الخطيب: 122 % نسبة النمو السياحي    مراسم تشييع الرئيس الإيراني ورفاقه تنطلق غداً من تبريز    «سلمان للإغاثة» يوزع 7073 سلة غذائية و 443 حقيبة إيوائية و ينتزع 2.010 لغام    العيسى يتسلَّم «مفتاح الإسكندرية»    "البيئة": العالم يمر بتحديات كبرى تؤثر على أمن واستدامة المياه    الجنائية الدولية تطلب مذكرة اعتقال بحق نتنياهو    ارتفاع عدد الشهداء الفلسطينيين في غزة إلى 35562    الاجتماع الثاني للجنة الأمنية والعسكرية المنبثقة عن مجلس التنسيق السعودي القطري    تعليم جدة: استقبال اعتراضات النقل الداخلي إلكترونيا    وول ستريت تفتح على استقرار مع ترقب نتائج إنفيديا    الجاسر: نعمل على توسعة مطارات الباحة وجازان والجوف    قدوم 267657 حاجا عبر المنافذ الدولية حتى نهاية أمس    نائب أمير جازان يكرم 1238 متفوقاً ومتفوقة بتعليم جازان    غرفة الشرقية تعقد "لقاء رياديون" لطلبة جامعة الامام عبدالرحمن بن فيصل    من هو الرئيس المؤقت لإيران؟    أمير الرياض يستقبل رئيس وأعضاء مجلس إدارة جمعية المتقاعدين بالمنطقة    الوحدة يضع أنظاره على أحمد حجازي    وفاة الرئيس الإيراني والوفد المرافق له في حادث تحطم الطائرة المروحية    إيران تعيّن كبير المفاوضين النوويين علي باقري وزيراً للخارجية بالوكالة    أرامكو توقع اتفاقية مع "باسكال" لاستخدام أول حاسوب كمي بالسعودية    بلديةالبكيرية تنفذ 2754 جولة رقابية في شهر أبريل الماضي    "الزكاة والضريبة والجمارك" تدعو المنشآت إلى تقديم إقرارات ضريبة القيمة المضافة عن شهر أبريل الماضي    تايكوندو الشباب يهيمن على بطولتي البراعم والناشئين والحريق يزاحم الكبار    القيادة تعزّي دولة رئيس السلطة التنفيذية بالإنابة السيد محمد مخبر في وفاة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ومرافقيه    وصول أبطال آيسف 2024 إلى جدة بعد تحقيق 27 جائزة للوطن    «التعليم» تحدد أنصبة التشكيلات المدرسية في مدارس التعليم العام    الأرصاد: استمرار التوقعات بهطول أمطار بعدد من المناطق ورياح نشطة في الشمال    حبس البول .. 5 آثار أبرزها تكوين حصى الكلى    أمير عسير يُعزّي أسرة «آل مصعفق»    خادم الحرمين يستكمل الفحوصات الطبية في العيادات الملكية    «عضو شوري» لمعهد التعليم المهني: بالبحوث والدراسات تتجاوزون التحديات    أوتافيو يتجاوز الجمعان ويسجل الهدف الأسرع في «الديربي»    4 نصراويين مهددون بالغياب عن «الكلاسيكو»    البنيان: تفوق طلابنا يبرهن الدعم الذي يحظى به التعليم في المملكة    السعودية.. يدٌ واحدةٌ لخدمة ضيوف الرحمن    متحدث «الداخلية»: «مبادرة طريق مكة» توظف الذكاء الاصطناعي    1.8 % معدل انتشار الإعاقة من إجمالي السكان    مرضى جازان للتجمع الصحي: ارتقوا بالخدمات الطبية    السعودية من أبرز 10 دول في العالم في علم «الجينوم البشري»    5 بذور للتغلب على حرارة الطقس والسمنة    ولي العهد يبحث مع سوليفان صيغة شبه نهائية لاتفاقيات استراتيجية    المملكة تؤكد استعدادها مساعدة الأجهزة الإيرانية    نائب أمير منطقة مكة يُشرّف حفل تخريج الدفعة التاسعة من طلاب وطالبات جامعة جدة    وزارة الحج والعمرة تنفذ برنامج ترحاب    مسابقة رمضان تقدم للفائزين هدايا قسائم شرائية    القادسية بطلاً لكأس الاتحاد السعودي للبلياردو والسنوكر    الشيخ محمد بن صالح بن سلطان «حياة مليئة بالوفاء والعطاء تدرس للأجيال»    جائزة الصالح نور على نور    الانتخابات بين النزاهة والفساد    الملاكم الأوكراني أوسيك يتوج بطلاً للعالم للوزن الثقيل بلا منازع    بختام الجولة ال 32 من دوري روشن.. الهلال يرفض الهزيمة.. والأهلي يضمن نخبة آسيا والسوبر    عبر كوادر سعودية مؤهلة من 8 جهات حكومية.. «طريق مكة».. خدمات بتقنيات حديثة    بكاء الأطلال على باب الأسرة    أمير القصيم يرعى حفل تكريم الفائزين بمسابقة براعم القرآن الكريم    ثقافة سعودية    كراسي تتناول القهوة    المتحف الوطني السعودي يحتفي باليوم العالمي    ارتباط بين مواقع التواصل و«السجائر الإلكترونية»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحجاب ورقة لالتحاق تركيا بالقطار الأوروبي
