-1- رأى الولد الفراشة فجرى نحوها لكن أمه جذبته من يده وأجلسته فوق ملاءة السرير المفروشة على النجيل ووضعت في اليد الأخرى ساندويتش الجبن. وجد الجميع يمضغون وكانت الفراشة قد طارت بعيداً وإذا بكى سيضربونه ويحرمونه من الخروج، كان عليه أن يمضغ من دون صوت. -2- بسن الحذاء اعترض الكرة فغير اتجاهها ثم مال بجسمه نحوها قافزاً فوق أقدام المدافع الذي تزحلق لعرقلته. ورقص المدافع التالي فانفرد بحارس المرمى الذي تردد بين التقدم لملاقاته أو انتظار الكرة لصدها. هوش الجميع انه سيصوب الى الناحية اليمنى وبالفعل مال الحارس بجسمه الى اليمين لكنه استدار في حركة مباغتة و.. وجد أباه يجذبه من ياقة القميص والعيال يتفوقون تاركين الاحجار التي تحدد المرمى. -3- انتهت امتحانات الكلية وجمع مدخراته وباع كتبه لبائع الجرائد بربع الثمن واستخرج جواز سفر صالحاً للدول الأوروبية. كان سيسافر في باخرة الى اليونان مع ثلاثة أصحابه، أحدهم سافر العام الماضي واشتغل هناك، تشاجر في البيت وصمم هذه المرة فرضخوا. وليلة السفر أمسك ابوه قلبه وصرخ فجاء الجيران والاسعاف وتشبثت به عيون الأم وأنين الأخوة، لم يكن يمتلك شجاعة النذالة فترك تذكرة السفر تحت وسادة أبيه كي تهدأ دقات قلبه ويستطيع النوم. كان عليه ان يؤجل رغبته لبعض الوقت، بعد هذا لا شيء سيوقفه بالتأكيد. -4- كان يريد فقط أن يتأمل عينيها من قريب، ان يجرب ملمس اللقاء بين واحد وواحدة في حديقة، المناورات الضرورية قبل أول قبلة، لعبة الحب الرومانسي الذي سينتهي طبعاً تاركاً عبق الذكريات. كانت تعرف أصول اللعبة أفضل منه، فانتهى الأمر بمهر خمسة وعشرين قرشاً ومؤخر خمسة الاف جنيه وقائمة أثاث بالشيء الفلاني، كان عليه أن يسافر في أول فرصة كي يدفع مقدم الشقة وأقساطها وكي يعود لها في الاجازات بالفساتين. -5- بنت وولدان وتلفزيون ملون وفيديو يتطلب ثلاثة شرائط جديدة كل أسبوع وغرفة مكتب خالية من الكتب وزوجة تقتل الوقت بالتلفزيون وجنس كل ثلاثة أيام. وطبعاً ماء ساخن في الحمام. ثم سقف أبيض بارد يواجه العينين رغم إطفاء النور. -6- ذهب للطبيب في حسم قال إنه سيسافر في رحلة طويلة بالبحر، يريد فقط نصيحة بالأدوية الاحتياطية التي يجب وضعها في جيب الحقيبة. وكانت سماعة وجهاز ضغط ورسم قلب ثم هز الطبيب رأسه بالنسبة للتدخين والأطعمة التي لها طعم. ونصحه بالمشي مثل نجيب محفوظ ونسيان فكرة الرحلة. -7- في إشارة المرور المختنقة طارت فراشة من محل الزهور ورقصت حول رأسه هو الذي كان يسعل ويؤجل البصق لحين إدارة رأسها في اتجاه محلات الملابس. لم يخبرها طبعاً بما قاله الطبيب ولن يخبرها طبعاً عن الفراشة التي حلقت. نظر حوله، كان الجميع في نفس زنزانة الانتظار وكانت الفراشة قد تاهت وسط الزحام والعادم والضجيج فانتهز فرصة الفسنان الذي أخذ عينيها، كان عليه أن يبصق دون صوت. * كاتب مصر