تحظى الجمال العربية الأصلية المنتشرة في أنحاء الوطن العربي باهتمام كبير ومنه تسجيل أنسابها، وتربيتها، وتدريبها على الجري في السباقات العالمية، لا سيما في ظل الصعود المستمر للاسعار في سوق الجمال وقد وصل سعر بعضها الى نحو 20 ألف دولار اميركي. وللجمال سوق رائجة في منطقة شبه الجزيرة العربية، إذ سجلت اسواق الجنادرية في السعودية قبل سنوات صفقة تم خلالها مقايضة قطعة أرض قيمتها 2،1 مليون ريال في مقابل جمل. الأرقام تؤكد ان العالم العربي فيه ما يناهز 20 مليون رأس من الابل ويمتلك السودان والصومال وموريتانيا نحو 70 في المئة من إجمالي الجمال في العالم، وتمتلك آسيا 28 في المئة، ويعد الصومال أكثر الدول امتلاكاً لرؤوس الإبل، يليها السودان وموريتانيا والسعودية والعراق. السعي العربي للحفاظ على الجمال العربية الاصلية ينطلق من نوادي الهجن المنتشرة في أنحاء الوطن العربي، والتي تشارك سنويا في مهرجان الهجن الدولي الذي يقام في سيناء الشمالية، وهي نوادي الكويت والسعودية وقطر والاردن وفلسطين. رئيس مجلس ادارة نادي الهجن في شمال سيناء السيد منصور شريف يقول: "هناك اقتراحات بإنشاء اتحاد عربي لنوادي الهجن، تكون مهمته تبادل الخبرات في مجال تربية الجمال، والحفاظ على أنسابها وتسجيلها، وتنظيم المهرجانات، والسباقات التي تقام في مناسبات عدة منها رمضان وعيد الاضحى وختان الفتيان وأفراح الزواج وعودة الحجاج سالمين". ويعمل ابناء الدول العربية على الحفاظ على صحة نسب الجمال الاصيلة، إذ تزيد قيمتها ويرتفع سعرها على حد قول عضو لجنة التراث في شمال سيناء السيد سليم الحوص. ويشير إلى أن البدو يحافظون على صحة نسب جمال السباق الأصيلة، لذلك شبهوها في النسب بالانسان، فهم يقولون فلان ابن الخمسة الفلانيين أي أنه أصيل ومعروف الى الجد الخامس. ولذلك اعتبر الجمل أصيلاً إذا كان معروف الأب حتى الجد الخامس، فإذا كان معرف الأب فقط، يقال جمل فيه اثنان، وإذا كان معروف الأب والجد فيقال جمل فيه ثلاثة، وهكذا وصولا الى الجد الخامس. ويضيف: "الإبل نوعان: الاصيلة والخوارة، والأولى هي الأصيلة، تتميز بالصبر والجلد والقدرة على العدو مسافات طويلة من دون ملل أو كلل. أما الجمال الخوارة فتستخدم في جلب الماء، وحمل المتاع، وفي الطحن وفي بعض الأمور الزراعية". وعن كيفية الحفاظ على السلالة الأصيلة يقول "يتأكد صاحب الناقة الأصيلة أنها غير "عشراء" حامل بمراقبتها أربعة عشر يوما، ثم يقربها للجمل الذكر الاصيل، والذي تعد فيه خمسةجمال اصيلة، ويظل تحت رقابته ليل نهار لمدة شهرين متتاليين حتى يضمن ان الجنين في بطنها ابن هذا الجمل وينسب اليه". وتنتشر الجمال الاصيلة في الاقطار العربية والشرق الاوسط وشمال افريقيا، وتتميز بوزنها الخفيف، ووبرها الخشن وتستطيع حمل اوزان تصل الى 500 كيلو وهناك الجمال ذات السنامين، وهي موجودة في آسيا ومنغوليا والصين والاتحاد السوفياتي، وهي اثقل وزنا واكبرحجما، ويكسوها وبر طويل وكثيف. ويعتبر الجمل "المهري" أجود انواع الجمال، ويبدأ سعره من اربعة الآف دولار، ويصل احيانا الى نحو 200 الف دولار. وهذه الجمال معروفة الابوين وتتميز بمواصفات عدة، منها قدرتها الكبيرة على العدو مسافات تتفاوت بين 20 و30 كيلو مترا وهو قريب الشبه بالهجن العمانية والسودانية التي تتميز بقدراتها الفائقة على العدو القصير لما تتميز به من حرارة الدم وقدراتها على السفر الطويل. وعن تدريب الجمال على العدو، يقول عيد السويركي احد ابناء قبيلة السواركة "الهجن تخضع لعملية تدريب مستمر، حتى تعتاد ميادين السباق، وحتى لا تخاف من تجمع البشر حولها.عملية التدريب تتم يوميا في موسم السباق، وهو يكون عادة في فصلي الشتاء والربيع. وقد يتعرض الجمل لعملية "تضمير" إذ يتم التخلص من الشحوم الزائدة في جسمه عن طريق اخضاعه لنظام تغذية معينة ومحدودة مع تدريب مستمر". والهجن العربية في مصر بدأت تشهد ارتفاعا ملحوظا في اسعارها، كما يقول عضو اللجنة المنظمة لسباق الهجن في العريش السيد عيد محمد، ويؤكد ان هذا الارتفاع يعود الى نجاح هذا الهجن في تحقيق نتائج طيبة في السباقات الدولية والعربية لا سيما سباق العريش الدولي الذي يحضره عدد كبير من ابناء منطقة شبه الجزيرة العربية الذين يحضرون لاقتناء هذه الجمال. مدير نادي الهجن في شمال سيناء عيد ابو مرزوقة يقول: "الاهتمام المصري بالهجن يعززه سباق العريش العربي للهجن الذي يقام سنويا في مضمار نادي الهجن الرياضي المصري عند الكيلو 21 غرب مدينة العريش". ويضيف: "المهرجان يتضمن سباقات لعدو الجمال وكرة السلة على ظهر الجمال، وتقام على هامشه امسيات ثقافية وفنية تحوي عروضا للفنون الشعبية، وشعرا نمطيا والعابا من التراث". ويقول: "مضمار سباق الهجن يبلغ طوله 15 كيلو مترا وعرضه خمسة كيلو مترات في ارض منبسطة تشبه الى حد كبير ملاعب كرة القدم ومزينة بالاعلام ومحددات المسارات". وعرف الجمل في الحضارات القديمة قبل ازمنة بعيدة، ويحبه العرب لتحمله صعوبة الحياة والتنقل في الصحراء، ويطلقون عليه اسم "سفينة الصحراء". وتفيد الدراسات التاريخية ان العرب عرفوا الجمال قبل نحو الفي عام من الميلاد في وسط وجنوب شبه الجزيرة العربية. وفي عام 1019 دخل الجمل اسبانيا على يد العرب. ولم تعرف الجمال في الدولة القديمة بل عرفت في عصر الدولة الوسطى، بدليل ما ورد في التوراة من ان الجمال كانت ضمن الهدايا التي قدمها فرعون لسيدنا ابراهيم عليه السلام، وان ثروة سيدنا يعقوب عليه السلام كانت جمالا وحميرا. وقد ارتبطت الابل بحياة الإنسان البدوي في صحارى العرب منذ القدم ولإرتباط الانسان بالابل فقد وضعها في مكانة عظيمة وكريمة، وهذا يظهر في أدبيات اهل الصحراء واشعارهم، وأمثالهم.