نشر في الحياة يوم 25 - 04 - 2011

لا تزال قضية الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي الشغلَ الشاغلَ لتركيا، فهي تحمل أولوية خاصة على أجندتها السياسة الخارجية، وعلى رغم عضوية أنقرة في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، فإن مفاوضات انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي، والتي بدأت في العام 2005، تبقى الأهم. وانطلاقاً من ذلك، كان رفض «العدالة والتنمية»، الحزب الحاكم في تركيا، ترشيحَ محجبات للانتخابات التشريعية المقررة في حزيران (يونيو) المقبل، وخصوصاً أن الأوساط العلمانية، بما فيها الجيش، ترى في الحجاب مؤشر تشكيك في اللحاق بالقطار الأوروبي، فضلاً عن اتجاه قوي داخل «العدالة والتنمية» نفسه يرفض فكرة ترشيح المحجبات، باعتبار أن الوقت غير مناسب لاتخاذ مثل هذه الخطوة بالنظر إلى قضايا أكثر أهمية في أجندة تركيا، على رأسها الانضمام للاتحاد الأوروبي، وخصوصاً أن قضية الحجاب ولو كانت تبدو صغيرة في نظر الأتراك، إلا أنها ليست كذلك لأوروبا، حيث ترتبط بقضية أكبر وتُعَدّ أحد أهم مبادئها، وهو قضية العلاقة بين الدولة والدين والخلط بينهما، ولعل حظر النقاب أخيراً في فرنسا كان ماثلاً في الذهنية التركية.
لذلك، كان إحباط محاولات ترشيح المحجبات في الوقت الراهن محاولة لتحرير قضية الحجاب‏ وملبس المرأة عموما‏ من السياسة‏.‏ ورغم تسجيل «العدالة والتنمية» سيدة وحيدة محجبة على لوائحه للانتخابات التشريعية المقبلة، لكنها لا تملك فرصاً كبيرة للفوز، لأنها في أسفل اللائحة.
غير أن ثمة شكوكاً لدى قطاعات مهمة من النخب التركية بشأن النيات والمواقف الحقيقية الأوروبية حيال مستقبل عضوية تركيا في الاتحاد الأوروبي، وربما ساعد على تفجير هذه الشكوك تجاهل المؤسسات الأوروبية دوماً للخطوات الإصلاحية التركية، وكان بارزاً فى هذا السياق إدانة البرلمان الأوروبي في آذار (مارس) الماضي بطء الإصلاحات التركية، معتبراً أنها ليست ديموقراطية تعددية حقيقية، وهو ما دفع أنقرة إلى انتقاد الدور الأوروبي حيال دعم الثورات العربية وقضايا المنطقة ذات الصلة.
وعلى رغم تأكيد تركيا أن عدم اللحاق بالقطار الأوروبي لا يعني بالنسبة لها نهاية المطاف، فإن الواقع يشير إلى عكس ذلك، وهو ما عجز أردوغان نفسه عن إخفائه في مقالته المنشورة في مجلة «نيوزويك» الأميركية فى نهاية كانون الثاني (يناير) الماضي، عندما أكد «أن تركيا لديها الحماسة التي يحتاجها الاتحاد الأوروبي بشدة».
وأجرت تركيا دون سأم سلسلة من الإصلاحات الدستورية وصلت في مجموعها إلى أحد عشر تعديلاً دستورياً، هدفت بالأساس لنيل رضا أوروبي يبدو بعيد المنال. والحقيقة أن تركيا التي تتبع سياسة خارجية نشطة، تبدو وكأنها لا تعوِّل كلاعب دولي جديد على الاتحاد، فهذا الأمر يبدو محلَّ لغط كبير، ولعل الاستفتاء الأخير في 12 أيلول (سبتمبر) الماضي على بعض مواد الدستور التركي، كان علامة بارزة، فقد شملت التعديلات 26 مادة، تعلَّق بعضُها بحقوق المرأة وحقوق العمل، والبعض الآخر هدف بالأساس إلى تحجيم نفوذ المؤسسة العسكرية التركية التي نصبت نفسها حاميَ حمى المبادئ العلمانية، والتي كانت دائماً محلَّ انتقاد أوروبي، إضافة إلى نزع قدرة القضاء التركي على حلِّ الأحزاب السياسية.
