لم يخطو برشلونة السبت الماضي على استاد «سانتياغو برنابو» خطوة نحو لقب الدوري الإسباني بل 4 خطوات بعد فوزه على غريمه التقليدي ريال مدريد (2-0). هذا الفوز اعطى ال «ازولغراناز» التقدم بفارق 3 نقاط وافضلية المواجهات بينهما في حال تعادلا نقاطاً بعد انتهاء الدوري لذا على ريال مدريد ان يفوز بأربع نقاط عن برشلونة في المراحل السبع القادمة اذا اراد احراز اللقب لكن بالنظر الى التاريخ الحالي للفريقين يبدو ان الامور صارت في غاية الصعوبة والقطار قد فات الفريق الملكي. بهذا الفوز ضرب برشلونة عصفورين بحجر واحد إذ لم يسبق ان كرر الفوز على «الميرينغي» مرتين على التوالي على ملعبه وبين جماهيره ورفعوا انتصاراتهم المتتالية على خصمهم الى 4 مرات. لكن ما حصل السبت الماضي يتعدي كسر الارقام والبطولات، ففي بطولة تحولت بشكل محزن الى صراع ثنائي فقط بين برشلونة وريال مدريد فإن الفريق الكاتالوني اعتبر ان تحقيق الطموح يحتاج إلى جهد كبير بغض النظر عن الصفقات الكبيرة التي قام بها ريال مدريد في سوق الانتقالات. ريال مدريد كان ينافس برشلونة حتى الأمتار الأخيرة في آخر موسمين لكن المقارنة بينهما كانت تتحدد بقيمة ما يصرف كل طرف من دون شك وكانت المعركة تحتدم في ال «ليغا» لأن خروج ريال مدريد المبكر من دوري أبطال أوروبا وكأس إسبانيا جعل الصراع فقط في مكان واحد. قبل المواجهة في مدريد لم يكن احد يتوقع فوزاً سهلاً لفريق الشاب خوسيب غوارديولا والأخير فاجأ الجميع حتى لاعبيه بالاعتماد على كتاب المدير الفني القدير السابق الهولندي «الطائر» يوهان كرويف الذي كان يغير كل تكتيكاته مع كل زيارة لمواجهة فريق العاصمة. التشكيلة التي اعتمدت في اللقاء على طريقة كرويف او كما يعرف «كرويفاداس» من وسائل الإعلام والجماهير. خلال سنوات يوهان كرويف الثماني على رأس الجهاز الفني لبرشلونة لم يفز سوى مرة واحدة على ارضية «سانتياغو برنابو» في حين ان الصغير غوارديولا تخطى ذلك في فترة وجيزة جداً إذ فاز على الخصم التقليدي مرتين متتاليتين (6-2) و(2-0) في العاصمة ولم يحتاج الى أكثر من عامين لتحقيق ذلك متخطياً معلمه وأستاذه. الجميع ركز على خطة اللعب التي اعتمدها المدرب اليافع بتغيير خطة اللعب من (4-3-3) إذ تقدم الظهير الايمن البرازيلي دانيال الفيش ليصبح لاعب وسط ليتحول قائد الفريق كارلس بويول الى مراقبة ما يعرف ب «سي ار سفن» كريستيانو رونالدو فيما اشرك ماكسويل كلاعب اساسي وابقى اندرياس انييستا على مقاعد الاحتياط. الجو في استاد «سانتياغو برنابو» لم يكن عادياً ففي الاوقات العادية تكتظ المدرجات عن بكرة ابيها قبل 5 او 10 دقائق من ضربة البداية لكن في لقاء القطبين اغلقت البوابات قبل نصف ساعة كما ان ضجيج المدرجات كان مألوفاً كالعادة. لم يقتصر الحضور على انصار القطبين والمسؤولين في الإستاد إذ ظهر مالك اكبر نسبة من اسهم اتليتيكو مدريد ميغيل انخل جيل في مقاعد ال «في أي بي» وقد يكون اتى لتكوين فكرة حول كيفية هزيمة ريال مدريد، كما ان