه تأييد الحملة على الرواية. وفي أول رد فعل من شخصيات إسلامية راديكالية على قضية الرواية أصدر قيادي بارز في تنظيم "الجماعة الإسلامية" هو رفاعي طه، المقيم خارج مصر والمحكوم غيابياً بالإعدام، بياناً أيد فيه التظاهرات التي قام بها طلاب الأزهر. وحمل البيان عنوان "الله أكبر فليرتفع صوت الأزهر.. هذا صوت طلابه.. فكيف بصوت علمائه؟". واعتبر أن التظاهرات "أعادت للأزهر دوره وقيادته التي طالما حرص أعداء الله تعالى تغييبها"، مشدداً على: "أن أمة يقودها العلماء نحو الحرية في إعلاء كتاب الله تعالى وسُنّة نبيه صلى الله عليه وسلم هي أمة منتصرة بإذن الله"، وأكد تأييده لپ"طلاب الأزهر وعلمائه في وقوفهم في وجه محاولات تغيير وجه مصر". واضاف البيان: "إننا نعلم يقيناً أن الأزهر بشموخه وتاريخه وقياداته للثورات وإنجابه لسليمان الحلبي وجهاده ضد الفرنسيين والبريطانيين الذين احتلوا ديارنا المصرية وغيرها قادر على أن يستعيد دوره ورسالته التي جعلها الله للعلماء وورثة الأنبياء". وحوى البيان انتقادات حادة للحكومة المصرية على خلاف البيانات التي صدرت أخيراً عن تنظيم "الجماعة الإسلامية"، الذي ينتمي إليه طه والذي كان يحتل حتى فترة قريبة موقع مسؤول مجلس الشورى فيه قبل أن تظهر خلافات بين أعضاء المجلس انتهت إلى إجراء تغييرات في تشكيله. وانتقد طه حكماً اصدرته محكمة أمن الدولة العليا بالاعدام ضد أحد قادة الجماعة. وفي مقابل ذلك أعلن مثقفون يعملون تحت لافتة "اللجنة التحضيرية لتجمع المثقفين المستقلين"، عن عقد اجتماع حاشد للمثقفين المصريين في مقر "مسرح السلام" وسط القاهرة يوم الأحد المقبل "للتصدي للهجمة على الثقافة المصرية"، واتخاذ إجراءات "لحماية حرية التعبير في مصر". وكان مقرراً أن يعقد الاجتماع يوم الأحد الماضي في مقر نقابة الصحافيين لكن النقيب السيد ابراهيم نافع رفض عقده. وبدا أن المثقفين في طريقهم الى تصعيد هجوم مضاد ضد القائمين على الحملة، إذ أصدر عدد منهم بياناً كان واضحا من مفرداته حرصهم فيه على نفي أي صلة بوزارة الثقافة، وحمل البيان عنوان "دفاعاً عن إبراهيم أصلان"، الذي كانت نيابة أمن الدولة وجهت اليه تهمة "ترويج مطبوعة تدعو الى العيب في الذات الإلهية" باعتباره رئيس تحرير سلسلة "آفاق الكتابة" التي صدرت عنها الرواية.