«الإحصاء»: 1.8% معدل انتشار الإعاقة من إجمالي السكان في السعودية    الجمعية العليمة السعودية للصحة العامة ساف تشارك في مؤتمر يوم الابحاث    علامة HONOR تعلن عن رعايتها لمسابقة إجادة اللغة الصينية بعنوان "جسر اللغة الصينية" في المملكة العربية السعودية    ملتقى النص المعاصر: احتفالية شعرية وفنية تُضيء سماء نابل    سفير إندونيسيا لدى المملكة: "مبادرة طريق مكة" نموذج من عناية المملكة بضيوف الرحمن    وزير الصحة الماليزي: نراقب عن كثب وضع جائحة كورونا في سنغافورة    مستشفى دله النخيل ينهي معاناة عشريني يعاني من خلع متكرر للكتف وكسر معقد في المفصل الأخرمي الترقوي    الديوان الملكي: تقرر أن يجري خادم الحرمين فحوصات طبية في العيادات الملكية في قصر السلام بجدة    رياح مثيرة للأتربة والغبار على أجزاء من الشرقية والرياض    بيريرا: التعاون فريق منظم ويملك لاعبين لديهم جودة    وادي "الفطيحة" أجواء الطبيعة الخلابة بجازان    موسيماني: ما زالت لدينا فرصة للبقاء في "روشن"    الأوكراني أوزيك يتوج بطلاً للعالم للوزن الثقيل بلا منازع في الرياض    ولي العهد يستقبل مستشار الأمن القومي الأمريكي    شهداء ومصابون في قصف لقوات الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة    رفضت بيع كليتها لشراء زوجها دراجة.. فطلقها !    خبير سيبراني: تفعيل الدفاع الإلكتروني المتقدم يقي من مخاطر الهجوم    مقتل 3 فلسطينيين على الأقل في غارة جوية إسرائيلية على رفح    لقب الدوري الإنجليزي بين أفضلية السيتي وحلم أرسنال    صقور السلة الزرقاء يتوجون بالذهب    السفارة السعودية في تشيلي تنظم حلقات نقاش بعنوان "تمكين المرأة السعودية في ظل رؤية المملكة 2030"    خادم الحرمين يأمر بترقية 26 قاضيًا بديوان المظالم    تنظيم جديد لتخصيص الطاقة للمستهلكين    330 شاحنة إغاثية إلى اليمن وبيوت متنقلة للاجئين السوريين    اشتباك بالأيدي يُفشل انتخاب رئيس البرلمان العراقي    البرق يضيء سماء الباحة ويرسم لوحات بديعة    الماء (2)    جدول الضرب    «التعليم»: حسم 15 درجة من «المتحرشين» و«المبتزين» وإحالتهم للجهات الأمنية    قرى «حجن» تعيش العزلة وتعاني ضعف الخدمات    اطلع على مشاريع التطوير لراحة الحجاج.. نائب أمير منطقة مكة المكرمة يتفقد المشاعر المقدسة    زيارات الخير    محتالة تحصل على إعانات بآلاف الدولارات    المقبل رفع الشكر للقيادة.. المملكة رئيساً للمجلس التنفيذي ل "الألكسو"    27 جائزة للمنتخب السعودي للعلوم والهندسة في آيسف    انطلاق المؤتمر الأول للتميز في التمريض الثلاثاء    طبخ ومسرح    مواقف مشرّفة    عبر التكنولوجيا المعززة بالذكاء الاصطناعي.. نقل إجراءات مبادرة طريق مكة إلى عالم الرقمية    للسنة الثانية.. "مبادرة طريق مكة" في مطار إسطنبول الدولي تواصل تقديم الخدمات بتقنيات حديثة    سمو ولي العهد يستقبل الأمراء والمواطنين    «تيك توك» تزيد مدة الفيديو لساعة كاملة    تحدي البطاطس الحارة يقتل طفلاً أمريكياً    دعاهم إلى تناول السوائل وفقاً لنصائح الطبيب.. استشاري: على مرض الكلى تجنّب أشعة الشمس في الحج    مختصون ينصحون الحجاج.. الكمامة حماية من الأمراض وحفاظ على الصحة    أمير عسير يُعزّي أسرة «آل مصعفق»    كيان عدواني غاصب .. فرضه الاستعمار !    الهلال يحبط النصر..    