تتواصل التحركات الدبلوماسية الدولية بحثاً عن مخرج للأزمة الأوكرانية، التي دخلت عامها الرابع، في وقت أعلن فيه الرئيس الأمريكي دونالد ترمب أن أوكرانيا ستستعيد مساحات واسعة من أراضيها، مؤكداً أنه لا يسعى إلى إضاعة الوقت بل إلى إنهاء الحرب. ترمب شدد في مقابلة مع شبكة "فوكس نيوز" على أن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي مطالب بإبداء مرونة أكبر في المفاوضات المقبلة، بينما أبدى شكوكه حيال نوايا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، قائلاً: إنه قد لا يكون راغباً في إبرام اتفاق، لكن الأمر سيتضح خلال أسبوعين. وأشار إلى أن بوتين وزيلينسكي يسيران"على الطريق الصحيح"، لكنه أكد في الوقت ذاته أن انضمام كييف إلى حلف شمال الأطلسي، وعودة شبه جزيرة القرم إليها أمران "مستحيلان"، في إشارة جديدة إلى أن أي تسوية محتملة قد تقوم على مقايضات أو تبادل للأراضي. التصريحات الأمريكية ترافقت مع مقترح فرنسي جديد، حيث أعلن الرئيس إيمانويل ماكرون أن جنيف قد تكون المكان الأنسب لاستضافة لقاء مرتقب بين بوتين وزيلينسكي، مؤكداً أن الأيام الخمسة عشر المقبلة ستكون حاسمة على صعيد الترتيبات السياسية والأمنية. ماكرون أوضح أن الأوروبيين سيعملون على وضع ضمانات أمنية لأوكرانيا بالتنسيق مع الولاياتالمتحدة، في حين أكدت الحكومة السويسرية أنها ستمنح بوتين حصانة مؤقتة إذا قرر المشاركة في قمة سلام تعقد على أراضيها، رغم صدور مذكرة توقيف دولية بحقه. الاتحاد الأوروبي من جانبه جدّد التزامه بضم أوكرانيا إلى عضويته، في وقت استبعد فيه ترمب بشكل متكرر انضمام كييف إلى الناتو. وأوضحت المتحدثة باسم الاتحاد الأوروبي أريانا بوديستا أن بروكسلوواشنطن تعملان معاً على صياغة ضمانات أمنية لأوكرانيا، مشددة على أن الاتحاد يدعم أي مسعى دبلوماسي يفضي إلى سلام مقبول من قبل كييف. على الجانب الروسي، قال وزير الخارجية سيرغي لافروف: إن إدارة ترامب أظهرت فهماً"أعمق" لجذور الأزمة الأوكرانية بعد القمة التي جمعت ترمب وبوتين في قاعدة ألاسكا منتصف أغسطس. لافروف وصف أجواء المحادثات بأنها "إيجابية ومفيدة"، مشيراً إلى أن ترامب بدا جاداً في السعي نحو اتفاق طويل الأمد، وهو ما انعكس في تحركاته الأخيرة للتمهيد للقاء يجمع بوتين وزيلينسكي بوساطة أميركية وأوروبية. وفي موازاة هذه الجهود السياسية، تواصلت الإجراءات الإنسانية بين موسكو وكييف، إذ أعلنت السلطات الأوكرانية أنها تسلمت جثامين ألف جندي من روسيا، بينهم خمسة قضوا في الأسر. وجاءت هذه العملية في إطار اتفاق أبرم في إسطنبول يقضي بأن يعيد كل طرف ما يصل إلى ستة آلاف جثة، إلى جانب تبادل أسرى الحرب المرضى والمصابين. وبحسب الأرقام الرسمية، استعادت أوكرانيا منذ بدء هذه الترتيبات جثامين أكثر من 4800 جندي عبر عمليات تبادل متتالية، في حين يستمر التعاون بين الجانبين في هذا الملف باعتباره أحد المجالات النادرة التي تحقق فيها تقدم ملموس رغم تعثر المفاوضات السياسية.