تحل اليوم الخميس الذكرى الثالثة لبيعة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، ملكاً على المملكة العربية السعودية، بعد مبايعته في 15 كانون الثاني (يناير) 2015 الموافق 3 ربيع الثاني 1436ه. وشهدت المملكة بقيادة الملك سلمان بن عبدالعزيز خلال تلك الأعوام الثلاثة تطورات كبرى كانت لها تأثيرات مهمّة على الساحتين الداخلية والخارجية لم تشهدها السعودية طوال تاريخها، وهي تطورات طاولت جميع الملفات، بما فيها تلك التي يصفها متابعون ب «الشائكة». تميّزت إدارة القيادة في المملكة طوال هذه الفترة بالقوة والحزم، سواء في اتخاذ القرارات أو في تطبيقها، مرتكزة في تحركاتها على أن المواطن السعودي يعلم يقيناً أن الإجراءات المتخذة كافة هي في النهاية لمصلحة بناء دولة حديثة قوية عمادها العمل والاجتهاد بطموح أكّده ولي العهد في أحد لقاءاته التلفزيونية بقوله «لا حدّ له.. طموحنا السماء». منذ بداية عهد الملك سلمان بن عبدالعزيز، تحولت المملكة العربية السعودية إلى ورشة عمل كبرى، لم يأل فيها خادم الحرمين الشريفين جهداً في المضي قدماً بمسيرة وطنه نحو التقدم، فتعددت نشاطاته في المجالات المختلفة، سواء على المستوى الداخلي أو الخارجي، تعدداً سبقته نشاطات في مراحل مختلفة تقلّد خلالها العديد من المناصب. اهتمامات خادم الحرمين الشريفين بترتيب البيت الداخلي في المملكة طوال تلك الفترة، لم تشغله عن القيام بدوره القيادي الذي يتطلع نحوه العديد من الشعوب العربية والإسلامية، وهو ما شدد عليه في كلمته خلال مؤتمر القمة العربية في دورتها ال26، التي استضافتها مدينة شرم الشيخ المصرية في آذار (مارس) 2015، وفيها أكد أن «الواقع المؤلم الذي يعيشه عدد من البلدان العربية، من إرهاب وصراعات داخلية وسفك دماء، هو نتيجة حتمية للتحالف بين الإرهاب والطائفية، الذي تقوده قوى إقليمية أدت تدخلاتها السافرة في المنطقة العربية إلى زعزعة الأمن والاستقرار في بعض الدول العربية». وضع خادم الحرمين الشريفين خلال كلمته خريطة طريق للقادة العرب منذ مبايعته ملكاً على المملكة العربية السعودية، بدءاً من الوضع في اليمن وسورية والعراق، وصولاً إلى القضية الفلسطينية، التي شدد في أولى كلمته خلال القمة العربية ال26 على أنها ستظل «في مقدمة اهتماماتنا، وموقف المملكة العربية السعودية يظل كما كان دائماً، مستنداً إلى ثوابت ومرتكزات تهدف جميعها إلى تحقيق السلام الشامل والعادل في المنطقة على أساس استرداد الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، بما في ذلك حقه المشروع في إنشاء دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف». مواقف باتت حاضرة تجددها المملكة العربية السعودية على مختلف مستوياتها القيادية في المناسبات كافة، من دون مزايدات أو ضجيج، وهو ما شدد عليه السفير الفلسطيني لدى المملكة باسم الآغا في قوله ل «الحياة» أمس، إن «ما يميز خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان، أن موقفيهما تجاه القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني ثابت لا يتغير، ولا يخضع لأي صفقات أو تبادلات سياسية، وهما يؤكدان دائماً أن ما ستوافق عليه القيادة والشعب الفلسطيني ستوافق عليه الرياض». تقدير دولي لدوره يحظى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز بكثير من التقدير والاحترام لدى الشعوب والحكومات العربية والإسلامية، وهو ما تبرزه مشاعر الترحيب الكبرى التي تواكب جولاته الخارجية كافة. ففي مصر، التي وصل إلى عاصمتها القاهرة في نيسان (أبريل) 2016، تقلّد أرفع أوسمتها (قلادة النيل)، تقديراً من مصر لدور الملك سلمان بن عبدالعزيز ومكانته. وخلال الزيارة أعلن خادم الحرمين الشريفين اتفاقه مع الرئيس عبدالفتاح السيسي على إنشاء جسر برّي يربط البلدين الواقعين في قلب العالم. وأكد خادم الحرمين الشريفين في كلمة له أن «هذه الخطوة التاريخية المتمثلة في الربط البري بين القارتين الآسيوية والأفريقية، تعد نقلة نوعية ذات فوائد عظمى، حيث سترفع التبادل التجاري بين القارات إلى مستويات غير مسبوقة، وتدعم صادرات البلدين إلى العالم، كما أن هذا الجسر سيشكل منفذاً دولياً للمشاريع الواعدة في البلدين، ومعبراً أساسياً للمسافرين من حجاج ومعتمرين وسياح، إضافة إلى فرص العمل التي سيوفرها الجسر لأبناء المنطقة». وفي نيسان (أبريل) من العام ذاته، بدأ الملك سلمان بن عبدالعزيز زيارة إلى تركيا قلده خلالها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أعلى وسام في بلاده، وهو وسام (الجمهورية) تقديراً لمكانته الكبرى في قلوب الشعوب الإسلامية. وأعرب خادم الحرمين الشريفين عن شكره وتقديره على تكريمه بهذا الوسام، وقال في كلمة بهذه المناسبة: «إننا مطالبون بمعالجة قضايا أمتنا الإسلامية وفي مقدّمتها إيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية وفقاً لمبادرة السلام العربية وقرارات الشرعية الدولية»، مضيفاً: «إن واقعنا اليوم يحتم علينا الوقوف معاً أكثر من أي وقت مضى لمحاربة آفة الإرهاب وحماية جيل الشباب من الهجمة الشرسة، التي يتعرض لها، والهادفة إلى إخراجه عن منهج الدين القويم، والانقياد وراء من يعيثون في الأرض فساداً باسم الدين، الذي هو منهم براء». جهوده لحماية البيت الخليجي إن تحركات الملك سلمان بن عبدالعزيز وكلماته وجهوده تمثل كلها حرصه على حماية البيت الخليجي، وهو ما شدد عليه في كلمته في الدورة ال37 للمجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، التي عقدت في البحرين، وخاطب فيها قادة دول المجلس بقوله: «لا يخفى على الجميع ما تمر به منطقتنا من ظروف بالغة التعقيد، وما تواجهه من أزمات تتطلب منا جميعاً العمل سوياً لمواجهتها والتعامل معها بروح المسؤولية والعزم، وتكثيف الجهود لترسيخ دعائم الأمن والاستقرار لمنطقتنا، والنماء والازدهار لدولنا وشعوبنا». وحذر من أنه «على رغم ما حققه المجلس من إنجازات مهمة، إلاّ أننا نتطلع إلى مستقبل أفضل يحقق فيه الإنسان الخليجي تطلعاته نحو مزيد من الرفاهية والعيش الكريم، ويعزّز مسيرة المجلس في الساحتين الإقليمية والدولية من خلال سياسة خارجية فعالة تحقق الأمن والاستقرار للمنطقة، وتدعم السلام الإقليمي والدولي».