كيلا يبقى تركي السديري مجرد ذكرى    وزير التعليم: تفوّق طلابنا في «آيسف 2024» يؤسس لمرحلة مستقبلية عنوانها التميّز    الخبز على طاولة باخ وجياني    أهمية إنشاء الهيئة السعودية للمياه !    الرئاسة العامة تستكمل جاهزيتها لخدمة حجاج بيت الله الحرام هذا العام ١٤٤٥ه    قائد فذٌ و وطن عظيم    رئيس جمهورية موريتانيا يغادر جدة    بتوجيه الملك.. ولي العهد يزور «الشرقية».. قوة وتلاحم وحرص على التطوير والتنمية    «الأحوال»: قرار وزاري بفقدان امرأة «لبنانية الأصل» للجنسية السعودية    جامعة الملك خالد تدفع 11 ألف خريج لسوق العمل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أحمد الجلبي: لست وراء المختبرات النقّالة والاستخبارات الأميركية مسؤولة عن الفشل ...
نشر في الحياة يوم 27 - 03 - 2009

نفى الدكتور أحمد الجلبي رئيس «المؤتمر الوطني العراقي» ان يكون «المؤتمر» ضلل الأميركيين في ملف أسلحة الدمار الشامل أو المختبرات الجوالة. وانتقد المدير السابق للاستخبارات المركزية الأميركية ال «سي آي أي» جورج تنيت ووصفه بأنه كاذب وفاشل. وتحدث الجلبي عن علاقته ب «المحافظين الجدد» قائلاً: «الأفكار التي طرحوها لم يكن لها مجال للتنفيذ. نحن أعطيناهم قضية هي العراق...». وهنا نص الحلقة السابعة: ما قصة المختبرات النقالة للأسلحة البيولوجية؟ - في العام 2002، جاء شخص ادعى أن عنده معلومات عن مختبرات متنقلة للأسلحة البيولوجية. رتب أراس حبيب لهم مقابلة معه في عمان. أخضعوا هذا الشخص لجهاز كشف الكذب، فتبين انه يكذب. مع ذلك أخذوا معلوماته وادعوا لاحقاً بأنهم لم يبلغوا بأنه لم ينجح في اختبار كشف الكذب. الآخر كان شاباً ادعى أنه يعرف عن برنامج نووي للتخصيب في العراق. وقابلته الاستخبارات الأميركية في كردستان في شباط (فبراير) 2003 مرة واحدة، ثم قالوا لا نريده، وذهب. هذا هو كل ما لدينا. هذا الموضوع صارت حوله مسألة كبيرة جداً. وخرج تقرير رسمي أميركي هو تقرير روب سيلفرمان الذي قال إن علاقة «المؤتمر الوطني العراقي» بقرار أميركا دخول الحرب «ضعيف وغير موجود». ثم خرج تقرير لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ الأميركي التي كلفت التحقيق في الموضوع. وقالت في تحقيقها الأول إن لا علاقة لنا، ثم تساءلت: هل دخلت معلومات استخباراتية إلى الإدارة مباشرة من دون المرور عبر أجهزة الاستخبارات؟ وما هو دور المؤتمر الوطني فيها؟ أرسلت إليّ لجنة الاستخبارات في الكونغرس اثنين من موظفي الحزب الجمهوري، صاحب الغالبية آنذاك، في نهاية العام 2005. كانا رجلاً وامرأة التقيتهما في زوريخ لمدة ست ساعات، وطلبا مني معلومات كاملة عن هذا الموضوع، ثم كتبا تقريراً قدمه رئيس لجنة الاستخبارات السيناتور بات روبرتس. في اللجنة تحرك الديموقراطيون، باعتبارهم خصوم بوش، مع الجمهوري الذي كان يكره المؤتمر الوطني كثيراً السيناتور تشاك هيغل، والسيناتور أوليمبيا سنو، وهي ليبرالية تنتمي إلى الحزب الجمهوري أيضاً. قال هيغل: مستحيل أن نبرئ المؤتمر الوطني وأحمد الجلبي، فكتبوا في التقرير مسائل ضدنا. وأصدر روبرتس بعدها تقريراً خاصاً، استخدم عبارات قوية جداً، وقال: لم أر تصميماً سياسياً على تغيير الحقيقة مثلما حدث في هذه القضية. نحن لا علاقة لنا بقرار أميركا دخول الحرب. الشيء المهم جداً هو أن الاستخبارات الأميركية فشلت. تينيت قال لبوش إن معلومات أسلحة الدمار الشامل مؤكدة. كيف تستطيع فئة معارضة تعمل في الخارج وهدفها الرئيسي إسقاط صدام أن تقنع الإدارة الأميركية بدخول حرب ضد صدام بهذه الطريقة؟ هذا خيال. ماذا عن قصة المختبرات المتنقلة؟ - ظهر شخص أطلق عليه الأميركيون لقب «كرفبول» Curveball، وكان اسمه الحقيقي رافد أحمد علوان. جاء إلى ألمانيا التي أبلغت استخباراتها الاستخبارات الأميركية أن لديه معلومات. وأعطاهم معلومات عن المختبرات البيولوجية. وكان الشخص الذي التقاهم في عمّان وفشل في جهاز كشف الكذب أعطاهم المعلومة نفسها، فاعتقدوا أن هذا تأكيد للمعلومة. قال روبرتس إن 97 في المئة من معلومات الولايات المتحدة عن الأسلحة البيولوجية في العراق من هذا الشخص (علوان). أبلغت الاستخبارات الأميركية الإعلام أن شقيق علوان يعمل في المؤتمر الوطني، وخرج هذا في الصحف، على رغم نفينا. وكتبنا رسالة إلى «نيويورك تايمز» التي قالت إن مصادر الاستخبارات التي كانت تؤكد علاقة علوان بالمؤتمر الوطني تنفي ذلك الآن. لم نكن نعرف هذا الشخص. هل يمكن أن تكون إيران ضللت الأميركيين؟ - لا. علاقتنا بالأميركيين وبالإيرانيين كانت واضحة للطرفين. في العقد بين المؤتمر الوطني ووزارة الخارجية الأميركية العام 2000، كان هناك اتفاق على فتح مكتب في طهران وفي دمشق. جاءنا محام من وزارة الخارجية اسمه توم ووريك، وقال: كيف تريدون فتح مكتب في طهران؟ هناك قرار رئاسي يمنع على الحكومة الأميركية إنفاق أي أموال في إيران. وهذا سيتطلب استثناء من دائرة التحكم بالأصول الأجنبية في وزارة الخزانة. وبالفعل، حصل لنا على موافقة أخذناها وذهبنا إلى طهران. هل تعتقد أن الأميركيين أساؤوا التصرف؟ - قطعاً. من منهم؟ - المسؤول الأول عن هذا الموضوع هو الرئيس بوش الذي استمع في نهاية المطاف إلى من قالوا له إن العراقيين غير قادرين على حكم أنفسهم، واستمع إلى نصائح بعض حلفائه كبريطانيا وبعض الدول العربية التي كانت متخوفة من نوع التغيير الذي يحدث في العراق، فأعلن الاحتلال بدلاً من أن يسير في الخط الذي كنا اتفقنا عليه، وهو إعلان حكومة عراقية موقتة تلتزم بموعد للانتخابات بقرار من مجلس الأمن، وتتصرف كحكومة ذات سيادة في العراق. لو حدث هذا، لتفادينا الكثير الكثير من الأخطاء. هل قرأت مذكرات جورج تينيت؟ - قرأت جزءاً منها. وما رأيك فيها؟ - أول صفحة فيها كذب. في أول مقاطع الكتاب يقول إن ريتشارد بيرل التقاه وهو خارج من البيت الأبيض في 12 أيلول 2001. في ذلك الحين، كان بيرل في جنوب فرنسا. القضايا والوقائع التي ذكرها كانت خطأ. تقصد أنه كاذب؟ - نعم. تحدث عنك في مذكراته؟ - نعم. ذكر مسائل سلبية كثيرة. كل واحدة منها عليها رد. لكنها في شكل عام، قضايا ليست لها أهمية. جورج تينيت لم تكن له علاقة بالاستخبارات. بدأ حياته السياسية مساعداً في لجنة الاستخبارات في الكونغرس، ثم صار رئيساً للاستخبارات في عهد كلينتون، لأن الأخير لم يكن مهتماً بالوكالة. ومرشح كلينتون توني ليك فشل في الحصول على تأييد الكونغرس. وكان ترشيح تينيت الخيار الأسهل. هل تعتقد أنه كان غير كفوء؟ - نعم. تينيت شخص غير كفوء. كان مسؤولاً عن تدبير عملية الانقلاب التي كشفت في العراق العام 1996. ولم يكترث بالتحذيرات التي وصلته مباشرة مني عن طريق بعض الساسة الأميركيين الذين أعرفهم. وحدثت مصيبة، إذ شهدت أكبر خسائر ل «سي آي اي». والفشل الكبير كان في المعلومات الخطأ المختلقة التي جاء بها تينيت لبوش لتبرير الحرب عن طريق أسلحة الدمار الشامل. إذن أنت تقول إن تينيت هو من أتى بالمعلومات الخطأ. هل كان يعرف أنها خطأ؟ - إذا لم يكن يعرف، فهذه مصيبة أكبر. هناك أدلة كثيرة جداً على خطأ هذه المعلومات. الأميركيون التقوا «كرفبول» (رافد علوان) مرة واحدة فقط واعتمدوا على الألمان، رغم أن السيناتور روبرتس قال إن «كرفبول» كان مصدر 97 في المئة من المعلومات عن أسلحة الدمار الشامل. هل قرأت ما كتبه عنك بول بريمر؟ - نعم. ما رأيك فيه؟ - سأذكر لك شيئاً واحداً عن بريمر. يقول بريمر إنني الشخص الوحيد الذي يفهم في الاقتصاد بين من قابلهم في العراق. لكنه قال أشياء أخرى. - نعم. اختلفت معه على 4 قضايا، الأولى إنفاقه للمال العراقي. والثانية محاولة اعتقال مقتدى الصدر وسقوط قتلى، وقلت له: كفى قتلاً لأبنائنا. الأمر الثالث هو موضوع اجتثاث البعث وحل الجيش. أما الشيء الرابع، فهو موضوع السيادة، وهذا هو الأهم. ألم تشارك في تضليل وسائل الإعلام الأميركية؟ - أبداً. هدفنا كان إسقاط صدام وكنا نعبئ الرأي العام العالمي ضده، ولم نعط أي معلومات كاذبة عن الوضع في العراق. لم نقل شيئاً عن مختبرات متنقلة أو غيره. إذا كان من السهل تضليل أميركا بهذا المستوى، فلماذا لم يضللها آخرون؟ هل براعتنا بالتضليل وصلت إلى هذا الحد من الدقة، لنقنعهم بالهجوم على صدام اعتماداً فقط على معلوماتنا؟ لماذا إذن أسقطت إدارة بوش نظام صدام؟ - خافت بعد 11 أيلول أن يفعل شيئاً. اتضح أن من السهل فعل هذا. لا تنسّ رسائل الأنثراكس التي استهدفت مجلس الشيوخ، ولم يعرف حتى الآن من أين جاءت. أغلقت بناية كبيرة سبعة شهور. ما فعلناه نحن أننا أسسنا شرعية العمل الأميركي ضد صدام في قانون تحرير العراق. وهذه مسألة مهمة. هل قابلت الرئيس بوش؟ - ثلاث مرات. الأولى في حفلة استقبال في نيويورك لمناسبة اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة. سلمت عليه، وكنت أنا وابنتي. القيت وقتها كلمة العراق أمام الجمعية العامة العام 2003 بعد إسقاط صدام، حين كنت رئيس مجلس الحكم. وفي الرحلة نفسها، رأيته في واشنطن خلال إلقائه خطاب حال الاتحاد. كنت أقف خلف زوجته. وحين أنهى خطابه، صافحته وتحدثنا لثلاث دقائق. أما المرة الثالثة، فكانت في المكتب البيضاوي في البيت الأبيض ضمن وفد عراقي ضم الدكتور عدنان الباجه جي رئيس مجلس الحكم آنذاك ورئيس الوفد، والسيد عبدالعزيز الحكيم وأنا. كان ذلك في كانون الثاني (يناير) 2004. وغضب منك بعد ذلك؟ - نعم. غضب من هذا الاجتماع. لأنني كنت أطالب بإجراء انتخابات، لذلك ذهبت إلى المسؤولين عن البطاقة التموينية وطلبت منهم معلومات عن المواطنين للخروج بقائمة ناخبين. وهذا ما حصل لاحقاً، ويحدث إلى اليوم. واعتقدت وقتها أنني قادر على إجراء انتخابات خلال ثلاثة شهور. وذهبت إلى واشنطن وأعلنت ذلك. وكان الأميركيون يريدون تأخير الانتخابات. ويوم إعلاني ذلك في واشنطن، خرجت تظاهرة كبيرة جداً في بغداد تطالب بالانتخابات، فاعتبر الرئيس بوش هذا ليّاً لذراعه. الأمر الثاني، هو تحريض بريمر بوش عليّ، وهو ذكر هذا في مذكراته. قال له إنني أصبحت شوكة في خاصرة الأميركيين. وفي نيسان (أبريل) 2004، أصدر بوش مذكرة لم أطلع عليها، بصفته رئيساً لمجلس الأمن القومي، تدعو إلى تهميشي. وهذا كان الأساس الذي اعتمد عليه بريمر للهجوم علي في بغداد بعد ذلك بشهر عقب زيارة بلاكويل. ما قصة الهجوم الأميركي على منزلك في بغداد؟ - تم هذا بسبب ثلاث قضايا. الأولى هي العمليات التي قاموا بها ضد التيار الصدري في بغداد والنجف. أنا وقفت في مجلس الحكم في نيسان (أبريل) 2004. الأمر الثاني هو قضية الأخضر الإبراهيمي الذي أرسلته الأمم المتحدة مبعوثاً لها إلى بغداد. وفي أول زيارة له كتب تقريراً إلى الأمين العام للأمم المتحدة آنذاك كوفي أنان الذي أرسله بدوره إلى مجلس الحكم. وتضمن هذا التقرير هجوماً شديداً على الأكراد والشيعة. وتُلي هذا التقرير في المجلس، وأثار ضجة. واقترحنا تشكيل لجنة للرد على أنان. كانت اللجنة تضم الدكتور محمود عثمان وحميد مجيد موسى والدكتور إبراهيم الجعفري وأنا. اجتمعنا وأعددنا رداً لأنان، لم نذكر فيه الإبراهيمي، لكن اتضح من ردنا أننا لا نرحب بعودته. وقع الرد رئيس مجلس الحكم السيد محمد بحر العلوم لإرساله إلى أنان. وحين رآه بريمر، منع إرساله. بعد ذلك ب48 ساعة، وصل إلى بغداد المستشار الخاص لبوش حول العراق السفير روبرت بلاكويل. اتصل بي بريمر وطلب عقد اجتماع. وعندما ذهبت إلى القصر، وجدت معه بلاكويل الذي سألني: لماذا تقف ضد الإبراهيمي؟، فأجبت بأنني أعتقد أن الإبراهيمي يريد إعادة شيء مشابه لوضع العراق في زمن صدام من ناحية علاقاته بالدول العربية ومن يسيطر على الحكم في بغداد. وأوضحت أن كل ما عملنا عليه كان هدفه تغيير ذلك، واعتقد بأن الإبراهيمي سيسبب لنا مشاكل. رد بلاكويل قائلاً إن الإبراهيمي يحظى بثقة أنان، وبتأييد الرئيس بوش الذي التقاه مرتين. قلت له: مع كامل الاحترام لهذا الشخص المهم وتاريخه، أريد أن أذكرك بأنه دبر زيارة لعنان للقاء صدام في شباط (فبراير) 1998، بهدف إنقاذه من قضية المفتشين. بعد نصف ساعة من الحديث. طلب بلاكويل من بريمر أن يغادر غرفة الاجتماع. وباغتني بلاكويل بالقول: هل تعرف من أنا؟ أنا الممثل الشخصي للرئيس بوش. ووضعك مرتبك في البيت الأبيض. فقلت له: وماذا بعد؟ قال: إذا كنت ستقف في وجه سياسة الرئيس بوش، سنلقي بكامل ثقل الولايات المتحدة للضغط عليك. فرددت بأن هذه الحجة لا تقنعني وتركت الاجتماع. النقطة الثالثة التي أزعجت بريمر كثيراً، هي أنني كنت أقول له في مجلس الحكم إنك صاحب التوقيع الوحيد على أموال العراق، فانتبه كيف تنفقها. هناك مشاكل في المحاسبة. وهذا كان يضايقه. حذرني أحد أصدقائي في مجلس الحكم من أن بريمر سيؤذيني إذا استمر طرحي للمسائل المالية. بعدها خرجت الاستخبارات المركزية الأميركية بقضية إرسال معلومات إلى إيران. وهل أرسلت معلومات إلى إيران؟ - لا طبعاً. هذا اتهام سخيف جداً. قالوا إنني أبلغت الإيرانيين بأن الولايات المتحدة تمكنت من فك شفرة اتصالاتهم. فقام ضابط
استخبارات إيراني بإرسال هذه المعلومة بنفس الشفرة إلى طهران. أي شخص لديه معرفة بسيطة بعمل الاستخبارات، يدرك أن هذا مستحيل. جرت تحقيقات كبيرة. ولم يعرف الأميركيون كيف حصلت على هذه المعلومة. اتهموا كثيرين، لكن لم يحصلوا على شيء. ودعيت بعد ذلك إلى الولايات المتحدة في تشرين الثاني (نوفمبر) 2005 للقاء مسؤولين بينهم نائب الرئيس ووزيرة الخارجية ووزير الدفاع ووزير التجارة ووزير الخزانة ومستشار الأمن القومي. متى كان أول اتصال بينك وبين «سي آي أي»؟ - في العام 1991 في لندن. هل بادروا هم الى هذا الاتصال؟ - كانت لي علاقات مع وزارة الخارجية الأميركية بدأت في بيروت عام 1971. تم أول اتصال بين الأكراد والأميركيين في منزلي في بيروت. مع ال «سي آي أي»؟ - جاء مندوب من قبل الملا مصطفى بارزاني هو سكرتير المكتب السياسي ل «الحزب الديموقراطي الكردستاني» حبيب محمد كريم. اتصلت وقتها بعادل عسيران، فاتصل بلبناني يعمل في السفارة الأميركية طلب منه أن يبعث شخصاً لمقابلة مهمة. وأرسل ديبلوماسياً أميركياً في القسم السياسي في السفارة إلى منزلنا في بيروت. وفي عمّان تعرفت إلى السفير الأميركي في الأردن ريتشارد فيتس في مطلع الحرب العراقية - الإيرانية، وشرحت له ما أتوقع أن يحدث. وأحضر فيتس لاحقاً إلى عمّان مسؤول قسم رعاية المصالح الأميركية في بغداد آنذاك توماس ايغلتون الذي صار سفيراً في دمشق لاحقاً، وعقدنا اجتماعاً استمر ثلاث ساعات للبحث في الوضع. بعد ذلك، اجتمعت بنواب أميركيين في عمّان في الثمانينات. كانوا كلهم يؤيدون صدام، وخضنا نقاشات حادة حول ذلك. استمرت العلاقات معهم. وفي نهاية الثمانينات قبل أن أغادر عمّان، تعرفت إلى رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب الأميركي كليبورن بيل عن طريق صديقي بيتر غالبريث الذي أصبح بعد ذلك سفيراً للولايات المتحدة في كرواتيا، وعمل مع كليبورن على مشروع قانون بعدما أبلغته أن صدام يحصل على بليون دولار سنوياً في صورة تسهيلات مالية عن طريق وزارة الزراعة الأميركية. وصدر بعدها قرار بمنع صدام، ما أثار حفيظة إدارة رونالد ريغان التي ردت بمشروع قانون يمنح الرئيس صلاحية منح هذه المساعدات. متى بدأت علاقتك مع إيران؟ - من زمن بعيد. كانت لوالدي علاقات معها، وبعده أنا في العام 1969. وحين قامت الثورة الإسلامية، ساهمت في تنظيم العلاقات بين الإيرانيين والحركة الكردية في العراق. وسهلت عملية نقل جثمان المرحوم الملا مصطفى بارزاني من أميركا إلى إيران لدفنه عام 1979، قبل نقل رفاته إلى العراق عام 1993. إذن، كانت علاقتك بإيران تسير بالتوازي مع علاقتك بالأميركيين؟ - نعم، طبعاً. كنت مقتنعاً أن عمليتنا لن تنجح إلا إذا حدث نوع من التفاهم الضمني على إنجاحها بين أميركا وإيران. وهذا ما حصل؟ - هذا ما حصل طبعاً. وما قصة جمعك الأكراد مع المجلس الأعلى في العام 1979؟ - كان الأكراد ممتنين للمرجع السيد محسن الحكيم لإصداره فتوى في العام 1966 تحرم قتال الأكراد. وفي العام 1969، عقد اجتماع بين الملا مصطفى بارزاني والسيد مهدي الحكيم الذي شارك معنا في طهران في الحركة ضد نظام «البعث». بعد ذلك توقفت العلاقات، حتى حدثت تحركات كردية في إيران العام 1979 ضد الثورة الإسلامية. كان ولدا الملا مصطفى، وهما المرحوم إدريس ومسعود، موجودين في طهران. وكان وضعهما قلقاً بسبب اتصالاتهما السابقة بالشاه. فبادرت الى الاتصال بمسعود هاتفياً. وقلت له إن عليهم اتخاذ موقف من الوضع الكردستاني في إيران، فرد قائلاً: لن نسمح لأعداء الجمهورية الإسلامية بالوصول إلى الحدود العراقية - الإيرانية، طالما بيدنا شيء. سألته إن كان يمانع في إجراء اتصال بالثورة، فرحب. واتصلت بالسيد محمد باقر الحكيم الذي كان في طهران، وقلت له: قابل مسعود وإدريس بارزاني لإنشاء علاقة معهما، فقال: على الرحب والسعة. اعطيتهما هاتفه وحصلت الاجتماعات من جديد. وبعد ذلك، خطط الطرفان في طهران للانتفاضة الشعبانية بعد حرب الخليج. أليس «المؤتمر الوطني العراقي» هو مصدر معلومات ادارة بوش عن أسلحة الدمار الشامل؟ - هذا غير صحيح. فقد بادر البيت الأبيض الى الاتصال بنا في تشرين الأول (أكتوبر) 2001، وسُئلنا إذا كنا نعرف أشخاصاً لهم علاقة ببرنامج أسلحة الدمار الشامل. فقلنا إن لا علاقة لنا بهذا الامر. وفي هذه الفترة، جاءنا بالصدفة شخص اسمه عدنان الحيدري قال إنه متجه إلى دمشق، وإنه كان يبني غرفاً ضد الإشعاع في العراق ولديه معلومات وخائف. سهلنا سفره إلى تايلاند. ورتب هذا الأمر من لندن مسؤول الاستخبارات في «المؤتمر الوطني العراقي» اراس حبيب. اتصلنا بمراسلة «نيويورك تايمز» جوديث ميلر، وقلنا لها إن هذا الشخص لديه معلومات، إذا رغبت في مقابلته. وبالفعل، سافرت إلى تايلاند والتقته ونشرت المقال. أبلغنا واشنطن بمكانه، فأرسلت ضباطاً من استخبارات وزارة الدفاع للقائه. قالوا إن لديه معلومات كاملة واصطحبوه إلى أميركا، لكنهم أعربوا عن انزعاجهم من نشر المعلومات في «نيويورك تايمز». هل كان «البيت الشيعي» ردك على الأميركيين؟ - لا. نظمنا البيت الشيعي لأن الأميركيين شكلوا مجلس الحكم على أساس طائفي. ورأيت أنه إذا ترك الوضع على الغارب للأطراف العراقية الموجودة في مجلس الحكم، فمن الممكن أن تصير شرذمة في الوضع السياسي، ويسهل على الأميركيين التحكم في الوضع في ظل عجرفة بريمر. لذلك، أسسنا البيت الشيعي لجمع كلمة الأعضاء الشيعة وتكوين كتلة داخل مجلس الحكم تلتزم بقرارات لمصلحة العراق والحصول على السيادة ومجابهة بريمر. بقراءتك المتأخرة، من دفع باتجاه المغامرة الأميركية في العراق، نائب الرئيس أم مدير الاستخبارات؟ - أعتقد أنه صار هناك وضع سياسي في واشنطن. واقتنع الرئيس بضرورة التحرك ضد العراق، وأيد نائب الرئيس هذه القضية، كما أيدتها بشدة وزارة الدفاع وأعضاء في الكونغرس. هل كانت علاقتك جيدة برامسفيلد؟ - لم تكن عميقة. لكن كان هناك احترام متبادل. مع من من مساعدي رامسفيلد كانت علاقتك جيدة؟ - كانت علاقتي جيدة مع بول وولفويتز. ساعدناه كي يصبح شخصية بارزة حين كان خارج السلطة في عهد كلينتون. أصبح وكيل وزارة الدفاع في عهد بوش، ثم عميداً لكلية الشؤون الدولية في جامعة جون هوبكنز في واشنطن. وهناك ساعدناه كثيراً. كيف؟ - كنا نعطيه معلومات تمكنه من كتابة مقالات عن مسائل حقيقية تجري في العراق ولم تطلع عليها الإدارة، فاكتسب صدقية وصار يدعى للشهادة أمام الكونغرس الأميركي، وكنا نزوده معلومات حقيقية لاستخدامها في هذا المجال. وأصبح شخصية معروفة في واشنطن في شأن العراق. هل ما زالت علاقتك به مستمرة؟ - لم أتحدث إليه بعدما هاجمني الأميركيون في العراق، ولم يتصل هو بي. وعلاقتك بريتشارد بيرل؟ - قوية. حتى اليوم؟ - نعم. يعني علاقتك كانت بالمحافظين الجدد؟ - الأفكار التي طرحها المحافظون الجدد لم يكن لها مجال للتنفيذ. نحن أعطيناهم قضية هي العراق. هم استفادوا كثيراً من وجودنا وتكويننا السياسي في طرح موضوع قابل للتنفيذ. باقي المواضيع التي طرحوها لم تنفذ. كانت فاشلة، مثل قضايا سورية وإيران و «حزب الله» و «حماس» والشرق الأوسط الجديد. كان هذا كله فاشلاً. ونحن استفدنا منهم كثيراً. هل صحيح أنك أقنعت الأميركيين بأن ديموقراطية حديثة ستقوم في العراق إذا أسقطوا صدام؟ - نعم. وصارت هناك ديموقراطية. العراق الآن دولة ديموقراطية. من كان يحرض عليك في الاستخبارات الأميركية غير جورج تينيت؟ - كثيرون. المسؤولون عن دائرة الشرق الأدنى في «سي آي اي» منذ العام 1995 كانوا ضدي. كلهم. هل كانت علاقاتك غير طيبة مع وزراء الخارجية؟ - علاقتنا معهم كانت هامشية. لكن كولن باول كان ضدنا وكذلك نائب وزير الخارجية ريتشارد أرميتاج. لماذا لك أعداء كثيرون؟ - لأنني جئت لتغيير واقع حقيقي في الشرق الأوسط وفي السياسة الأميركية إزاء المنطقة. هناك مصالح هائلة كانت تدعم الحال السياسي الموجود. وجئت أنا وعملت على تغيير هذا الواقع في أميركا. أنظمة عربية كثيرة تعتمد على جماعات في أميركا لدعمها وإبقائها في السلطة. جئت أنا وغيرت هذا الواقع من خارج الإطار المعتمد. وأدخلت في واقع السياسة الأميركية أشخاصاً جدداً غير الأشخاص المعهودين، وأصبحت لهم أصوات مسموعة في الشأن العراقي. هل لك علاقات مع الإدارة الأميركية الحالية؟ - لا. ألست بحاجة إلى هذه العلاقات؟ - أميركا دولة عظمى لها وجود في المنطقة. لكن لا أعتقد أن لنا مصلحة في علاقة وثيقة أو قوية معهم. ألا تخشى عودة الحرب الأهلية في العراق بعد خروج الأميركيين؟ - لا. أنا واثق أن العراقيين يستطيعون السيطرة على الوضع. أنا تقريباً الوحيد بين قلة من السياسيين خارج المنطقة الخضراء في مناطق تعتبر ساخنة. ولم تكن لي حماية أميركية أبداً. هل تعرضت لمحاولة اغتيال؟ - مرات عدة. من كان وراءها؟ - كثيرون. «القاعدة»، ثم بعض البعثيين. آخر عملية استهدفت موكباً لي لم أكن فيه في أيلول الماضي. البعثيون أرسلوا لنا سيارة مفخخة قبل ذلك، فككناها قبل أن تنفجر. أين عزت الدوري باعتقادك؟ - لا أعرف. غير معقول. أنت شخص في موقع ولديك معلومات؟ - صحيح لا أعرف. نسمع مرات أنه في العراق. وهل يمكن أن يكون خارج العراق؟ - محتمل. لكن ليس عندي أساس لأي معلومات. ماذا تحمل غير الجنسية العراقية؟ - أحمل الجنسيتين اللبنانية والبريطانية. كيف حصلت على اللبنانية؟ - والد زوجتي المرحوم عادل بك عسيران في العام 1982. اتصل بي قائلاً إنه حصل لي على الجنسية من الرئيس إلياس سركيس. استعملت جواز سفري العراقي حتى رفضوا تجديده، فاستعملت جواز السفر اللبناني. وحين حاولت السفر إلى أوروبا حدثت مشاكل، فحصلت على جواز السفر البريطاني. بأي صفة شاركت في مؤتمر جنيف للحوار اللبناني؟ - كان هناك تسعة قادة مدعوين، بينهم المرحوم عادل عسيران. كنت في الأردن، فاتصل بي وقال لا بد أن تأتي معي إلى جنيف. فسألته: بأي صفة؟ فرد: ولماذا حصلنا لك على الجنسية اللبنانية؟ كان لكل شخص مرافقان يدخلان معه في القاعة. أخذ ابنه علي بك النائب الحالي وأنا، في مؤتمر جنيف وبعده مؤتمر لوزان. سأروي لك قصة من مؤتمر جنيف. حين عقدت المعاهدة اللبنانية - الإسرائيلية (اتفاق 17 أيار) التي سعى من أجلها الأميركيون، انزعجت كثيراً. فذهبت إلى مؤتمر جنيف، وقلت لعمي إن هذا الاتفاق أسوأ من الاحتلال لأنه يشرعن دخول الجيش الإسرائيلي إلى لبنان متى يشاء، فتصبح له صفات المحتل من دون أن يتحمل تكاليف الاحتلال. وقلت له إن هذا الاتفاق اتفاق سلام، والدولة اللبنانية ليست معنية بالحرب، رغم أنه يتم على أرضها. واتفاق السلام لا بد أن يكون بين المتحاربين. عندما تعقد اتفاق سلام من دون أن تسيطر على الأطراف المتحاربة على أرضك، يتم هذا على حسابك. فاقتنع بهذا الرأي. على من تعرفت في جنيف؟ - كثيرون. الرئيس كميل شمعون كنت أعرفه من صغري وتحدثت معه، وكان يعرف والدي وشقيقي طلال. هل تعرفت على رفيق الحريري هناك؟ - رأيته هناك. كان عادل بك يزور الرئيس رشيد كرامي، فذهبنا إلى جناحه. وكان نبيه برّي وعبدالحليم خدّام هناك، ودخل الحريري وأشار إلى الرئيس برّي وتحدثا على انفراد، فصرخ خدّام: انتبه يا نبيه. بدأت العلاقة مع الحريري في عمّان. أسست مدرسة بالتعاون مع الأمير حسن وأنفقنا عليها من البنك. وكان الأمير قلقاً على مستقبل المدرسة. وحين جاء الحريري، دعاني الأمير للقائه على أمل دعمه المدرسة. وحين تكلمت معه، قلت له: نحن نأمل في دعمك المعنوي. قال: المعنوي فقط؟ قلت له: نعم. * غداً الحلقة الاخيرة

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.