تحدث المدير العام للمرور في منطقة الرياض العقيد عبدالرحمن المقبل، أمس ل «الحياة « عن نظام حركة المرور الجديد الذي سيتم تطبيقه في المدن السعودية، وبدأ العمل به في العاصمة الرياض يوم الاثنين الماضي، ويعتمد على كاميرات كثيرة سيجرى توزيعها في أنحاء المدينة، وأخرى متنقلة، وتقنيات متقدمة لضبط الحوادث المرورية والمخالفات وتحسين انسيابية المرور، والتحكم في الإشارات الضوئية على الهواء مباشرة، فضلاً عن إرسال المخالفات فوراً برسائل نصية، وتفاصيل مثيرة تشبه تلك التي نراها في أفلام الكارتون. الصورة التي رسمها العقيد المقبل للحركة المرورية المتوقعة في مدينة الرياض لا تختلف عن افلام الخيال العلمي، وهو أوحى بطريقة غير مباشرة الى ان قيادة السيارة في مدينة الرياض ستصبح خلال الايام المقبلة افضل من السياحة، والسيارات ستتحرك في شوارع العاصمة على طريقة الاستعراضات العسكرية، وسيختفي المخالفون والمسرعون وأولئك الذين لا يكترثون بإشارات المرور. باختصار، الرياض ستصبح جنة المرور في الأرض. كلام المقبل ليس جديداً، وهو سبق وأن استضاف رؤساء تحرير الصحف المحلية واحداً تلو الآخر، وقدم لهم «الشمس بيد والقمر في الأخرى». ومرت اشهر من دون ان نرى اي تحسن في الوضع المروري المفزع الذي تعيشه العاصمة السعودية، ولم يسأل أحد المقبل عن تصريحاته، وماذا تحقق منها. والحق ان العقيد المقبل لا يختلف عن بقية المسؤولين الرسميين الذين يتعاملون مع التصريحات الصحافية على طريقة «لا يردك غير لسانك»، وقل ما تشاء من الوعود، ولن يسألك احد عن متى وكيف ولماذا لم تتحقق. الخلاصة التي نود من العقيد المقبل ان يسمعها هي ان مدينة الرياض ليس فيها نظام مرور. الناس تقود سياراتها كما تريد، وتقف أمام إشارات المرور، إذا وقفت، على طريقة المواشي الهائمة في صحراء، فضلاً عن ان الطرق نفذت بطريقة تحرض على الزحام والحوادث. حتى أصبحت العاصمة السعودية تعيش في مرحلة ما قبل تاريخ المرور الحديث. كلنا نخوض حرباً يومية. والقضية ليست في كاميرات ورسائل نصية، بل في إرادة العمل، والشعور بحجم الخطر. وقبل هذا وبعده، الإعلان عن جدول زمني للتنفيذ. نظام «ساهر» قبل ان ينام «الساهر» في الوعود، وحتى نستطيع ان نتحاسب، والمثل يقول «دقق الحساب تطول العشرة». عدد القتلى في شوارعنا فاق قتلى الحروب، والأزمة لا تحل بالتصريحات الصحافية، بل بمواجهة الكارثة في شكل مختلف.