نجحت الاتصالات والمشاورات واللقاءات الجانبية التي أجريت قبيل انعقاد اجتماع اللجان النيابية المشتركة برئاسة رئيس المجلس النيابي نبيه بري ومشاركة الحكومة ممثلة بنائب رئيسها ميشال المر، في التوافق على مشروع قانون يتعلق بالوزارات والمجالس دمجاً وإنشاء وإلغاء، كان أثار خلافات. فتقرر تشكيل لجنة فرعية يترأسها رئيس المجلس أو نائبه إيلي الفرزلي، قوامها رؤساء لجان نيابية، ودعوة الوزير المر ووزيري العدل جوزف شاول والأشغال نجيب ميقاتي ومسؤولي مجلس الإنماء والإعمار، ومديرية الأبحاث والتوجيه ومجلس الخدمة المدنية، الى اجتماع تعقده الاثنين المقبل لدرس المشروع المقدم والأسباب الموجبة لدمج المجالس وإنشاء المجلس الأعلى للتخطيط والإنماء والاستماع الى رأيها، على أن تقدم تقريرها خلال ثلاثة أيام أو أسبوع على الأكثر الى اللجان المشتركة، لتجتمع من جديد وتبحث في التقرير وتحيله على الهيئة العامة قبل آخر تموز يوليو الجاري. الا ان "الحياة" علمت مساء من مصادر وزارية ونيابية ان المشروع سيتأجل بته الى ما بعد الانتخابات النيابية. وساد الاجتماع جو هادئ. وغلب على النقاش الطابع الموضوعي، بخلاف السابق عندما قاد الرئيس رفيق الحريري وأعضاء كتلته ونواب كتلة النائب وليد جنبلاط، ونواب آخرون حملة قوية ضد المشروع رافضين إلغاء مجلس الإنماء والإعمار ومجلس تنفيذ المشاريع الكبرى لمدينة بيروت ومجلس تنفيذ المشاريع الإنشائية ودمجها في مجلس واحد ينشأ ويسمى المجلس الأعلى للتخطيط والإنماء ويتمتع بالشخصية المعنوية وبالاستقلال الإداري والمالي. وفي حين دافع المر عن المشروع شارحاً حسناته، أفاد نواب شاركوا في الاجتماع أمس أن الرئيس بري أداره بطريقة طبيعية ولم يعط أي إشارة تبين موقفه من دمج المجالس إلا أن نواباً من كتلته طالبوا بإعادة إحياء وزارة التخطيط والتصميم، على أن تخضع للرقابة والمحاسبة. وطالب بعض النواب بفصل دمج الوزارات عن المجالس، وقال النائب نقولا فتوش "إن دمج المجالس مخالف للدستور" مستنداً في ذلك الى المواد 64 و65 و66 وسأل "إذا كانت ثمة ثغرات في المجالس القائمة، فليؤخذ بها وتعدّل، ولكن من دون إلغائها". وسأل نواب آخرون: "ما دامت هناك صعوبة في معالجة الثغر الموجودة في المجالس، على حد اعتبار الحكومة التي تدعو الى إلغائها، فكيف ستعالج ثغر ستنشأ من خلال إنشاء المجلس الأعلى للتخطيط الذي سيضم كل هذه المجالس من دون معرفة رئيسه والسياسة التي سينتهجها. وعلى أي أسس علمية سيقوم واستناداً الى أي مادة من الدستور". ولفت النواب المعارضون للمشروع الى أن الوزير "بالكاد يدرس جداول أعمال جلسات مجلس الوزراء فكيف نضيف إليه هماً جديداً". واقترحوا تأجيل البحث الى ما بعد الانتخابات النيابية. وحرصت جبهة النضال بلسان النائب مروان حمادة على تكرار تحذيرها من إغفال تركيبة المجلس الأعلى للتخطيط التركيبة الوفاقية الضرورية". وتجاوز النقاش نواب المعارضة الى نواب آخرين من خارج كتلتي الحريري وجنبلاط، أبدوا ملاحظات على المشروع، فطالبوا بفصل دمج الوزارات عن المجالس وانقسم النواب الى فئتين واحدة تطالب بإلغاء المشروع وثانية مع تأجيله الى ما بعد الانتخابات النيابية، وأفادت مصادر نيابية ل"الحياة" أن العوامل التي أدت الى اتجاه فصل دمج الوزارات عن المجالس جاءت بعدما "برز اتجاه نيابي للربط بين مصير هذه المجالس ومجلس الجنوب الذي يجب ألا يبقى مستثنى من مشروع الدمج". فيما عارض نواب من كتلة "الوفاء للمقاومة" حزب الله المشروع، مؤكدين في مداخلاتهم أن "هذه المجالس انشئت لتخطي الروتين ومادام هذا الروتين قائماً ولم يعالج فلماذا يتم دمج المجالس؟ وأكد نواب شاركوا في الاجتماع أن الرئيس بري كان مؤيداً لنواب في بعض النقاط، ومعارضاً في نقاط أخرى. لكن عضو كتلته النائب محمد عبدالحميد بيضون قال "إن من غير الواضح ماهية السياسة التي تريدها الحكومة من هذا المشروع". وقال "إنها تريد أن تغيّب السياسة ولا تعرف تحديد الرؤية السياسية للمشروع فإذا كان مجلس تنفيذ المشاريع الكبرى لمدينة بيروت يأخذ صلاحيات من بعض الوزارات فإن هذا المشروع يكرّس أكثر الانتقاص من صلاحيات الوزراء. وأكد النائب بشارة مرهج "أن من الممكن في حال أدخلت الحكومة تعديلات أساسية وجوهرية على المشروع، أن يتم التصويت عليه ويقر ولكن من المستحيل الموافقة عليه بصيغته الراهنة". وكان الاجتماع بدأ بمداخلة للحريري شرح فيها نقاط الضعف التي يتضمنها المشروع محدداً ملاحظاته عليها. وقال "بعد اتفاق أوسلو سارعت السلطة الفلسطينية الى إنشاء مجلس أعلى للتخطيط من أجل مساعدات دولية لتنمية المناطق وسرعان ما تبين لها أنه عديم الجدوى ولجأ الى إنشاء مجالس". وأشار الى ان المشروع "يتضمن انشاء جهاز متعدد النشاطات في اطار هيكلية يصعب معها تحديد آلية عملها بوضوح وغير معقد ومتداخل حيث يؤدي عملياً الى عرقلة اقرار الخطط والبرامج والمشاريع وحسن مراقبتها. وقال ان "من شأن هذا المشروع بالغائه مجلس تنفيذ المشاريع الكبرى لمدينة بيروت، أن يقضي على قدرة المجلس البلدي فيها، باعتبار ان السلطة التنفيذية في بلدية بيروت تنحصر في يد محافظ العاصمة. ويؤدي بالتالي الى وجوب ان تطلب بلدية بيروت من وزير الشؤون البلدية والقروية العمل على احالة المشروع الذي ترغب في تنفيذه على المجلس الأعلى الذي يعود اليه ادخال المشروع المقترح في اطار خطته العامة وخططه المتعاقبة وبرامجه والمشاريع التي يرتأى تنفيذها وتلزيم هذا المشروع. وأضاف "لا ازدواجية أو تعددية في ان تنفيذ المشاريع المجالس الثلاثة الملغاة. وقد اثبتت التجربة ان هذه المجالس المقترح الغاؤها، كانت عملياً وراء تحقيق مجمل البنى التحتية والمشاريع الحيوية في البلد. ونفى ان يكون المشروع المقترح يهدف الى توفير المصاريف وسأل "اين جدول المقارنة؟ وكيف نحكم من دونه؟". وسأل: هل المجلس الأعلى للتخطيط والانماء هو مجلس وزراء مصغر أو مجلس ادارة انيطت به صلاحيات تعود في الأصل الى مجلس الانماء والاعمار؟ ومن هو المرجع القضائي الصالح للنظر في قانونية قرارات المجلس الأعلى المتخذة من رئيس مجلس الوزراء ووزراء عينوا في هذا المجلس بصفتهم الوزارية؟ هل هو المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء ام القضاء الاداري ام المدني أم الجزائي؟ ومن هو المرجع الذي يحق له ممارسة التفتيش على اعماله، وعند الاقتضاء، محاسبة اعضائه الوزراء وتحميلهم المسؤولية؟ علماً ان المشروع المقترح لم يلحظ أي رقابة أو دور لمفوض حكومة. وما هو وضع المجلس الأعلى عند استقالة الحكومة او في مرحلة تأليف حكومة جديدة وقبل نيلها الثقة، اذ ان صلاحية الوزراء عندئذ تقتصر دستورياً على تصريف الأعمال بالمعنى الضيق لهذه العبارة؟ وما هو مصير المشاريع التي تنفذها الآن المجالس الثلاثة الملغاة؟ مع الاشارة الى ان اصدار القانون ونشره الآن سيحصل قبيل موعد الانتخابات النيابية، وستكون الحكومة في حكم المستقيلة". وختم "إن اعمالاً ومشاريع كالتي سيتولاها المجلس الأعلى بمختلف هيئاته وأجهزته ولجانه لا بد من ان تخضع لنظام الرقابة الخارجي المعتمد دولياً، والمقرر الآن في مجلس الانماء والاعمار، والذي تفرضه كل مؤسسات التمويل الدولية كالبنك الدولي والصناديق الاجنبية والعربية". وبعد مداخلة الحريري. عارض نواب كثر دمج المجالس، الأمر الذي دفع بري الى القول "إن هذا الاجتماع هو الأخير للمناقشة" لافتاً الى ان المقبل سيخصص للتصويت فقط. وتزامن انعقاد الجلسة مع تنفيذ أهالي "مشروعي الزعني ومونتانا" في بياقوت في المتن الشمالي اعتصاماً رمزياً لليوم الثالث على التوالي امام المجلس في اطار اعتصامهم المفتوح لايجاد حل لقضيتهم بين الانهيارات التي حصلت في المنطقة وأدت الى تصدع شققهم واستحالة السكن فيها. وقابل وفد منهم بري لحظة دخوله المجلس وسلمه مذكرة تشرح الوضع فوعدهم بالبحث في الموضوع مع الوزير المر الذي التقاه لهذه الغاية ثم أوفد اليهم النائب شوقي فاخوري ليبلغهم بنتيجة لقائه المر الذي وعد بحلول قريبة. وأوصت اللجان المشتركة بالطلب من الحكومة معالجة انهيارات المباني عبر الهيئة العليا للاغاثة.