تقدر المنظمات الدولية قيمة الاعباء المالية المترتبة على اغاثة مليون لاجئ نزحوا أخيراً من كوسوفو بنحو بليون دولار. وقالت المفوضية العليا للاجئين إنها تنوي توجيه نداء جديد إلى المانحين الدوليين لتقديم قدر إضافي من المساعدات المالية لمواجهة الكارثة الانسانية في كوسوفو، وحذرت من ضرورة الاستعداد لأزمات أخرى في المستقبل القريب، على الصعيد الاغاثي. وذكر الناطق باسم المفوضية العليا في جنيف بول سترامبورغ ل"الحياة" ان المبالغ التي قد يحتاجها اللاجئون والنازحون من كوسوفو سترتفع مئات ملايين الدولارات في الأشهر المقبلة، واعترف بأن "الحديث عن وصول قيمة المساعدات المطلوبة إلى بليون دولار ليس بعيداً عن الواقع والمنطق". ويتكدس مئات آلاف النازحين ممن تقطعت بهم السبل في مخيمات غير صحية أقيمت على عجل وتفتقد إلى الشروط الصحية والأمنية المناسبة في كل من ألبانياومقدونيا ومونتينغرو، وهي الجمهوريات المحاذية لكوسوفو، حيث شنت القوات الصربية حملات اقتلاع عرقي منظمة منذ بدء الغارات الجوية للأطلسي في 24 الشهر الماضي. وتجاوز عدد اللاجئين الذن طردوا من منازلهم في الاقليم الألباني الجنوبي في الأسابيع الأربعة الأخيرة مليون لاجئ، وصل نحو 800 ألف منهم إلى دول الجوار، في حين لا يزال هناك نحو 300 ألف إلى 400 ألف يشقون طريقهم وسط الثلوج والمنحدرات الوعرة نحو الحدود. وذكر سترامبورغ أن المفوضية العليا للاجئين أعادت النظر في كلفة برامج الاغاثة بعد التطورات الأخيرة التي سرّعت وتيرة التهجير الاقتلاع العرقي. وقال: "كنا نتوقع في موازنتنا السابقة نزوح 100 ألف لاجئ إضافي. إلا أن الوضع انقلب تماماً وتجاوز كل تقديراتنا". وتضع المفوضية العليا للاجئين، التي صدرت انتقادات عدة لها بسبب تقصيرها عن تلبية حاجات النازحين بالسرعة اللازمة، موازنتها السنوية لكل برنامج إغاثة على حدة، وتطلب من المانحين الدوليين تمويله وتغطي نسبة بسيطة فقط من موازنة الأممالمتحدة. ولاحظ الناطق الرسمي أن "ضخامة المشكلة وحجم الاهتمام الدولي ومشاركة دول كبري في النزاع الدائر شكلت مجتمعة عوامل ساعدت على تغطية أكلاف البرنامج الخاص باللاجئين في كوسوفو". وكانت المنظمات والمؤسسات الدولية التابعة للامم المتحدة أطلقت في كانون الأول ديسمبر الماضي نداء لتغطية كلفة برامج تنمية ومساعدات انسانية لجمهوريات يوغسلافيا السابقة والبانيا خلال السنة المالية 1999 بقيمة 359 مليون دولار، تحصل المفوضية العليا على 168 مليوناً منها. إلا أن المفوضية عادت وأطلقت نداءين الشهر الجاري لجمع مبلغين إضافيين بقيمة 3،43 مليون و21 مليون دولار على التوالي، في حين أطلقت بقية المنظمات الانسانية الدولية نداءات لجمع أكثر من 50 مليون دولار من المانحين الدوليين. وقال سترامبورغ: "المبلغ الاجمالي الذي طلبناه حتى الآن يصل إلى 233 مليون دولار، وهذه تكفي لمدة ثلاثة أشهر تنتهي في حزيران يونيو المقبل وتغطي حاجة 650 ألف شخص فقط". وأضاف: "نستعد لاطلاق نداء ثالث عاجل لجمع مزيد من الأموال خلال الأسبوع الجاري". ولم يستبعد أن يتجاوز حجم المساعدات بليون دولار وقال: "ليس من المستحيل أو من غير المنطقي أن نفكر برقم من هذا القبيل، لكن هذا مرتبط بتطور الوقائع على الأرض. ومن الأكيد أن يزداد حجم المساعدات التي سيحتاجها ايواء النازحين الكوسوفويين مئات ملايين الدولارات". وتابع: "إذا طالت الأزمة حتى الشتاء المقبل سيكون علينا أن نستعد لإقامة مبان صلبة أكثر متانة، حتى ولو مؤقتة، لنضمن للنازحين التدفئة والتسهيلات الملائمة لفصل الشتاء القارس هناك. وإذا لاحظنا أن الثلوج لا تزال تهطل على رغم أننا في شهر نيسان ابريل فلنا أن نقدر صعوبة الشتاء في هذه المناطق الجبلية". وتعهد الاتحاد الأوروبي تقديم 160 مليون دولار مساعدات عاجلة للنازحين الكوسوفيين، في حين رصدت الدول الأوروبية والاسلامية مساعدات عاجلة بعشرات ملايين الدولارات. واستخدم حلف الاطلسي موارد مالية مخصصة للجنود لتهيئة مواقع المخيمات التي لجأ اليها النازحون. وقال منسق "المركز الاوروبي - الاطلسي للرد على الكوارث" في بروكسيل إيفيرد سومر ل"الحياة" إن أكثر من خمسة آلاف جندي مخصصين لأعمال عسكرية شاركوا في بناء معسكرات للاجئين في مقدونيا، في حين تم تخصيص 3،7 ألف جندي في ألبانيا "حيث الوضع أكثر صعوبة وعدد النازحين مرتفع للغاية" لبناء مخيمات ومعسكرات للاجئين. وأضاف: "نحن ننسحب من هذه المعسكرات بأسرع ما يمكن ونسلمها للمنظمات الانسانية لأننا لسنا هناك لإدارة مخيمات للاجئين وثمة منظمات أفضل تجهيزاً منا لهذا الغرض". وأشار إلى صعوبة تحديد الكلفة التي سيتحملها الحلف الأطلسي، وقال :"هذا أمر يتعين تحديده داخل موازنتنا ونحن ندرس كم ستكون الأكلاف الاضافية". وقدر محللون في منظمات عدة غير حكومية تحدثت اليها "الحياة" أمس كلفة الاغاثة العاجلة التي يتعين تأمينها للاجئين الذين فقدوا موارد رزقهم بنحو 500 مليون دولار حتى نهاية حزيران المقبل. وقالوا "إن الرقم مرشح للتضاعف مرتين على الأقل حتى بداية فصل الشتاء البارد، مشيرين إلى ان السكان الألبان وأقرباء المهجّرين في مقدونيا وبلدان الاغتراب يقدمون لهم مساعدات عينية ويتحملون عبئاً مالياً كبيراً لهذا الغرض لا تلحظه الاحصاءات الحالية.