تضاربت المعلومات حول عدد القتلى والجرحى الذين سقطوا في انتكاسة أمنية وقعت في ساعات الفجر الأولى أمس بين قوات من الحرس الجمهوري ورجال قبائل مسلحين تعهدوا بحماية المعتصمين في مدينة تعز (260 كلم جنوب صنعاء) بعد اقتحام ساحة الحرية قبل نحو ثلاثة أسابيع، ما أدى إلى قتل وجرح العشرات منهم. وقالت مصادر محلية في تعز ل «الحياة»، إن مسلحين من القبائل هاجموا وحدة من الحرس الجمهوري في إحدى ضواحي مدينة تعز بعد ساعات من توقيع اتفاق هدنة بين السلطة المحلية ومشايخ القبائل المناوئة للنظام تم التوصل إليه بوساطة من رجل الأعمال عبد الجبار هائل سعيد وبحضور عدد من قيادات أحزاب المعارضة وحزب «المؤتمر الشعبي العام» الحاكم، ما أدى إلى مقتل 9 جنود ومسلح واحد، وجرح عدد آخر من الطرفين، إضافة إلى إعطاب دبابتين وإحراق عدد من الآليات العسكرية. غير أن مصادر أمنية في تعز قالت إن سبعة جنود فقط قتلوا في مقابل 10 مسلحين. وقضى الاتفاق الذي وُقع مساء الإثنين، بحظر التجول بالسلاح داخل المدينة ابتداء من التاسعة من صباح أمس، وإنهاء المظاهر المسلحة في المدينة من القبائل المؤيدة للمعارضة، وسحب قوات الحرس الجمهوري منها. كما نص على حق «شباب الثورة» في معاودة الاعتصام في «ساحة الحرية» والتزام القوات الحكومية عدم الاعتداء عليهم وعدم التعرض للمسيرات السلمية وبسط الأمن في المدينة لحماية الممتلكات العامة والخاصة. وأعقب الاتفاقُ اللقاءَ الأول الذي جمع نائب الرئيس اليمني اللواء عبد ربه منصور هادي وأحزاب المعارضة في صنعاء اول من امس، والذي انتهى باتفاق على التهدئة الإعلامية والأمنية وتطبيع الحياة العامة وتوفير الخدمات والاحتياجات الأساسية للمواطنين وإعادة الاعتبار لهيبة الدولة في جميع أنحاء البلاد، كمدخل لبحث الجانب السياسي المتمثل في نقل السلطة بالطرق السلمية. وفي صنعاء، عادت الحياة الى طبيعتها نسبياً في حي الحصبة، الذي شهد على مدى أسبوعين اشتباكات ضارية بين القوات الحكومية وأتباع زعيم قبيلة حاشد الشيخ صادق الأحمر، وفتح عدد من الشوارع امام حركة السير، وخصوصاً خلال ساعات النهار، غير أن الأسر التي هجرت منازلها في هذا الحي والأحياء المجاورة له، لم تعد اليها بعدُ نتيجة الخوف من تجدد المواجهات. وبحسب بلاغ صادر عن مكتب الشيخ الأحمر، أسفرت تلك المواجهات، التي استخدمت فيها مختلف أنواع الأسلحة وعياراتها، عن مقتل 100 شخص وإصابة نحو 325 آخرين من أتباع الأحمر، في حين لم تكشف السلطات اليمنية حصيلة القتلى والجرحى في صفوف القوات الأمنية، والتي تقدر بالعشرات. وفي واشنطن، أبدى وزير الدفاع الاميركي روبرت غيتس تفاؤلاً حذراً إزاء التطورات في اليمن، واعتبر في مقابلة مع وكالة «أسوشييتد برس»، أن الوضع اليمني هدأ منذ توجه الرئيس علي صالح للعلاج في السعودية قبل عشرة ايام. وقال: «لا أعتقد ان قتالاً على نطاق واسع سيحصل هناك». وكان قائدا البحرية الاميركية والبريطانية قالا أول من أمس، إن الممرات الملاحية الرئيسية قبالة اليمن ستظل آمنة رغم الاضطرابات التي يشهدها هذا البلد، وصرّحا بأن نشر قوات من البحرية يمكن ان يحدث سريعاً اذا اقتضت الضرورة ذلك. وقال قائد العمليات البحرية الاميركية الأميرال غاري روهيد، إن باب المندب ومضيق هرمز والخليج كلها ممرات بالغة الاهمية. وأضاف في ايجاز صحافي مشترك مع نظيره البريطاني الاميرال مارك ستانهوب: «وجودنا هناك مهم. القوات التي لدينا توفر لنا خيارات اذا طلب من القوات البحرية التحرك، كما ان لدينا قوات كبيرة لمكافحة القرصنة، ونعتزم ان نتواجد هناك في المستقبل».