أمير تبوك يكرم الفائزين بجائزة سموه للمزرعة النموذجية في عامها ال ٣٣    وزير الاسكان يدشن اول الضواحي بالعاصمة المقدسة    ظروف «مروِّعة» في المواصي    مانشيني : مباراة الغد ضد منتخب باكستان مهمة لتعزيز صدارة المجموعة    القيادة تهنئ ملك الدنمارك    بالصور أرماح الرياضية تفتتح فرعين نادي بي فت بجدة    فيصل بن فرحان يستقبل نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية العراقي ووزير الخارجية الكويتي    اعتماد إستراتيجية «الأولمبية والبارالمبية السعودية» ل 7 سنوات    سفارة المملكة في القاهرة: العثور على جثة المواطن هتان شطا    رابطة العالم الإسلامي تُرحِّب بمصادقة برلمان سلوفينيا على قرار الحكومة باعترافها بدولة فلسطين    حرارة الأرض ترتفع بشكل غير مسبوق    ضبط 9 مخالفين لأنظمة الحج لنقلهم 49 مخالفا ليس لديهم تصريح    مبادرة لترقيم الأشجار المعمرة    الخريف: المملكة والمغرب يساهمان ب40% من الإنتاج العالمي للأسمدة الفوسفاتية    «سلمان للإغاثة» ينتزع 1.406 ألغام في اليمن خلال أسبوع    المخلافي: حضور السعودية من أجل التنمية والإعمار.. ومشاريع إستراتيجية في مواجهة الخراب    لأول مرة في الحج.. نظام ذكي لرصد تساقط الصخور على عقبة الهدا    أمير المدينة يكرم الطلاب والطالبات الفائزين بجائزة المواطنة المسؤولة    وزير التجارة في «الشورى»: نمو السجلات التجارية 43% في 6 سنوات.. إغلاق المنشآت ليس ظاهرة    السوري «قيس فراج» منفذ الهجوم على السفارة الأمريكية في بيروت    إجراء أول عملية قلب مفتوح بالروبوت الجراحي بمستشفى الملك فهد الجامعي في الخبر    سفير المملكة لدى كوت ديفوار يتفقّد الصالة المخصصة لمبادرة "طريق مكة"    متوسطة ابن المظفر بالظهران تحتفي بتخريج الدفعة 30    "مركزي" القطيف ينقذ عين وافد ثلاثيني بعملية جراحة معقدة    فعالية "اليوم العالمي لمكافحة التدخين"    الأمن الأردني يحبط تهريب تهريب 9.5 ملايين حبة مخدرة متجهة للمملكة    إي اف جي هيرميس تنجح في إتمام خدماتها الاستشارية لصفقة الطرح العام الأولي لمجموعة «فقيه للرعاية الصحية»،    المحكمة العليا تدعو إلى تحري رؤية هلال شهر ذي الحجة مساء غدٍ الخميس    صندوق الاستثمارات العامة يعلن تسعيراً ناجحاً لأول عرض سندات بالجنيه الإسترليني    النفط يتراجع لليوم السادس والذهب يرتفع    ثغرة أمنية واختراق حسابات شهيرة ب"تيك توك"    استمرار توافد ضيوف الرحمن إلى مطار الملك عبدالعزيز بجدة    رونالدو بحاجة لتمريرتين حاسمتين ليعادل الرقم القياسي للاعب الأكثر صناعة للأهداف    «نمّور» يلهم الشباب والأطفال بأهمية الحفاظ على البيئة    «الأرصاد»: طقس مكة والمشاعر في الحج حار إلى شديد الحرارة    النسخة5 من برنامج "جسور" لتأهيل المبتعثين بالولايات المتحدة    الأرصاد: عودة ارتفاع الحرارة    الإسباني "هييرو" يتولى منصب المدير الرياضي في النصر    تستمر 3 أيام.. والرزيزاء: احتفالنا ليس للصعود    انطلاقة مشرقة لتعليم عسكري احترافي.. الأمير خالد بن سلمان يدشن جامعة الدفاع الوطني    الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف بمنفذ الوديعة الحدودي    السعودية واحة فريدة للأمن والأمان ( 1 2 )    صدق أرسطو وكذب مسيلمة    الحسيني وحصاد السنين في الصحافة والتربية "2"    تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين.. مؤتمر دولي عن البرنامج السعودي للتوائم الملتصقة    «لا تضيّقها وهي واسعة» !    وزير الشؤون الإسلامية يناقش تهيئة المساجد ومتابعة احتياجاتها    تعزيز مبادرة أنسنة الخدمات بتوفير مصاحف «برايل» لذوي الهمم من ضيوف الرحمن    جمعية تعظيم تطلق مبادرة تعطير مساجد المشاعر المقدسة    عالم عطور الشرق !    