الحياة الفطرية يطور الحوكمة ب« الثقوب الزرقاء»    القيادة تعزي ملك المغرب في ضحايا الأمطار والفيضانات    المملكة رائدة أمن المطارات في العالم    علماء يبتكرون مادة للبلاستيك تقاوم الحرائق    موجز    بسبب قمع المعارضين.. كندا تفرض عقوبات على مسؤولين إيرانيين    ترفض أي وجود لقوات غربية.. روسيا تسعى لإنهاء الحرب في أوكرانيا    «أمهات المختطفين»: عذبوا المحتجزين.. مطالبة باستبعاد مسؤولين حوثيين من مفاوضات مسقط    سمو ولي العهد يتلقى رسالة خطية من رئيسة جمهورية تنزانيا المتحدة    المنتخب السعودي يتوج بطلًا لكأس الخليج تحت 23 عاماً    أنظار عشّاق كرة التنس تتجه صوب جدة لنهائيات بطولة الجيل القادم    إطلاق برنامج «خبراء التطوير المهني» التعليمي    الإدمان النظيف.. كيف ندمن ما يقتلنا ببطء    أثر القراءة لا يزول    حوارية ب«كتاب جدة» حول الهوية الثقافية    الصحة العالمية: ظهور سلالة فيروسية جديدة للإنفلونزا    5 أشياء في منزلك تزيد من خطر السرطان    المملكة وسوريا تبحثان إنشاء مدن صناعية وتعزيز التعاون الاقتصادي    السواحه من الأمم المتحدة: صدارة سعودية في المؤشرات الدولية    غونزاليس مع القادسية.. أحلام حطمها قطبا جدة    المحكمة تأمر سان جيرمان بدفع 60 مليوناً لمبابي    28.88 مليار ريال رواتب موظفي القطاع غير الربحي    غرامة وسجن للعاملين لدى الغير    منطقة الرياض الأعلى في كمية الأمطار    تراجع النفط إلى أدنى مستوياته الشهرية    ساركوزي قد يمثل أمام القضاء مجدداً بشبهة التلاعب بالشهود    ترامب وقع أوامر تنفيذية في أقل من عام أكثر ممّا وقعه في ولايته الأولى    خيرية نظمي: لنا موعد في هوليود مع «هجرة»    جناح يوثق تحولات المشهد الثقافي السعودي    أمين «التعاون الاسلامي» يستقبل الوفود المشاركة في الاجتماع التشاوري لآلية التنسيق المشتركة    مليار دولار مشتريات الساعات الفاخرة    «سعود الطبية».. نجاح قسطرة نادرة لطفلة    اكتشافات أثرية    الأهلي يجدد عقد "ميندي" حتى موسم 2028    انطلاق التصفيات النهائية لمسابقة جائزة الجميح لحفظ القرآن الكريم في دورتها السابعة عشر    الأخضر يستأنف تدريباته استعدادًا للقاء الإمارات على برونزية كأس العرب    أمير جازان يستقبل القنصل العام لجمهورية السودان    الأمان المجتمعي يبدأ من الحوار    الإيمان يولد من المحبة لا من الخوف    اخطب لابنتك ولا تخطب لولدك    زيلينسكي: مقترحات إنهاء الحرب في أوكرانيا قد تُعرض على روسيا خلال أيام    4658 حالة إسعافية بالجوف    مشكاة يشارك في جناح الطفل بمعرض جدة للكتاب 2025    تعليم الطائف يؤكد أهمية الشراكات في تطوير الأداء التعليمي وتحقيق الاستدامة    أمير حائل يستقبل رئيس كتابة العدل بالمنطقة    غزة: وفاة رضيع بعمر أسبوعين نتيجة البرد الشديد    نائب أمير المنطقة الشرقية يطلع على برامج وجهود جمعية هداية للدعوة والإرشاد    أبها يحافظ على الصدارة.. وسباق الهدافين يشتعل بين سيلا سو و نوانكو    تجمع القصيم الصحي ينال الاعتماد البرامجي للتخصص الدقيق في طب العناية الحرجة للكبار    أمير جازان يستقبل مدير عام حرس الحدود    القحطاني: المقاطع المتداولة عن غرق مواقع في الرياض غير صحيحة ولا تعكس واقع الحالة المطرية    سعود بن طلال يكرّم الفائزين بجائزة الأحساء للتميّز    38 مليون عملية إلكترونية عبر «أبشر» خلال شهر    إغلاق موقع مخبوزات مخالف في جدة    القيادة تعزّي ملك المغرب في ضحايا فيضانات مدينة آسفي    علامة مبكرة لتطور السكري الأول    نائب أمير الشرقية يستقبل مجلس «مبرة دار الخير»    دور إدارة المنح في الأوقاف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إعلام فرنسي مستبد في جنازة بورقيبة
نشر في الحياة يوم 14 - 04 - 2000

لنا في تونس مثل شعبي يقول: "أهل الميت صبروا والمعزيين كفروا".
