نادي القادسية يحصد ذهب ترانسفورم الشرق الأوسط وأفريقيا 2025    ارتفاع أسعار النفط وخام برنت يصعد إلى 63.91 دولار    الهلال يعلن انتهاء موسم لاعبه"الشهراني" للإصابة    'التعليم' تعتمد الزي المدرسي والرياضي الجديد لطلاب المدارس    بعد تعيينها نائبًا لوزير التعليم بالمرتبة الممتازة .. من هي "إيناس بنت سليمان العيسى"    محمد الدغريري يكتب.. الملكي يُعاقب القارة    مشروع البحر الأحمر: أيقونة الجمال وسرعة الإنجاز    أخضر التايكوندو يشارك في بطولة العالم للناشئين    الإعلان عن أندية الدرجة الأولى الحاصلة على الرخصة المحلية    نائبة رئيس وزراء كوسوفو: المملكة تقوم بدور كبير في ترسيخ الأمن والسلام    المملكة تبحث مع الدنمارك فرص توطين الصناعات الدوائية    من أجل ريال مدريد.. ألونسو يُعلن موعد رحيله عن ليفركوزن    بدء محادثات بوتين مع السيسي في الكرملين    المملكة توزّع 2.000 سلة غذائية وحقيبة صحية في محافظة الحسكة السورية    «سلمان للإغاثة» يختتم مشروع نور السعودية التطوعي في جزيرة زنجبار بتنزانيا    مستشفى الملك فهد الجامعي بالخبر يعزز ريادته في مجال التنظير العلاجي بإنجاز طبي جديد    سلوت: نشعر بالحزن لرحيل ألكسندر-أرنولد لكن لاعبا آخر سيعوضه    أموريم يقر بأن يونايتد يستحق الانتقادات رغم وصوله لنهائي يوروبا ليغ    الدكتورة إيناس العيسى ترفع الشكر للقيادة بمناسبة تعيينها نائبًا لوزير التعليم    جوازات المدينة تستقبل أولى رحلات حجاج جيبوتي    إيران والردع النووي: هل القنبلة نهاية طريق أم بداية مأزق    مستشفى الطوال العام ينفذ فعالية اليوم العالمي للصحة والسلامة المهنية    جازان تودّع ربع قرن من البناء.. وتستقبل أفقًا جديدًا من الطموح    سقوط مسبار فضائي على الأرض غدا السبت 10 مايو    النادي الأدبي بجازان يقيم برنامج ما بين العيدين الثقافي    إمام المسجد الحرام: الأمن ركيزة الإيمان ودرع الأوطان في زمن الفتن    القيادة تهنئ رئيس الجمهورية القرغيزية بذكرى يوم النصر لبلاده    هلال جازان يحتفي باليوم العالمي للهلال الأحمر في "الراشد مول"    مهرجان المانجو والفواكه الاستوائية في صبيا يشهد إقبالًا استثنائيًا في يومه الثاني    أمير منطقة الجوف يختتم زياراته التفقدية لمحافظات ومراكز المنطقة    أمطار ورياح نشطة على عدة اجزاء من مناطق المملكة    قيمة المثقف    الرياح الأربع وأحلام اليقظة    أوامر ملكية: تغييرات في إمارات المناطق وتعيينات قيادية رفيعة    الحج لله.. والسلامة للجميع    الرواية والسينما وتشكيل الهوية البصرية    اضطرابات نفسية.. خطر صادم    مرضى الكلى.. والحج    تطوير قطاع الرعاية الجلدية وتوفير أنظمة دعم للمرضى    الحجيج والهجيج    الأمير محمد بن عبدالعزيز يرفع الشكر للقيادة بمناسبة تعيينه أميرًا لمنطقة جازان    جامعة أمِّ القُرى تنظِّم الملتقى العلمي الرَّابع لطلبة المنح الدِّراسيَّة    رئاسة الشؤون الدينية تدشن أكثر من 20 مبادرة إثرائية    جامعة نايف للعلوم الأمنية تنال اعتمادا دوليا