كيف يمكننا أن نتخذ قراراتنا بموضوعية؟    من أعلام جازان… فضيلة الشيخ الدكتور علي بن محمد الفقيهي    تخصيص منزل لأبناء متوفية بالسرطان    بعد انتشار قطع ملوثة دعوة لغسل الملابس قبل الارتداء    أمير تبوك يشيد بجهود المتطوعين لخدمة الحجاج    أمير نجران يُثمِّن جاهزية التعليم للاختبارات    أمير تبوك يستعرض الجهود والإمكانيات لخدمة ضيوف الرحمن    رئيس هيئة الأركان العامة : جامعة الدفاع الوطني تؤسس لمرحلة جديدة وانطلاقة مشرقة لمستقبل تعليمي عسكري احترافي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الاسلاميون والتجربة الديموقراطية في كردستان العراق
نشر في الحياة يوم 02 - 02 - 2000

شهد كانون الأول ديسمبر الماضي في كردستان - العراق موجة من الانفجارات والاغتيالات السياسية وحملات الاعتقالات السياسية، وطالت الانفجارات مراكز الكثير من الاطراف السياسية، اذ تعرض احد مراكز التركمان الى الانفجار، كما تم تفجير مكتب "الاغاثة الاسلامية" في أربيل. وفي تعقيب له على هذه الاحداث صرّح رئيس الاتحاد الوطني الكردستاني جلال طالباني في منتصف الشهر الماضي قائلاً: "اننا ضد من يهاجم المقدسات ولكننا ندين الارهاب باسم الاسلام الذي تعرّض له بعض الكتّاب وسنضع لهم حداً". كما ازدادت في الآونة الاخيرة عمليات الاعتقال التي تقوم بها منظمات الحزب الديموقراطي الكردستاني في أربيل ودهوك ضدّ العناصر الاسلامية. وتهاجم الصحف التابعة لهذا الحزب الاسلام السياسي.
لأجل فهم هذه الاحداث لا بد من تسليط الضوء على الوضع الكردي عموماً وعلى فصائل التيار الاسلامي المتنامي في كردستان، وتصورات هذا التيار حول التجربة الديموقراطية في كردستان العراق.
لو تركنا جانباً تدخل القوى الاقليمية التي كانت في السنوات الأخيرة فيصلاً حاسماً في توازن القوى في كردستان، نرى ان الاسلاميين أيضاً يكوّنون بدورهم جزءاً مهماً في توازن القوى داخل المنطقة الكردية، وهناك مؤشرات في الأفق تعبر عن نموّ ملحوظ للأحزاب والجماعات الاسلامية داخل المنطقة.
ولم يكن ظهور تيار الاسلام السياسي امراً غريباً بالنسبة للمطّلعين على تاريخ الكرد والقضية الكردية. فمعظم دعاة الصحوة القومية من بين الكُرد كانوا من الكتّاب والشعراء الاسلاميين الاصلاحيين من امثال ملاّ محمد الكبير وحاجي قادر الكويي. ودعا هؤلاء الشعراء في منتصف القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين الى كيان اسلامي كردي يحفظ للكُرد هويتهم القومية. كما ان معظم قادة الحركة القومية الكردية في القرن التاسع عشر ومنتصف القرن العشرين كانوا من شيوخ الطرق الصوفية كالقادرية والنقشبندية.
أما القائد الملا مصطفى بارزاني كان يطرح نفسه دوماً كقائد للحركة الكردية عموماً وليس كرئيس للحزب الديموقراطي الكردستاني فقط، وكان عماد قوته العسكرية الى نهاية الستينات من مريدي الطريقة الصوفية البارزانية. وتميز بارزاني بثقافته الدينية وأطلق عليه "الملا" أي "عالم دين" والتفّ حوله علماء الدين في كردستان، وأمر بتطبيق قوانين الشريعة في المناطق التي كانت خاضعة لسيطرة قواته في الفترة 1961 - 1969.
أما اذا أردنا القاء نظرة الى ظهور التيار الاسلامي المعاصر في كردستان، فقد كان هناك في الستينات عناصر من تنظيم "الاخوان المسلمين" في المدن الكردية. الا ان هذا التيار فشل من ان يكوّن لنفسه جذوراً في المناطق الكردية لأسباب عدة، منها كون تنظيم الاخوان آنذاك تنظيماً تربوياً اصلاحياً غير مهتمّ بالظلم السياسي الواقع على الكُرد المسلمين وبمعاناتهم بل كانت أدبياتهم تعكس، في كثير من الاحيان، التصور الرسمي للنظام تجاه الحركة الكردية.