هذا المثل ينطبق اليوم على القناة التلفزيونية الفرنسية "تي.في.5" التي أتت غلوائية مخزية لمناسبة جنازة الرئيس بورقيبة في المنستير مسقط رأسه. وتجدر الملاحظة أن هذه الغلوائية ليست غريبة عن تلك القناة التي تواظب على حشر نفسها حشراً في المسائل التونسية البحتة لتبحث عما يؤذي تونس نظاماً وشعباً. فلا يوجد في أوروبا وفي العالم كله إعلام يؤذي تونس ويتعمد إيذاءها مثل بعض أجهزة الإعلام الفرنسي ولا سيما "تي.في.5". وما زلنا نتذكر، وما بالعهد من قدم، حملتها الهستيرية على تونس في الانتخابات الرئاسية الأخيرة!
هذه المرة أيضاً القضية تونسية بحتة، الميت تونسي والجنازة تونسية، والمشيعون تونسيون والذين يقبلون العزاء تونسيون. وهم وحدهم الذين يقررون إن كان ينبغي أن تنقل مراسم الجنازة مباشرة أم مؤجلة الى نشرة الأخبار القريبة، وهم وحدهم الذين يملكون العناصر كلها المعتمدة لاتخاذ القرار النهائي للنقل التلفزي المباشر من عدمه، فالمسألة يناقشها التونسيون وليس الإعلام الفرنسي.
لكن التلفزة الفرنسية "تي.في.5" هي التي تريد أن تجعل من نفسها صاحبة القرار، فتبرمج الحصة "حصة الحوار المزعوم" والنقل المباشر للجنازة من دون الرجوع الى التلفزة التونسية حتى تتأكد منها هل ستنقل مباشرة أم مؤجلاً، ولما تبين أن التلفزة التونسية قررت إجراء النقل الى نشرة الأخبار القريبة حيث يكون كل الناس في بيوتهم تقوم قيامة "تي.في.5" وتدعو الى الويل والثبور وتحول حصة حوارها المزعوم الى حصة ثلب وقذف وتجنيات، كأنما التلفزة التونسية فرع من تلفزة "تي.في.5" خاضع لإدارتها!
مشروع الخضوع هذا هو الوارد دائماً في ذهن "تي.في.5" وبعض أجهزة الإعلام الفرنسي مبرهنة بذلك على استبداد إعلامي، واستبداد فكري، واستبداد في التصرف! استبداد ولى عهده منذ أن أطاح بورقيبة نفسه وشعبه المناضل بالاستعمار الفرنسي.
ولكن بعد نصف قرن من الزمان يبدو في كل مناسبة أن العقلية الاستبدادية التفوقية ما زالت قائمة يغذيها لفيف من أجيال الفرنكوفونية في الخارج وفي الداخل.
وجن جنون "تي.في. 5" عندما اختارت التلفزة التونسية لأسباب تخصها طريقة أخرى غير النقل المباشر، وصاح "غي شطبون": حرمونا الفرجة... الفرجة حق قبل الخبز! مما اضطر السفارة التونسية بباريس أن تذكره وزملاءه في حصة الحوار أن التقاليد التونسية في مثل هذه المناسبة هي الترحم والابتهال وطبعاً ليس الفرجة. أولئك الفرنسيون أو المكتسبون للجنسية الفرنسية الذين نصبوا أنفسهم بورقيبيين أكثر من البورقيبيين الحقيقيين بل أكثر من بورقيبة نفسه، كم عانى منهم الرئيس بورقيبة قبل استقلال تونس وبعده! كم عانى منهم وهو يمسك بمقاليد الحكم ويسعى لبناء الدولة الحديثة.
هذا طبعاً باستثناء جان دانيال أحد أطراف الحوار والذي كان صديقاً حميماً لبورقيبة طوال مسيرته السياسية وبعدها، وقد أمكنه في هذه الحصة أن يقول كلمة حق وهو يشهد أن صحة الرئيس بورقيبة كانت متداعية جداً عندما أقيل من الحكم. هي شهادة قد تنفع المتشككين والمشككين في فرنسا، ولا تقدم شيئاً جديداً للشعب التونسي الذي يعرف ذلك جيداً جداً.
"غي شطبون" أيضاً، على رغم تحامله الواضح والمؤسف أمكنه أن يبوح من ناحيته أن إنجازات تونس نظاماً وشعباً ونضجها السياسي وتطورها الاجتماعي ونجاحها الاقتصادي رفعت تونس الى المرتبة الأولى في محيطها العربي الإسلامي، شهادة تسفه المسؤول عن حصة الحوار المزعوم، كما تخالف كلياً المزاعم التي عبر عنها رئيس اللجنة العربية لحقوق الإنسان في مقال نشر أخيراً في "الحياة" أن الشعب التونسي يجد نفسه يتأخر كل يوم في السلم الترتيبي للشعوب! أي والله هكذا زعم في غياب الرشد!!
ليت الاعتراف بالحقائق يغلب التعامي عنها.
* كاتب تونسي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.