من أمام بوابات لجان صرف التعويضات للمتضررين من كارثة جدة الأخيرة، بدت ملامح التذمر والسخط على وجوه مراجعيها المنكوبين في منازلهم وسياراتهم، فوجهوا انتقادات عدة للمسؤولين القائمين على الإجراءات، بعد حجزهم خلف البوابات المقررة للصرف، والأسلوب «غير الموفق» الذي يعاملون به بحسب وصفهم. ورصدت «الحياة» في جولة لها أمس، منع غالبية المتضررين من دخول بوابات اللجان، على رغم إعلان أسماء غالبيتهم الذين قدموا مصطحبين أوراقهم اللازمة، لتسلم «شيكات» التعويضات التي قررتها الحكومة. وأكد عدد من المتضررين في موقع الصرف ل «الحياة» أنهم قدموا للجنة منذ ساعات الصباح الأولى بعد إعلان أسمائهم في القوائم اليومية الصادرة من الجهات صاحبة الاختصاص، إلا أنهم أجبروا على المغادرة بناء على أوامر أحد المسؤولين الذي طالبهم بالحضور في الغد (اليوم)، موضحاً أنهم سيتسلمون أرقاماً من أمام البوابة ينتظرون بعدها إلى حين موعد تعويضاتهم. وبكثير من السخط، أكد المتضرر أحمد زيد أن الطريقة التي يتعامل بها بعض المسؤولين في اللجنة «غير موفقة على الإطلاق»، خصوصاً وأن المتضررين يمرون بأزمة مالية حقيقية بعد تضرر منازلهم ومركباتهم، لافتاً إلى أنه حضر منذ الصباح وظل يبحث عن اسمه في الأوراق المعلقة في حيطان المقر حتى وجده، ومن ثم انتظر في الخارج طويلاً من دون جدوى. وتساءل زيد: «ماذا يمنع اللجنة من صرف مستحقات المتضررين التي تطالعنا بها الصحف اليومية كل يوم بدلاً من الحضور يومياً من دون الحصول على المستحقات؟» متمنياً أن تتم معاملة المتضررين بشكل أفضل من قبل لجان الصرف على اعتبار أن المتضرر «يبحث عن المساعدة الملكية بشكل سريع» حتى يتم إصلاح ما خلفته السيول من أضرار بممتلكاته. وكشفت جولة «الحياة» عشوائية في إدارة المسؤولين للمقر المخصص للجنة صرف التعويضات، حيث تتجلى معاناة المتضررين من الانتظار فترات طويلة، في ظل غياب اختصاصيي اللجنة. العشوائية هي المسيطر، وملامح المتضررين اتفقت عند خروجها على الغضب، وهو ما يؤكده المواطن عمر الحداد، موضحاً أن صرف التعويضات يعاني من إشكالية عدم وضوح الرؤية أمام المتضررين، «فعلى رغم إعلان الأسماء والمطالبة بضرورة مراجعة اللجنة في يوم معين، إلا أن الجميع يفاجأ بمنعهم من الدخول لمقابلة اللجنة بحجج غير منطقية» كما يقول. وأشار إلى أنه يضطر يومياً لاستئجار إحدى سيارات الأجرة للقدوم إلى مقر اللجنة والاطلاع على آخر مستجدات التعويض، إلا أن النتيجة لا شيء. لافتاً إلى أن مكرمة خادم الحرمين الشريفين للمتضررين يجب أن تعطى للمتضررين بشكل سريع. وبرزت الأرملة المسنة جوهرة قيسي (80 عاماً) شاهداً حياً على معاناة المتضررين من ساعات الانتظار الطويلة، وهي تتجول بجسدها الذي أنهكته الأمراض شاكية حالها على من يتكرم بسماعها من الحضور، بعد تضرر منزلها من الأمطار. سقطت القيسي على مرأى من الناس مرات عدة من الإنهاك، وهي تحاول الوصول إلى أي مسؤول قد يستجيب لها وينهي معاناة انتظارها الطويل، بلا فائدة. وعند حديثها إلى «الحياة» أكدت أنها لم تحصل على شيء. وقالت: «أعيش حالة من التشتت بين اللجان، فلجنة حصر الأضرار تقذفني على لجنة الصرف والعكس». وتوضح قيسي أن منزلها الواقع في حي الروابي (جنوبجدة) قد تضرر بالكامل، ولم تحضر أي لجنة لمعاينته، مضيفة «أعاني عدداً من الأمراض المزمنة وأستعطف الناس يومياً لإيصالي إلى لجان المساعدة ولكن لم أجد من ينهي معاناة بقائي في منزلي المتهالك»، موضحة أنها لا تملك قوت يومها ولا تستطيع حتى شراء الأدوية التي أعطيت لها بعد إجرائها عملية في الفترة الماضية. وناشدت الجميع بالنظر إلى حالها المتردي، خصوصاً وأن إقامتها في بيت متهالك يعرض حياتها للخطر مستقبلاً.