والواقع، أن غالبية التعديلات الدستورية والإجراءات القانونية الرمزية، مثل منع المحجبات من خوض الانتخابات المقبلة، إضافة إلى إعادة هيكلة المنظومة الاقتصادية والاجتماعية التي أجرتها حكومة «العدالة والتنمية» في السنوات الخمس الماضية، كانت مثار اهتمام بالغ، وحاولت أن تصب في خانة تدعيم حقوق الإنسان والديموقراطية، لتحقيق التجانس السياسي مع «معايير كوبنهاغن» للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. والأرجح أن الإصلاحات الدستورية التركية كانت دائماً محل سأم أوروبي، لم يتجاوز الترحيب بأي منها حدَّ المستوى اللفظي، فثمة شكوك تثار بشأن تلبية مثل هذه الإصلاحات للمطالب الأوروبية، أو أن تعزِّز الحلمَ التركي في اللحاق بالقطار الأوروبي. ومن ثم، فإن الاستمرار في مسلسل التكيف الدستوري والاجتماعي والاقتصادي لا يكون وحده المطلوب لتحقيق حلم حكومة العدالة والتنمية التي تقود حملة الانضمام للاتحاد منذ وصولها إلى سدة الحكم العام 2002.
ثمة عوامل عدة ما زالت تقف حجر عثرة أمام انضمام تركيا إلى الاتحاد، يتركز أولها في عزوف بعض دول الاتحاد الأوروبي عن قبول هذا البلد الكبير، فمواقف دول رئيسة عدة في الاتحاد تشددت حول هذه المسألة، واعتبرت أن تركيا مازالت بحاجة إلى سلسلة أخرى من القوانين التطبيقية، وخصوصاً في ما يتعلق بإقرار حقوق قانونية ودستورية للقوميات والأقليات غير التركية التي تعيش داخل أراضيها، ومن ضمنها القومية الكردية. من ناحية ثانية، ما زالت دول الاتحاد تنظر إلى المحاولات الإصلاحية التركية على أنها هامشية، ولا تعدو كونَها مجرد محاولة للاقتراب من معايير الاتحاد الأوروبي، كما أنها ليست نهاية المطاف، فثمة حاجة ملحة لإصلاحات أخرى في مجالي حرية التعبير والدين، لا سيما أن أوروبا تبدو قلقة إزاء ذلك الحجم الكبير للتقاليد والتراث المحافظ الذي يتمسك به حزب «العدالة والتنمية».
في جانب ثالث، يمثل العامل الديموغرافي عقبة أمام انضمام تركيا، البالغ عدد سكانها ما يقرب من 75 مليون نسمة، للاتحاد الأوروبي، وستصبح أكثر كثافة سكانية من ألمانيا، التي تحتل المرتبة الأولى سكانياً بين دول الاتحاد. ويبقى أخيراً العامل الثقافي والحضاري، فالطابع الإسلامي الرمزي للدولة، مثل: الحجاب، وتجاور تركيا في حدودها مع إيران وسورية والعراق، وكلها بلاد مسلمة، يثير مخاوف من تمدد دولة إسلامية داخل الكيان الأوروبي، لا سيما أن توتراً يعتري العلاقات الإسلامية - الغربية منذ أحداث الحادي عشر من أيلول (سبتمبر)، وما زالت آثاره السلبية قائمة في الذهنية الغربية بشقيها النخبوي والشعبي.
من المرجح أن تشهد العلاقات التركية – الأوروبية الكثيرَ من الصعود أو الهبوط خلال الفترة المقبلة، في ضوء التعاطي الأوروبي مع عضوية تركيا، فإذا استمرت أوروبا في تجاهل مطلب تركيا وإثقال كاهلها بالإصلاحات، فإن الأتراك يمكنهم إزعاج الكيان الأوروبي بالكثير من الأوراق، من بينها توثيق العلاقات القائمة بالفعل مع إيران بخطى أسرع وأكبر، أو تعقيد حلّ المسألة القبرصية التي تمسك تركيا بتلابيبها، وغيرها من الأوراق التي تمس الأمن الأوروبي، وفي مقدمها مشروع «الدرع الصاروخية» التي يتبناه حلف الأطلسي لحماية أعضائه ضد أخطار الصواريخ المتوسطة والقصيرة التي تملكها إيران، وهو المشروع الذي سبق أن رفضته أنقرة في العام 2008.
* كاتب مصري


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.