وفي الفترة 1975 - 1979 ترك بارزاني قيادة الحركة الكردية، وسيطر التيار الماركسي على معظم الشرائح المثقفة للحركة القومية في كردستان. وإزاء هذا الوضع ظهر تيار من العلماء الحركيين الاسلاميين من امثال الشيخ محمد شاندري والشيخ علي بيارة. وفي السبعينات ظهر تيار اسلامي اخواني وكان تحت تأثير آراء سيد قطب الراديكالية. وفي عام 1978 أسّس العلماء الحركيون مع التيار القطبي "الرابطة الاسلامية في كردستان" وكان هذا التنظيم سرياً ويركز على العمل الدعوي والتصدي للأطروحات الماركسية. وبعد انطلاق الثورة الايرانية اصبح للتيار الاسلامي في كردستان ظهير ايديولوجي ودعم لوجستي. فاهتمت الحكومة الايرانية بترجمة ادبيات الثورة الايرانية الى الكردية خصوصاً كتابات علي شريعتي وآية الله مطهّري وآية الله محمد باقر الصدر. وأثناء الحرب العراقية - الايرانية 1980 - 1988 لجأت الحكومة الايرانية الى تقديم الدعم المادي والعسكري للرابطة الاسلامية التي تحوّلت الى فصيل عسكري معارض للنظام العراقي. كما قامت الحكومة الايرانية بدعم جهود عباس شبك بتأسيس الجيش الاسلامي الكردي، الذي قام جلال طالباني، وبإشارة من الحكومة الايرانية - بضربه لوجود صلات وثيقة بين قيادة الجيش الاسلامي والحكومة الليبية. كذلك اسس محمد خالد بارزاني وأدهم بارزاني فصيلاً عسكرياً باسم حزب الله الكردي، الذي ظلّ فصيلاً محصوراً بعشيرة البارزاني.
واستطاعت الرابطة الاسلامية في كردستان ان تكسب تأييد الكثير من علماء الدين في الريف والتحق بفصائلها المسلحة العديد من الشباب الذين كانوا متأثرين بتجربة الجهاد الأفغاني آنذاك.
وفي نيسان ابريل 1987 نظّم التنظيم الداخلي للرابطة الاسلامية في كردستان انتفاضة كبيرة ضد سياسة التهجير التي كانت الحكومة العراقية تنوي القيام بها في منطقة شهرزور في محافظة السليمانية. وقاد هذه الانتفاضة علماء وعلى رأسهم الشيخ عثمان عبدالعزيز - رحمه الله - الذي كان أكبر مرجع للشافعية في العراق ومعروفاً بمواقفه السياسية المعارضة لكثير من الحكومات العراقية. وبعد فترة قصيرة استطاعت الحكومة العراقية اعادة سيطرتها على منطقة شهرزور وحلبجة وهذا ما اجبر الشيخ عثمان عبدالعزيز الى الهرب الى ايران مع العديد من العلماء المساندين لتنظيم الرابطة الاسلامية. وبعد وصول الشيخ عثمان الى ايران اصبح مرشداً عاماً للرابطة الاسلامية التي تحولت بعد ذلك الى تنظيم جديد باسم "الحركة الاسلامية في كردستان - العراق".
وفي الفترة 1987 - 1991 استطاعت الحركة الاسلامية بناء شبكة واسعة من التنظيمات في المدن الكردية، وكما نمت فصائلها المسلحة وبدأت تقلق الاجهزة الأمنية والعسكرية الحكومية. واستطاعت بناء علاقات ودية مع الفصائل الكردية الاخرى التي لم تكن مرتاحة من هذا الفصيل المنافس والمعارض لها ايديولوجياً.
وفي عام 1988، أسس تنظيم الاخوان المسلمين - العراقي في الخارج تنظيماً اغاثياً باسم "الرابطة الاسلامية الكردية" الذي ركز في البداية على جهود الاغاثة ثم حاول تجميع العناصر الاخوانية في المنطقة الكردية. وقامت الرابطة الاسلامية الكردية بجهود كبيرة في اعادة بناء القرى المهدمة وبناء المساجد فيها وتزويدها بالماء والكهرباء وتقديم المعونات المادية والصحية في المدن الكردية. وفي عام 1994 وبعد اصدار قانون الاحزاب والجمعيات في كردستان، تحول تنظيم الرابطة الاسلامية الكردية الى حزب "الاتحاد الاسلامي في كردستان".
