أكد رئيس هيئة السياحة والتراث الوطني الأمير سلطان بن سلمان أن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان «شغوف بالتراث، كثير الإطلاع على كتب التاريخ وزيارة المواقع التاريخية»، مضيفاً، في كلمة له خلال أمسية أقامها سفير المملكة لدى مصر مندوبها الدائم لدى الجامعة العربية، في صالون «رياض النيل» في القاهرة أخيراً، في حضور عدد من الوزراء والشخصيات العامة والمفكرين والسياسيين والسفراء ورؤساء التحرير والكُتاب والإعلاميين المصريين أنه «ورث هذا الشغف من الملك سلمان، وبدأ الاهتمام بالآثار والتراث منذ صغره، نتيجة لمرافقة والده إلى المواقع التراثية والأثرية». وقال الأمير سلطان بن سلمان في كلمته (حصلت «الحياة» على نسخة منها): «كنت أتساءل: هل دورنا فقط في التنقيب عن الآثار، وأن نُخرج قطعاً أثرية ونضعها في المتاحف فقط، أم يُفترض أن يكون أكبر من ذلك؟ وما هو الرابط بين كل هذا التاريخ وهذا التراكم الحضاري وما نحن عليه اليوم؟». وشدد على أنه «من الأهمية بمكان عدم اختزال الخليج في النفط، لدينا رسالة ومهمات كبرى لا بد أن نقوم بها، وأنا لا أؤمن بنظرية صراع الحضارات أو الأديان، فالإسلام دين حوار وتواصل وسلام». وأكد أنه «من المهم في هذا العصر، الذي يجد فيه المسلمون أنفسهم في مواجهة مع الحضارات الأخرى، أن نعيد التفكير في من نحن وما هو دورنا في الحراك الإنساني المستقبلي؟ منطلقين من قراءة جديدة في تاريخ الإسلام، الذي بدأ - والله أعلم - منذ خلق البشرية، وأن كل ما حدث منذ ذلك الوقت، الذي لا يعلمه إلا الله، كان تسلسلاً يؤدي إلى بزوغ شمس الهداية والخير من مكةالمكرمة في قلب الجزيرة العربية، وعلى يد عربية من خيرة أهلها، في فترة زمنية مهمة كانت فيها مكةالمكرمة محوراً استراتيجياً حضارياً وسياسياً واقتصادياً وثقافياً، وملتقى للقوافل التي جاءت للحج والتجارة، ما شكل كياناً ذا قوة سياسية متنامية، وساعد في انتقال رسالة الإسلام والقرآن الكريم بلغته العربية الراقية، التي تطورت عبر آلاف السنين حتى نزل بها القرآن الكريم، إلى أرجاء المعمورة، ما يؤكد أن الإسلام العظيم لم ينشأ من أرض مفرغة من الحضارات أو المعرفة أو الأخلاق أو القيم العربية الأصيلة». وأشار، في ورقة له خلال الصالون الثقافي بعنوان: «بدأ الإسلام في جزيرة العرب منذ خلق الله الانسان»، إلى أن «الإسلام الذي جاء كي يؤكد التوحيد، وهو دين البشرية وخاتم الأديان»، مبيناً أن «الله اختار أرض الجزيرة العربية وشعبها لحمل هذه الرسالة السامية منذ خلق البشرية، وأن التعاقب الحضاري والبشري والاقتصادي الكثيف على هذه الأرض المباركة عبر التاريخ يدل على حراك مستمر لتهيئة المكان والإنسان لحمل هذه الرسالة السامية إلى العالم». وأوضح أنه بدأ في التفكير لإعداد هذه الورقة منذ أربع سنوات، مبيناً أنه ألقاها في محاضرة في مركز أكسفورد للثقافات الإسلامية في 1431ه (الأول من حزيران (يونيو) 2010)، وأيضاً محاضرة في 2014 طرحت فكرة مفادها أن الإسلام، وجوهره التوحيد الخالص لله تعالى، هو دين الفطرة الذي اختاره الله سبحانه وتعالى للبشرية التي خلقها، وأن اختيار الجزيرة العربية مهداً للإسلام والرسالة الخاتمة، التي نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم، ما هي إلا امتداد لذلك التدبير الإلهي».