تتجه الأنظار اليوم إلى جلسة اللجان المشتركة في البرلمان اللبناني، التي ستنكب على مناقشة 17 اقتراح ومشروع قانون انتخاب أحيلت إليها لغربلتها. وعلى رغم سحب رئيس البرلمان نبيه بري فتيل الأزمة من تشريع الضرورة، بعدما بلغ الاشتباك السياسي بين مؤيدي التشريع ومعارضيه ذروته، بمخرج رمى من خلاله كرة قانون الانتخاب في ملعب اللجان من دون إعطاء مهلة محددة للنقاشات، فإن العقد التشريعي العادي الذي ينتهي آخر أيار (مايو) الجاري، لن يمر وفق مصادر نيابية من دون عقد جلسة تشريعية لتمرير القوانين الخاصة بالقروض المالية، وإقرار قوانين مهمة اقتصادياً ومالياً. وفي المقلب الآخر، ترى مصادر نيابية أن المجلس النيابي لن تُفتح أبوابه للتشريع إلا لقانون انتخاب يصر عليه «التيار الوطني الحر» و «القوات اللبنانية» و «تيار المستقبل»، الذي تعهد عدم المشاركة في أي جلسة تشريعية لا يكون فيها القانون بنداً أول على جدول الأعمال. وعشية اجتماع اللجان التي تتصدر الامتحان مرة جديدة، حيث يسجل قانون الانتخاب حضوره في أول جلسة لها، لتتضح معالم آلية العمل التي ستلجأ إليها في مقاربتها للموضوع في ظل الآراء المتباينة، يقول نائب رئيس المجلس النيابي فريد مكاري الذي سيترأس الجلسة، تعليقاً على هذه الأجواء ل «الحياة»، إنه سيفتتحها بمقدمة يضع فيها الجميع أمام مسؤولياتهم، وسيتوجه إليهم بالقول: «لدينا 17 اقتراح ومشروع قانون انتخابي، إذا بدنا نضيع الوقت، رح نضطر نطرحها ونبحثها كلها واحداً واحداً، مع ما يستلزم ذلك من جهد وهدر للوقت بلا نتيجة. ومن يريد أن يسحب اقتراحه، فهذا قد يساعد في اختصار مدة النقاش وحصره ب 4- 5 اقتراحات قابلة للبحث بجدية منتجة. أما في حال الإصرار على التمسك بهذا الكم من الاقتراحات، فمن المستحيل التوافق على قانون يحظى بالإجماع أو التوصل إلى أي نتيجة، وفي هذه الحال سنطرح القوانين وفق التراتبية وتواريخ تقديمها واحداً واحداً، ويجري التصويت عليها، وإذا كان التصويت لمصلحة البحث نمشي بالتدريج لمناقشة كل اقتراح على حدة». واختصاراً للوقت واستعجال البت بمقاربة موضوعية لقانون يحظى بموافقة غالبية الفرقاء، يلفت مكاري إلى أنه سيبذل قصارى جهده لخفض الاقتراحات المقدمة، وتصويب النقاش بالاستناد إلى خلاصة تقرير لجنة التواصل النيابية التي أفضت مناقشاتها إلى وجود مشروعين يستحقان البحث في قانون مختلط يجمع بين اقتراح الرئيس بري، وهو مناصفة 64 أكثري و64 نسبي، والمشروع المشترك المقدم من «تيار المستقبل» و «الحزب التقدمي الاشتراكي» و «القوات اللبنانية»، على أساس 68 أكثري و60 نسبي، والعمل على تقريب وجهات النظر وإيجاد مساحة تقارب أكبر بينهما. «وإذا ما أخفقنا في اعتماد هذا الحل، فليس في اليد حيلة»، يقول مكاري، ويضيف: «لكن إمكان التوصل إلى رؤية موحدة حول ماهية قانون جديد للانتخاب يحتاج إلى جلستين أو ثلاث، لتبيان المواقف ليبنى على الشيء مقتضاه». ويتابع: «إذا تمكنا من التوصل إلى مقاربة في الرؤى ننتقل إلى البحث في توزيع الدوائر الانتخابية وفق المختلط (المشكلة الأساس) بين النسبي والأكثري ونستمع إلى آراء الفرقاء، وبعد جوجلة كل الطروحات والأفكار، ووضع تصور متقارب في ما بينها، نكون توصلنا إلى نتيجة خلاصتها وضع اقتراحات ترضي الجميع». وحول احتمال أن يمتد البحث في قانون الانتخاب إلى نهاية الدورة العادية للمجلس آخر الشهر الجاري، يؤكد مكاري أن «لا سقف زمنياً للبحث، لكن خير البر عاجله». وهل تحتمل القوانين المالية المتعلقة بالهبات والقروض التأجيل إلى العقد الثاني للمجلس، إذا أخفقت اللجان في بت القانون الانتخابي؟ يقول: «كل المشاريع ضرورية ومنها المشاريع المالية. لكن الرغبة الآن هي في إدراج قانون الانتخاب في أول جلسة للهيئة العامة، مع أمل الوصول إلى حل يرضي الجميع». أما في شأن السيناريو المتوقع، هل هو إقرار قانون الانتخاب أم إقرار القوانين المالية؟ يرد مكاري ضاحكاً: الجواب عند الرئيس بري. وفي الخلاصة، تشير مصادر نيابية إلى أن اللجان المشتركة «لن تتمكن من التوصل إلى رؤية موحدة، فقانون الانتخاب أكثر تعقيداً من أن يناقش في لجنة تواصل أو لجان متعددة، فهو يحتاج بداية إلى تفاهم سياسي بين جمع القوى يمهد لتسوية تفضي إلى قانون توافقي، يوضع على جدول أعمال الهيئة العامة للتصويت عليه، لاسيما القانون الأكثر تداولاً وتقارباً، وهو المختلط بين الأكثري الذي يفضله تحالف 14 آذار والنسبي 8 آذار. وإلا سيكون الجميع أمام أمر واقع: فإما قانون الستين، أو تمديد ثالث للمجلس النيابي.