شارك الاسلاميون في انتخابات عام 1992 في كردستان بقائمة موحدة. وكان قانون الانتخابات ينصّ على حصول القائمة الواحدة على 7 في المئة كحد أدنى للفوز بمقعد برلماني. اعترض الاسلاميون الذين فازوا ب5 في المئة من الاصوات على نتائج الانتخابات واشتكوا من حصول تجاوزات غير قانونية في الانتخابات. ويعتقد الاسلاميون بأن نسبة 5 في المئة لا تمثل حجمهم الواقعي وإن هذه التجاوزات كانت اتفاقاً خفياً بين الحزب الديموقراطي والاتحاد الوطني لحرمانهم من المقاعد البرلمانية.
لو تركنا مسألة تزوير نتائج الانتخابات، على رغم جديتها، جانباً، فإننا لا نزال نعتقد بأن القائمة الاسلامية لم تحصل على نسبة حقيقية تتناسب مع الدعم الحقيقي الذي يحظى به التيار الاسلامي لأسباب عدة، منها ان الحركة الاسلامية وحتى أيام قليلة قبل الانتخابات لم تحسم بين فصائلها مسألة جواز المشاركة فيها. وكان هناك بعض الأفراد في القيادة وبعض الكوادر يشكك بمسألة شرعية الاشتراك في الانتخابات وكان آخرون يرون بأن التيار الاسلامي لم يكن مهيئاً بعد لخوض انتخابات مع الأحزاب الأخرى التي كانت تملك امكانات ذاتية قوية اضافة الى الدعم الخارجي.
اما تنظيم الاخوان المسلمين فلم يكن في عام 1992 علنياً، فدخلت عناصر "القائمة الاسلامية" كأشخاص مستقلين. لذلك كانت القائمة الاسلامية تفتقر الى برنامج انتخابي متبلور مع عدم وجود وسائل اعلامية مناسبة للوصول الى الناخب الكردي، مع ان المرحوم الشيخ عثمان كان يؤمن بعملية التعايش السلمي مع الاطراف الكردية، وكان حريصاً على اقامة علاقات متناسقة مع كل من طالباني وبارزاني. وفي خطاب له في نيسان 1992 في مدينة السليمانية قبل الانتخابات صرح قائلاً: "نحن نحمل السلاح لا لاستخدامه كوسيلة للتغيير بل حتى ندافع عن الدعوة الاسلامية وعن كردستان اذا ما تعرضت لهجوم القوات الحكومية". وكان هناك ضمن قيادة الحركة الاسلامية قادة يبدون عدم قناعتهم بالتجربة الانتخابية، مثل الشيخ علي بابير الذي ألف كتاباً باللغة الكردية تحت عنوان "الإيمان بين الاسلام والبرلمان" تناول فيه مسألة الديموقراطية وتجربة الانتخابات تناولاً لا يختلف كثيراً في اطروحاته عن آراء علي بلحاج في الجزائر.
اما حزب الاتحاد الاسلامي فإنه يؤكد على الديموقراطية كوسيلة وحيدة لإحداث التغيير السياسي المنشود في كردستان، لذلك نرى ان هناك تعارضاً بين هذا الحزب وبين الحركة الاسلامية التي ينتقد منهجها في حمل السلاح.
هناك الكثير من المؤشرات تؤكد بأن التيار الاسلامي في كردستان اليوم له تصور اكثر ايجابية عن الانتخابات. فتجربة 1992 - 1999 كانت صعبة للحركة الاسلامية وكادت ان تقضي على وجودها. والمواجهات العسكرية التي حصلت بينها وبين الاتحاد الوطني الكردستاني علّمتها ان من مصلحتها ان تسعى من اجل التعايش السلمي وتفادي كل السبل المؤدية الى المواجهات العسكرية مع اي طرف كردي. وهذا هو نهج الحركة الاسلامية في التعامل مع القوى الكردية منذ عام 1996 اذ بادر كل من الحركة الاسلامية والاتحاد الاسلامي خلال السنوات الماضية للتقريب بين الحزب الديموقراطي والاتحاد الوطني المتصارعين. كما ان الحركة الاسلامية وحزب الاتحاد الاسلامي يعرفان جيداً ان من مصلحتهما الحفاظ على الكيان الكردي القائم في المنطقة لأن سقوط هذه الادارة تعني عودة النظام العراقي التي لا تقبل بالتعايش مع الاسلاميين بأي حال من الأحوال.
كما ان الحركة الاسلامية اليوم تقودها قيادة براغماتية اكثر عملية وانفتاحاً على التجربة الديموقراطية ويعتبر مرشدها الشيخ علي بن عبدالعزيز سياسياً محنكاً. وهذه القيادة، اخذت درساً من الفوضى والتطرف والصراعات الجانبية الدموية التي انتكست بها التجربة الأفغانية التي افقدتها بريقها وأثرت سلبياً على العناصر الراديكالية في العالم الاسلامي ومن ضمنها كردستان.
