أجد كلمةً مناسبة أعلِّق بها على قرار الاتحاد السعودي لكرة القدم المؤقت اعتماد بطولة (السوبر) لأندية دوري المحترفين السعودي سوى أن أعتبرها في (تغريدة) عابرة (كوسة)، وهي الكلمة التي يستخدمها إخوتنا في مصر على أي أمر يرون فيه (طبخة) غير مقبولة وغير مستوية، أو قرار يظهر في غير وقته أو قبل أوانه، أو اعتماد مفاجئ يعتبرونه (تفصيلاً)، وهذا ما يبدو على قرار اتحاد الكرة المؤقت فيما يتعلق بقرار السوبر. القرار بحد ذاته لا أحد ضده، وهو ليس جديداً؛ فهو معمول به في كل دول العالم، وتأخذ به حتى دول مجاورة، وهو تقليد رياضي متبع، وأحد أوجه المسؤولية الاجتماعية لكرة القدم، عندما يخصص ريع المباراة لصالح جمعيات أو صناديق خيرية رياضية أو غيرها، وقد سبق أن طالبتُ وكثيرون غيري منذ أكثر من 15 عاماً بإقامة المباراة لمثل هذه الاعتبارات، غير أني أصف القرار بالكوسة من وجهة نظري لاعتبارات عديدة، أهمها: أن الاتحاد ربما نسي أعضاؤه أنفسهم وواجبهم ودورهم، وهو أنه اتحاد (لتسيير الأمور)؛ فأخذ بمثل هذا القرار الاستراتيجي المهم على الأقل في مسألة (ريع المباراة)، ولمن أو لأي الصناديق يذهب، وفي ذلك (تجاوز) من رئيس وأعضاء الاتحاد. الأمر الثاني هو أنه كان يُفترض أن يكون (إعلان) البطولة قبل بدء الموسم الرياضي، وعلى الأقل قبل أن تُحسم البطولتان المعنيتان المؤهلتان لبطليهما للمشاركة، وبوقت كافٍ، ويتم التعرف على الفريقين المشاركين حتى يكون في ذلك مبدأ تكافؤ الفرص (أهم مبادئ المنافسات الشريفة)، ولجميع الفرق المشاركة في البطولتين، وهو ما لا يحققه إقرار البطولة في هذا التوقيت؛ إذ يأتي لمصلحة فريقين فقط، وهذا ما سيأخذه البعض من اعتراضي وأمثالي عليها؛ إذ سيرون أنه لمجرد مشاركة الأهلي والشباب، وهذا غير صحيح إطلاقاً، وإذا كانت البطولة كما بُرِّر من (أفكار) الاتحاد السابق، وأن الاتحاد المؤقت فقط اعتمدها، وكان ذلك من صلاحياته، فهو ليس منصفاً في هذه الحالة، ومن واجبه (تأجيلها) إلى الموسم الرياضي بعد القادم، خاصة أن المؤشرات توحي بأن الاتحاد المؤقت قد يستمر موسماً رياضياً إضافياً بالكامل، وعليه بالتالي اعتبار ما تم بمنزلة (إعلان) مبكر للبطولة حتى الموسم القادم للبُعد عن الشبهات والتفسيرات، ولتحقيق العدالة والنزاهة وتكافؤ الفرص. كلام مشفر * ربما نسي الاتحاد المؤقت أنه لجنة (لتسيير الأمور)؛ فأخذ بمثل هذا القرار الاستراتيجي، وفي ذلك (تجاوز) تمريره من قِبل الأندية، يعني انتظار وتوقع (تجاوزات) أخرى ربما - إن جاز التعبير - تكون فيها الكوسة أكبر وأكثر. * وربما اعتبر البعض اعتراضي وكثيرين غيري على الإعلان (المفاجئ) للبطولة وإقامتها فوراً هو لمجرد مشاركة الأهلي والشباب فيهما، وهذا غير صحيح؛ فالأهلي كان بطل الكأس الموسم الماضي، ولو أُقرّت البطولة العام الماضي لشارك. * والشباب هو أول بطل لبطولة كأس الأبطال، ولو أُقرت وأقيمت في أول عامين لشارك، والاتحاد والهلال سيطرا على البطولات سنوات طويلة، ولم تقم إلا بعد ابتعادهما، فهل كان الهدف هو إبعادهما وعدم مشاركتهما؟ * حتى الموسم الماضي لو أقيمت البطولة لكان الهلال طرفاً فيها، فهل الهدف هو إبعاده عن جمع أول بطولة سوبر مع أولويات أخرى لديه مثل بطولة المؤسس؟ والحال ينطبق على الاتحاد فهو أيضاً صاحب بطولات وأولويات. * إن أحداً لا يجب أن يتهاون بمسألة الإعلان قبل انطلاقة الموسم ومبدأ تكافؤ الفرص في ذلك؛ فقد يبني أحد الفرق استراتيجيته على المشاركة في البطولة عند إقامتها (لأول مرة)، ويبني بالتالي برنامجه ومنافسته في البطولات المحلية على ما يؤهله لها. * وذلك ليس أمراً فرضياً، وإنما هو أمر استراتيجي وتاريخي؛ فمن حق الأندية أن تعمل وتسعي لأن يكون في سجلها الشرفي وبطولاتها المكتسبة (الأولويات والنوادر)، خاصة إذا كانت أصلاً تملك ذلك، ومن العدل والإنصاف أن تمنح فرصة المنافسة الشريفة على زيادتها، والإقرار المفاجئ لا يحقق ذلك. * إذا أُجِّلت البطولة إلى الموسم الرياضي بعد القادم فلا عذر لأي فريق، ولن يكون الهدف إبعاد أي فريق، وبخاصة الأهلي والشباب؛ فقد يكونان أيضاً طرفَيْ البطولة على اعتبار قوتهما، وهما من الآن مرشحان قويان لبطولات الموسم القادم. * طلابنا سيبدؤون الأسبوع القادم امتحاناتهم النهائية بعد موسم دراسي قضوه في الفصول وقاعات الدراسة والمحاضرات، وفِرقنا الممثلة للكرة السعودية في البطولات الخارجية سبقتهم في دخول معترك (الاختبار الحقيقي) هذا الموسم في مشاركاتها الآسيوية. * منذ إجراء قرعة البطولة في ديسمبر الماضي قُلْتُ إن (دور المجموعات) ليس مقياساً، وإن الاختبارات تبدأ من ثُمْن النهائي والامتحان الحقيقي في ربع النهائي والامتحان الأصعب في نصف النهائي، إما إذا وصل فريق سعودي إلى النهائي فعندها نتذكر مقولة «في الامتحان يكرم الفريق أو يُهان».. وللموضوع عودة.