بيننا الآن منطلقٌ للتواشيح هل تستحي ان تبوحَ بأسرارِ وجدِك؟.. قُل لي لماذا اذا نثر الاقحوانُ جدائله واستوى فوق عرش الوجود تراجعت الكائناتُ الى ذاتها واستعارت تواشيحَ من سافروا للبعيد؟ * اصيخُ هنا لابن زيدون تلك القصائد كم نشرَت عرْفها لأندلُسي يُهدهِد حلما؟ * تراجعُني الهامساتُ خُطى لقصائدها آه "ولاّدة" الفخر اذ تتجلى ليس لي حرفُها. فلماذا تحمّلُني حزنَها وتزيد؟ ولماذا صداها يراودُني ويراوغُني.. لماذا كأمسِ الطلولِ يعاندُني ويسود؟ * للطولِ متاهاتُها، وما اعتدتُ إلا بكاءَ الطلولِ.. كما فعل السابقون.. فما كان لي عينُ "زرقاء" حتى ارى قادماً من بعيد ولا كان لي شوقُ "عفراء" كي يتسامق نحوي الغريبُ القريبُ الحبيبُ البعيد. * لم اكن.. قبل إطلالةِ الوجدِ في شرفاتِ التجلّي.. سوى همسة للرياح.. التي قد تهبّ.. وقد لا تهبّ.. وما كنت ادركُ ان الرياح الدمشقيّة اللون ترخي بقلبي عواصفَها وأني على عصفِها استعيد لصوتيَ ما قالت الريحُ للاقحوانةِ يومَ استبدّت بها فانتثرتُ بِصمتي انادي الشرودَ العنيد: يا ابن زيدونَ قل لي.. * وفاجأني في التواشيح صوتي فأشرعتُ كلّ المصاريع والشرفات المصونةَ. قلتُ: غداً عندما تستبيحُ الرياحُ سكوني واعصفُ سوف على نبضِها استميحُ الوجودَ وجودا جديدا، واهمسُ كالاقحوانِ بِبَوحي: انا اختُها، اختُ "ولاّدة" الفخر والعزُّ بيتي عتيق عتيد.. * وقفتُ على شرفاتِ السكونِ بِقرطبة الأمس أبكي واتركُ حزني وحزنَ البلادِ يعرّش في المشربيَّات في الشرفات الصقيلة في دفء أمس الذي كان ثم استحالَ طلولا تطلُّ على رقصةِ الغجريّات صخباً.. وفي النبضِ ايقاعُ موتي إذا ضرباتُ الدفوفِ تراوحُ ما بيننا * ترى ما الذي كان ما بيننا يا ابن زيدون؟ مازلتُ اسأله.. قرارةُ حزني موتي.. عزفٌُ لقيثارةٍ تستفزُّ الجوانحَ نائحةً .. تستغيثُ .. اروِنا الآن فيض وجودٍ .. تعيثُ بنبضي أنّاتُها.. وتجود زماناً بأشجان امس تصاهل بي وصلُهُ زاخراً مستفيضاً يعود ب"ولاّدة" الآن صوتي.. يعود.. كوستا دل سول - اسبانيا