استادات اسبانيا في درجاتها كافة خلت من المشجعين قبل 15 دقيقة من انتهاء مباريات الدوري من اجل اللحاق بصافرة بداية اللقاء الرهيب. اللافت أن أرضية الملعب كانت مريحة جداً للاعبي برشلونة على عكس أصحاب الأرض وبدا غوارديولا مثل الطيار الذي يعطي التعليمات بينما تقف الطائرة على المدرج فكانت يداه تعملان على مدار الوقت دون توقف وبدا أن دانيال الفيش لا يفهم ما عليه القيام به. في البداية كان ريال مدريد لافتاً وخطوطه كانت متقاربة فاحتوى خطورة ميسي وبقي تشافي تحت الرقابة لكن مع ذلك ظهر في الأفق أن شراكة تشابي الونسو وفرناندو غاغو لن تكون ناجحة في وسط ملعب الفريق الملكي. على رغم البداية القوية وانطلاقتي رونالدو التي جعلت جماهير ريال مدريد تزداد إيماناً بتحقيق انتصار طال انتظاره إلى أن تحولت تمريرة تشافي إلى ميسي كنقلة شطرنج تاركاً المدافع سيرجيو راموس حائراً وراوول البيول في خبر كان فسجل أول أهداف اللقاء واتجه صوب الجماهير فرحاً. اثبت غوارديولا مرة جديدة في بداية الشوط الثاني انه رجل الليلة حيث تفوق تكتيكياً بشكل كبير حين أعاد دانيال الفيش إلى مركزه الأساسي ظهير أيمن وتحول بويول إلى الجهة اليسرى وتقدم ماكسويل ليصبح جناحاً أيسر، ومع ذلك لم يكن الفريق مرتاحاً في الملعب لكن التقدم حفزهم معنوياً فبدأت تمريراتهم المعهودة بالظهور. اثبت بيليغريني انه في ورطة حين أراد إدخال لاعب الوسط غوتي إلى الميدان والأخير لم يتدرب 3 مرات متتالية طيلة الموسم لكن قبل أن يدخل غوتي إلى الملعب كان تشافي يضع زميله بيدرو كاسراً التسلل وترك اربالوا وحيداً معه فصارت النتيجة هدفين للاشيء لمصلحة البطل. انتفضت جماهير ريال مدريد بعد تمريرة متقنة من غوتي الذي يبدو انه في الطريق إلى الدوري الإماراتي الموسم المقبل ليجري بيليغريني التبديل الثاني بدفع راوول إلا أنه أثبت مرة أخرى انه في ورطة كبيرة جداً بالاعتماد على لاعب في خريف مسيرته وخلفه 15 عاماً من الخبرة. الطريف هو أن يكون أول تبديلين لريال مدريد الذي صرف 250 مليون جنيه استرليني في سوق الانتقالات هما غوتي وراوول ما يعني سقوطاً كبيراً في عمل الجهاز الفني للفريق. تشير المعطيات إلى ان الفرنسي كريم بنزيمة لم يكن يتدرب على أعلى مستوى لأنه خارج خطط المدير الفني التشيلي والأخير موهوب لكنه صار كسولاً في الفريق «الملكي». على رغم محاولات المدرب كاد ميسي يرفع النتيجة في مرتين متتاليتين وهو وجهاً لوجه مع كاسياس. ويعلن الحكم ميخيتو نهاية اللقاء، ومن المتوقع أن يكون الأخير له وهو في طريقه للاعتزال وهذا الأمر قد يكون أيضاً لراوول غونزاليس الذي طلب منه لاعب برشلونة بيدرو أن يتبادلا القمصان. احتفل نجوم برشلونة بأول انتصار لهم على استاد «سانتياغو برنابو» وقد يكررون الأمر في الشهر المقبل إذا وصلوا إلى نهائي دوري أبطال أوروبا ويبدو أن ريال مدريد بحاجة إلى المزيد من الصرف والأسماء إذا أراد تحطيم صورة غوارديولا وخلعه عن عرشه مع الملك ليونيل ميسي وبقية الفريق.