عندما تحدث لي أحد أقاربي عن آلام يشعر بها في بدنه طوال الوقت، حتى حينما لا يبذل جهدًا، وحتى بعد استيقاظه من النوم، أجبته بأن عليه أن يقرأ! كانت إجابتي مفاجِئة له، وقد ظن بأنني أبالغ بمحاولتي إقحام القراءة في كل شيء حتى في آلام البدن. حينها أجبته- وهو المتقاعد الذي لا يخرج من البيت إلا للضرورات- بأنني لا أبالغ؛ لأن للقراءة تأثيرًا غير مباشر على صحة الجسم؛ حين يوجه أحدنا قسمًا من قراءاته في المجال الصحي؛ لكي يعلم مثلًا بأن من أسباب بعض آلام الجسم نقصان معدل فيتامين د في الجسم، الذي يُكتَسَب بعدة طرق، منها التعرض للشمس. فحتى إذا كان يمارس أحدنا الرياضة داخل منزله، وكانت أنماط حياته كلها صحية، فسيبقى يعاني هذه الآلام التي لن يعلم سببها إلا بالمعرفة المتأتية من القراءة. لا ريب أن للآلام أسبابًا أخرى، ولا ريب كذلك أن لزيادة التعرض للشمس أمراضًا أو أعراضًا، لكن عدم القراءة سوف يبقيها مجهولة حتى يقرأ عنها أحدنا. وهنا لا ندعو الناس إلى أن يشخصوا أمراضهم وحدهم، لكنهم قد يستفيدون من القراءة؛ للحصول على بعض المعرفة المفيدة المتعلقة بصحتهم، بعدها يأتي دور الأطباء في التشخيص السليم وفي العلاج. وحتى حين التزام المريض بأنواع معينة من الأدوية فلا بد له أن يقرأ عنها، أو على الأقل أن يقرأ الأوراق المرفقة بالأدوية؛ لكي يتعرف على بعض خصائصها، أو على التأثيرات الجانبية لبعضها، والتي ربما لا يخبره بها بعض الأطباء لسبب ما. وبينما هناك عشرات الأمثلة على أمور يمكن أن يكتشفها القارئ حول صحته من القراءة، فقد تصيب كثرة مطالعة هذه الأمور بعضهم بهوس مبالغ فيه حول الصحة حين يقرأ أعراض بعض الأمراض فيتخيل بأنه يشعر بها أو ببعضها، فيشعر بالذعر، وقد يندفع إلى إجراء فحوصات لا ضرورة لها، بل قد يكون بعضها ضارًّا على المدى البعيد. وهنا تتجلى ضرورة التوازن في القراءة حول الصحة وبين تصديق ذلك ومقارنته بما يشعر به. المطلوب أن نقرأ ونعرف أكثر عن أجسامنا وأعراض أهم الأمراض، وأسباب هذه الأعراض أو الآلام. كل هذا يعد حالة صحية ما لم يتعد الحدود المعقولة، وأن يكون متواكبًا مع معرفة مستجدات وتطورات الأمور الطبية في مختلف جوانبها، جنبًا إلى جنب مع استشارة الطبيب المختص.