لكافة برامجها    جائزة البابطين للإبداع في خدمة اللغة العربية لمجمع الملك سلمان العالمي    90 مليار دولار إسهام "الطيران" في الاقتصاد السعودي    ضبط (4) مقيمين لارتكابهم مخالفة تجريف التربة    15 مليون دولار مكافأة لتفكيك شبكات المليشيا.. ضربات إسرائيل الجوية تعمق أزمة الحوثيين    تصاعد وتيرة التصعيد العسكري.. الجيش السوداني يحبط هجوماً على أكبر قاعدة بحرية    إحالة مواطن إلى النيابة العامة لترويجه "الحشيش"    الزهراني يحتفل بزواج ابنه أنس    تصاعد التوترات بين البلدين.. موسكو وكييف.. هجمات متبادلة تعطل مطارات وتحرق أحياء    إنفاذًا لتوجيهات خادم الحرمين وولي العهد.. فصل التوأم الطفيلي المصري محمد عبدالرحمن    الرُّؤى والمتشهُّون    أمير تبوك يرعى حفل تخريج طلاب وطالبات جامعة فهد بن سلطان    المرأة السعودية تشارك في خدمة المستفيدين من مبادرة طريق مكة    الرياض تستضيف النسخة الأولى من منتدى حوار المدن العربية الأوروبية    رشيد حميد راعي هلا وألفين تحية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أردوغان وأزمة قطر: فرصة لتركيا قد يفشلها اللوبي الإخواني
نشر في الحياة يوم 13 - 06 - 2017

منذ أن استغنى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن خدمات رئيس وزرائه السابق أحمد داود أوغلو في أيار (مايو) 2016، أظهر أردوغان إشارات لتغيير مهم وجذري في سياساته الخارجية، وكأنه يطوي مع داود أوغلو صفحة من السياسة الخارجية كانت بصمات الأخير واضحة فيها. فمن الاعتذار إلى موسكو عن إسقاط طائرتها الحربية والعمل على إعادة بناء العلاقات معها والتنسيق في الملف السوري، إلى تطوير العلاقات بالتدريج مع دولة الإمارات، والتوقف عن الحديث عن الرئيس السابق محمد مرسي ووصفه بأنه الرئيس الشرعي، ووصف الرئيس عبدالفتاح السيسي بالانقلابي، حتى أن إشارة رابعة التي أصبحت شعاراً من شعارات حزب العدالة والتنمية وتمثالها على طاولة مكتبه في القصر الرئاسي، وجد أردوغان لها تخريجة محلية بالقول إنها لا ترمز إلى أحداث ميدان رابعة المصري، وإنما إلى شعاره عن الدولة التركية «وطن واحد، دولة واحدة، علم واحد، أرض واحدة». بل ذهب أردوغان إلى أكثر من ذلك بأن أرسل أكثر من رسالة واضحة عبر أجهزة الدولة المختلفة إلى وسائل الاعلام الإخوانية الممولة قطرياً في إسطنبول بضرورة ضبط الخطاب ومنع استضافة معارضين خليجيين على شاشاتها، كما ظهر عدد من مستشاري أردوغان على تلك القنوات المصرية ليطالبوا جماعة الإخوان بحل نفسها ويوجهوا لها الانتقادات، مؤكدين أن تركيا تفكر جدياً بالمصالحة مع مصر، متسقاً بذلك مع تصريحات لعدد من الوزراء الأتراك تعد بمصالحات كثيرة وبداية عهد جديد في المنطقة. وقد تجلى من خلال هذه الخطوات هامش البراغماتية التي يتمتع بها أردوغان، الذي أدرك أن مرحلة الربيع العربي وأحلام حكم الإخوان المسلمين قد انتهت، وأن مرحلة جديدة قادمة يجب فيها الحفاظ على المصالح التركية بعيداً عن الاحلام الأيديولوجية التي كان يؤمن بها رئيس وزرائه السابق.
