الابياري الذي حول السينما سعادة دائمة

سلسلة الكتب القيمة أحياناً، والعادية في بعض الأحيان، التي تصدر عاماً بعد عام عن مطبوعات مهرجان القاهرة السينمائي، اعتنت خلال الدورة الأخيرة لهذا المهرجان بمجموعة متميزة تناولت ابرز كتاب الأفلام الكوميدية في مصر ومخرجيها وفنانيها. واذا كان يحق للمرء أن يفاضل بين هذه الكتب فسيجد من دون ريب، أن الأفضل بينها هو الكتاب الذي وضعه محمود قاسم عن ابو السعود الابياري. وليس فقط لأنه الكتاب الأول الذي يرد بعض الاعتبار الى كاتب سيناريو وحوار متميز، ظلمناه حين نسيناه طويلاً، ونسينا ان قلمه كان وراء بعض أجمل الأفلام الكوميدية التي امتعت أجيالاً عدة من المتفرجين العرب.
فمن "لو كنت غني" من اخراج بركات في العام 1942 الى "شقة مفروشة" من اخراج حسن الأمام في العام 1970، ساهم الابياري، كاتباً للقصة والسيناريو والحوار، وأحياناً للحوار فقط، وفي بعض الأحيان للأغاني، في عشرات الأفلام المصرية الناجحة،وبينها السلسلة التي حملت اسم اسماعيل ياسين، والى ذلك كتب الابياري عشرات المسرحيات، فترك بصمته اكثر من ثلث قرن، على جزء كبير من الحياة الفنية في مصر.
هذا التراث المرتبط باسم ابو السعود الابياري هو الذي يعالجه محمود قاسم على مدى ما يقرب من 250 صفحة، تشكل واحداً من أفضل الكتب التي وصفها هذا الكاتب المتعدد والنشيط حتى الآن. فهنا لم يكتف قاسم برواية حياة الابياري، بل استرجع الكثير من سمات فن الكوميديا في مصر، وحللها وتوقف عند ابرز افلام الابياري، وتحدث عن علاقاته المميزة مع اسماعيل ياسين ومحمد فوزي وأنور وجدي، فجاء الكتاب في نهاية الأمر اشبه بسرد لجزء أساسي من حياة الفن في مصر. ولعل ابرز ما يؤكده محمود قاسم هو ان أبو السعود الابياري كان واحداً من قلة من كتاب السيناريو في مصر من الذين كان اسم الواحد منهم على الملصق كافياً لجذب الجمهور الى الفيلم. ولم يكتف قاسم بهذا، بل شرح وبرر، وكرس من اجل تأكيده معظم صفحات هذا الكتاب الذي وضعه انطلاقاً من حب شديد لكاتب جعل الملايين يحبون السينما أكثر ويعيشون سعادتهم من خلالها.
إ. ع.
أبو السعود الابياري
تأليف: محمد قاسم
منشورات مهرجان القاهرة السينمائي.