تمثل الحرف اليدوية عنوانًا للهوية ومرآةً تعكس أصالة المجتمع وعمق حضارته، يصوغها الحرفيون بمهارتهم لتكون شاهدًا على تفاعل الإنسان مع بيئته المحلية وامتدادًا لمسيرة الإنسان في البناء والإبداع. وتزخر المملكة بالعديد من الحرف اليدوية التي تحاكي جغرافيتها وتحكي تاريخًا من الإبداع يصل الماضي بالحاضر، ويجسد تنوع البيئات والمناطق وما تحمله من مهارات متوارثة شكّلت بصمة مميزة للهوية السعودية. وجاءت موافقة مجلس الوزراء على نظام الحرف اليدوية لتجسد اهتمام الدولة بهذا القطاع الحيوي، باعتباره جزءًا من توجه عام لتعظيم الصناعات الوطنية في مختلف المجالات، ولتعزيز استدامتها على المستويات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والثقافية، في إطار المساعي إلى تعزيز القطاعات غير الربحية والصناعات اليدوية كجزء من رؤية شاملة للتنمية المستدامة والاقتصاد المتنوع. ويهدف النظام الجديد إلى الحفاظ على هوية الحرف التقليدية وضمان نقلها إلى الأجيال القادمة، ويسهم في فتح آفاق جديدة لهذا القطاع، تماشيًا مع رؤية 2030 ومستهدفاتها الطموحة. وقد أولت المملكة اهتمامًا خاصًا بدعم صناعة الحرف اليدوية عبر إطلاق البرامج التدريبية والتأهيلية للحرفيين والحرفيات، وتمكينهم من تسويق منتجاتهم محليًا وعالميًا من خلال المعارض والفعاليات المتخصصة، إضافة إلى توفير منصات إلكترونية تعزز وصولهم إلى الأسواق الحديثة، كما دعمت الدولة المبادرات التمويلية والمشروعات الصغيرة والمتوسطة في هذا القطاع، بما يضمن استدامة الحرف وحماية الموروث الثقافي. وتتسق هذه الخطوة مع مبادرة وزارة الثقافة التي أعلنت عام 2025 عامًا للحرف اليدوية، في إطار جهود المملكة لترسيخ مكانة هذا القطاع محليًا وعالميًا، باعتباره تراثًا ثقافيًا وركيزةً أساسيةً من ركائز الهوية السعودية. إن دعم الحرف اليدوية اليوم لا يقتصر على صون الماضي، بل يمثل استثمارًا في المستقبل، حيث تبقى هذه الحرف مصدر إلهام وإبداع، وتفتح آفاقًا جديدةً لريادة المملكة عالميًا في حفظ التراث وتوظيفه لبناء مستقبل أكثر إشراقًا.