ومع انفجار الأزمة القطرية قبل أيام، فضل أردوغان عدم التصريح ليومين، وترك المجال لوزرائه ومستشاريه للحديث عن وساطة تركية، تشير إلى أن تركيا تقف على مسافة واحدة من طرفي الأزمة، قبل أن تتحرك أذرع اللوبي الإخواني في تركيا إعلامياً وسياسياً من أجل الضغط للوقوف إلى جانب قطر من دون تردد، ليظهر بعدها الرئيس أردوغان معلناً دعمه قطر، ويسرع في مصادقة البرلمان على اتفاقيتي التعاون العسكري مع الدوحة. ورغم كل ما أثير من ردود فعل غاضبة من الخطوة التركية، إلا أن الجميع يعلم أنها خطوة لا يمكن ترجمتها عملياً على أرض الواقع. ففي قطر قاعدة أميركية كبيرة، الهدف من إنشائها كما ورد في تصريحات الأمير تميم آل ثاني هي حماية قطر من أي «خطر إقليمي»، مما يعني أن التفكير في أي عمل عسكري ضد الدوحة في ظل وجود هذه القاعدة ينفي الحاجة لأي دعم عسكري تركي، أما في حال وجود ضوء أخضر أميركي لأي عمل عسكري، فإن الحديث عن دور عسكري تركي حينها سيكون ضرباً من العبث وبعيداً من الجدية. ولعل الرئيس أردوغان أراد إرسال رسالة سياسية يقول فيها «إن محاولة إسقاط النظام في قطر بالقوة العسكرية أمر مرفوض» من أجل إفساح الوقت للحلول السياسية، أو لعله أخذ بضغط اللوبي الإخواني، وهو ما يظهر من خلال عودة أردوغان للحديث عن الرواية الإخوانية عن «من مول المحاولة الانقلابية الفاشلة وفرح بها من دول الخليج» وهي الرواية المفبركة التي نقلتها المخابرات التركية عن عناصر إخوانية متعاونة حينها، علماً أن هذه الرواية تناقض كل الروايات الرسمية التركية التي تتهم جماعة غولن بتنفيذ الانقلاب، وهي جماعة لديها ما يكفي من الدوافع والتمويل للقيام بما قامت به، ناهيك عن عبثية الحديث عن حاجة انقلاب عسكري إلى تمويل خارجي. أو لعل أردوغان أراد إرسال رسالة رد جميل ووفاء لحليفه القطري الذي وقف إلى جانبه أثناء المحاولة الانقلابية في تموز (يوليو) الماضي، ويتمتع معه بعلاقات اقتصادية وتجارية قوية.
الرئيس أردوغان يتمتع بعلاقات ممتازة مع الأمير تميم ومع والده الشيخ حمد، وهذه خاصية ممتازة واستثنائية تفتح أمامه فرصة مهمة للدخول على الخط لمحاولة إقناع الجانب القطري بالتجاوب مع المطالب العربية والخليجية، خصوصاً أن هذه الدول تطالب الدوحة بتطبيق ما تم الاتفاق عليه عامي 2013 و 2014 ووقعت عليه قطر. قد يكون أردوغان هو الوحيد القادر على الحديث صراحة مع أطراف الأزمة الحقيقيين في قطر ومن دون مواربة. وإن نجح في ذلك فإنه سيكون قد حقق معادلة يخرج فيها الجميع فائزين، وتكسب تركيا بذلك حليفيها السعودية وقطر معاً بدلاً من خسارة أحدهما، وتفتح المجال لإعادة علاقات جيدة مع الامارات ومصر أيضاً، ويعود البيت الخليجي موحداً قوياً، ويفسح المجال لحل العديد من الصراعات في الشرق الأوسط، ويحمي المصالح التركية فيه. وكما أن ما اعتبرته أنقرة «خطراً كردياً في سورية» قد دفعها لتغيير سياساتها في سورية، فإن هذه الأزمة أيضاً قد تكون فرصة لتغيير قطر سياساتها في المنطقة، باتجاه تسخير قوتها الإعلامية والسياسية والمالية لدعم جبهة موحدة وقوية ضد التغول الإيراني في المنطقة، وأي محاولات أميركية لتصفية القضية الفلسطينية.