وتتصدر اليوم قيادة الحركة عناصر شابة تطالب ببناء المجتمع المدني والحوار مع الاطراف الكردية الاخرى وتؤمن بأن صناديق الاقتراع هي التي ستحسم المسائل السياسية لصالح التيار الاسلامي. وان للشيخ علي عبدالعزيز صلات ودية مع طالباني وخطت العلاقة بين الحزبين خطوات كبيرة في السنين الماضية، تجاوزت السلبيات التي كانت موجودة، اذ ان حكومة السليمانية الآن هي حكومة ائتلافية ناجحة بين الحركة والاتحاد الوطني.
وترتبط الحركة الاسلامية بصلات وثيقة مع المعارضة العراقية ايضاً، خصوصاً المؤتمر الوطني العراقي الداعي الى بناء عراق ديموقراطي وتعددي. وحتى على المستوى الدولي نرى ان لدول المجموعة الأوروبية والولايات المتحدة تصورات ايجابية عن الحركة الاسلامية. وهذا ما حدا بإدارة الرئيس الاميركي إدراج اسم الحركة الاسلامية ضمن الاحزاب العراقية الستة البارزة التي تحاول ان تتبنى النظام الديموقراطي في عراق ما بعد النظام الحالي.
اما بالنسبة لحزب الاتحاد الاسلامي الذي يعد الفصيل الأكثر تنظيماً وتماسكاً وشعبية داخل التيار الاسلامي، فإنه لا يرى من بديل عن الديموقراطية وفي الوقت نفسه يشارك حالياً في التشكيلة الوزارية التي شكلها الحزب الديموقراطي الكردستاني في حكومة أربيل المنطقة الخاضعة لسيطرته، اما في الحكومة الخاضعة لسيطرة الاتحاد الوطني الكردستاني في السليمانية فإنه غير مكلّف بإدارة أية وزارة فيها على رغم حفاظه على علاقات ودية مع الاتحاد الوطني.
وعلى رغم تعرض الكثير من اعضاء هذا الحزب لمضايقات من قبل الحزب الديموقراطي في حكومة اربيل، فانه يحاول دوماً استيعاب الخلافات وتضييقها. ويمكن بوضوح ملاحظة الكثير من التشنج والقلق من قبل الحزب الديموقراطي في علاقته مع حزب الاتحاد الاسلامي. ويعود ذلك الى النمو المطرد لشعبية الاتحاد الاسلامي في مناطق النفوذ التقليدية للحزب الديموقراطي الكردستاني. فإن عدم تورط حزب الاتحاد الاسلامي كطرف في المعارك الكردية - الكردية في العقد الماضي وقيامه بعمليات إغاثة واسعة النطاق، وتقديمه الكثير من الخدمات الاجتماعية والصحية وامتلاكه لجهاز اعلامي قوي ومتطور، كل هذا مكن هذا الحزب من النمو المطرد بين الجماهير الكردية. ويمكن القول انه على رغم تأخر بروز الاسلام السياسي في كردستان قياساً الى الشرق الأوسط الا انه في حال صعود ملحوظ. فالمعارك الداخلية بين الأحزاب العلمانية الكردية كانت سبباً في استنزافها وأصبح الطرف القومي في ازمة ثقة لدى شريحة واسعة من الناس.
ويترتب على هذه المسلّمة انه في حال اللجوء الى صناديق الاقتراع سيكون الفوز لكفة الطرف الذي يتحالف مع الاسلاميين.
لذلك فإن حملة التفجيرات والاغتيالات التي شهدتها كردستان حديثاً وأدانها كل من الفصيلين الاسلاميين الرئيسيين، تكون إما من صنع بعض العناصر المتطرفة التي تعيش على هامش التيار الاسلامي، او من عمل النظام العراقي او الدول الاقليمية الراغبة في انهاء الكيان الكردي. والاحتمال الثاني هو ما نوّه اليه بيان كل من الحركة الاسلامية وحزب الاتحاد الاسلامي، اذ تعتقد المصادر الاسلامية بأن هناك طرفاً ثالثاً يحاول دفع الحزبين الكرديين الرئيسيين، خصوصاً الديموقراطي الكردستاني الى مواجهة مسلحة مع الاسلاميين.
* كاتب عراقي كردي مقيم في تورنتو مختص بتاريخ الكرد وشؤون الحركة الاسلامية في كردستان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.