بالطبع ليس هذا بالأمر السهل، لكنه يستحق المحاولة من أجل إعادة الدور التركي فاعلاً من جديد في المنطقة. اللوبي الإخواني بأذرعه الممتدة من الخليج إلى تركيا والعالم العربي يحارب من أجل عدم حدوث ذلك. فالدعاية الإخوانية انطلقت من اليوم الأول في تركيا للقول بأن «أردوغان هو المستهدف الحقيقي من هذه الأزمة» وأنه في حال تجاوب قطر مع المطالب الخليجية والعربية، فإن الدور سيأتي على تركيا لإخضاعها، وأن ما يحدث هو «محاولة انقلابية ثانية جديدة على أردوغان انطلقت هذه المرة من أرض الخليج العربي». ناهيك عن المزاعم الغريبة بأن ما يحدث هو سيناريو أميركي بتنفيذ عربي، وهو ما يناقض المنطق البسيط من أن التصعيد الحاصل هو تراكم لسنوات ماضية ولم يبدأ مع وصول ترامب للحكم، وأكبر شاهد على ذلك الأزمة التي حدثت بين الدول الخليجية ذاتها وقطر على الموضوع نفسه عام 2013 ولم يكن ترامب قد ظهر في الصورة بعد.
اللوبي الإخواني يدرك أن أي حل إيجابي لهذه الأزمة يعني نهايته، لذا فإنه يسعى الى توريط أردوغان فيها، فما تم الكشف عنه حتى الآن من قوائم إرهاب يخص قطر فقط، لكن مع استمرار الكشف عن بقية التفاصيل فإن الأمر قد يصل إلى تركيا، وبقاء الموقف التركي داعماً بقوة لقطر من دون التحرك لحلحة الأمور، سيضع تركيا في مرمى الاستهداف مستقبلاً، وهذا ما يستدعي تحركاً تركياً سريعاً بالاتجاه الصحيح. خصوصاً أن استمرار الأزمة وطول عمرها قد يخدم إيران التي تسعى الى تغذية أي خلاف عربي- عربي، لينشغل الجميع عنها وعن مخططاتها. وليس أدل من ظهور الرئيس السوري بشار الأسد في جامعة دمشق يتجول بحرية وكأنه يستبشر من تداعيات ما يحصل حالياً. كما أن بقاء الأزمة على حالها، وتوجه قطر للتعاون أكثر مع إيران و «حزب الله»، لا يصب في مصلحة تركيا الجيوستراتيجية في المنطقة. بالإضافة إلى أن تركيا التي طالما عانت من سرطان الإرهاب، لا يمكن أن تقف على الحياد تجاه مطالب دول عربية وإسلامية بالتصدي لهذا السرطان الخبيث، فلطالما دعت أنقرة إلى عمل جماعي للتصدي لكافة أشكال الإرهاب في المنطقة، وقد كان للدول العربية موقف حازم من حزب العمال الكردستاني الذي يدمي تركيا، والذي يلقى دعماً إيرانياً في سورية حالياً.
أمام الرئيس أردوغان فرصة تاريخية للخروج من هذه الأزمة زعيماً قوياً من جديد في المنطقة، وهي فرصة تحتاج إلى كثير من العمل والجهد والتفكير الهادئ، وتجنب الوقوع في فخ الإخوان، فإطالة عمر الصراع في ليبيا واليمن، بسبب نشاط جماعة الإخوان هناك، يحرم تركيا ما تنتظره من مشاريع إعادة الإعمار فيها، ناهيك عن احتمال خسارة تركيا مشاريع تنتظرها ضمن خطة 2030 السعودية الطموحة. الاستقرار هو المفتاح لعودة تركيا إلى دورها القوي في المنطقة وحماية مصالحها الجيوستراتيجية، ولن يكون الاستقرار ممكناً في حال خرجت قطر من مجلس التعاون الخليجي وذهبت إلى الحضن الإيراني.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.