أمير تبوك يستقبل مدير فرع الديوان العام للمحاسبة بالمنطقة    أمير تبوك يكرم غداً المشاركين في أعمال الحج بمدينة الحجاج بمنفذ حالة عمار    أمير القصيم يستقبل رئيس النيابة العامة    جامعة حائل تعلن مواعيد التسجيل الإلكتروني للفصل الدراسي الصيفي 1446    أمير منطقة جازان يناقش سير العمل بمطار الملك عبدالله الدولي الجديد    لمسة وفاء.. العميد راشد بن سعيد الغامدي    جمعية عين تنهي بنجاح مشروع "عون لطب العيون" بدعم من مؤسسة صالح كامل الإنسانية    مسلسل شارع الأعشى يكتسح جوائز الدانة    ترتيب مجموعة منتخب السعودية في الكأس الذهبية    تجمع القصيم الصحي : اعتماد "سباهي" لثلاثة مراكز صحية    إضافة خدمة الشحن "IM2" إلى ميناء جدة الإسلامي    "مُتحف السّيرة النبوية" بالمدينة المنورة يُثري تجربة ضيوف الرحمن ب25 جناحًا تفاعليًا    زراعة 31 مليون شجرة في المنطقة الشرقية    سفيرة المملكة لدى الولايات المتحدة: مشاركة المنتخب السعودي في الكأس الذهبية تأتي تعزيزًا لحضور المملكة الدولي وتبرز دعم القيادة لقطاع الرياضة    نمو مبيعات التجزئة في الصين مايو الماضي بنسبة 6.4%    كبار السن.. ذاكرة الأمة وركيزة إنسانية تستحق الحماية    الذكاء الاصطناعي في الشرق الأوسط.. خطوات جريئة وتقدم حقيقي    رياح و حرارة شديدة على اجزاء من معظم مناطق المملكة    ارتفاع أسعار النفط    الهلال يستعيد كانسيلو قبل مواجهة ريال مدريد    البلجيكي برايس يقترب من قيادة النصر    "التطبيقات الذكية" تعزز التحول الرقمي في السياحة    "التجارة" تذكّر بمهلة القوائم المالية    آن الأوان أن تسمى الأمور بأسمائها في الشرق الأوسط    الضربات المتبادلة مستمرة.. إسرائيل تستهدف 80 موقعاً بطهران.. وإيران ترد بصواريخ على حيفا    بالتزامن مع التصعيد ضد طهران.. الاحتلال يشدد الإجراءات في الضفة الغربية    رحيل الإذاعي عبدالعزيز قزان    أفراح آل حداد و اتوتا بزواج حسام    مجلس أسرة الجعفري الطيار يستضيف جمعية الرياحين لرعاية الأيتام بالأحساء    مواسم تمضي… وحصاد ينتظر    بمتابعة مستمرة من أمير تبوك.. مدينة الحجاج بحالة عمار تواكب عودة ضيوف الرحمن إلى أوطانهم    وزير التعليم يكرم بن نوح لتميزه العلمي    الضيف الذي غادر بيوتنا… وماذا بقي من البركة؟    "تحت السواهي".. مسرحية تبرز المواهب الوطنية    وقفات مع الحج    الربيعة طمأنه على مغادرة طلائع حجاج بلاده.. رئيس بعثة الحج الإيرانية: نشكر القيادة على الرعاية والاهتمام    المفتي وأعضاء اللجنة الدائمة يستقبلون المستفتيين    سان جيرمان يقسو على أتلتيكو مدريد برباعية في مونديال الأندية    علماء يبتكرون دواء جديداً ل" القاتل الصامت"    حرب ترمب / نتنياهو: إيران بلا خيارات    إيران تمدد تعليق الرحلات الجوية    مصرع 3 أشخاص جراء الفيضانات في "وست فرجينيا" الأمريكية    الكلمة حين تصير بيتا للمشاعر    تطوير الذات بين الوعي والتفكير النقدي    سعوديات يستوحين تصاميمهن من النخلة    باحثون يحولون الضوء إلى مادة صلبة    الهوية الرقمية تخفي جوازات السفر قريبا    ولي العهد ورئيس الوزراء اليوناني يبحثان التصعيد الإسرائيلي ضد إيران    المسحل: مشاركة الأخضر في «الذهبية» خطوة في جهود التطوير    الهتلان يلتحق ببعثة الهلال في ميامي    خطوات مدعومة علميا لنوم عميق    الكارديو أم رفع الأثقال أولا    100 دقيقة مشي تحمي الظهر    وزير الحج والعمرة يطمئن رئيس بعثة الحج الإيرانية    أمير تبوك يواسي الشيخ عبدالله الضيوفي في وفاة شقيقه    بإشراف ومتابعة أمير منطقة تبوك مدينة الحجاج بحالة عمار تواكب وداع ضيوف الرحمن العائدين إلى أوطانهم    نائب أمير جازان يستقبل مفوض الإفتاء ومدير فرع الرئاسة بالمنطقة    أمير منطقة جازان يستقبل الوكلاء ومنسوبي الإمارة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أزمة الهوية في الشارع الإسرائيلي
نشر في البلاد يوم 12 - 01 - 2012


تفاقم الصراع الأيديولوجي بين التيارين المركزيين في المجتمع اليهودي، وتحديدا بين التيار العلماني والتيار الديني بكل مركباتهما الاجتماعية والسياسية والفكرية. وقد ظهر ذلك جليا في الأسابيع الأخيرة داخل الشارع الإسرائيلي، وبخاصة في بلدة "بيت شيمش"، حين هوجمت بعض الفتيات من قبل ما يسمون بالمتطرفين ال"حريديم"، وأثيرت ضجة كبيرة حول التيار الحريدي المتمثل بمدرسة "الحسيديم"، أحد أبرز تيارات الاتجاه الديني المتشدد، بسبب التمييز ضد النساء وإقصائهن في المؤسسات العامة والمواصلات وتعليق لافتات في بلدة "بيت شيمش" تطالب النساء اليهوديات بالسير على أرصفة منفصلة عن أرصفة الرجال وعدم الاختلاط بالرجال، بالإضافة إلى انتقاد الجنود المتدينين بسبب رفضهم المشاركة في المراسيم العسكرية التي تغني فيها نساء. هذا الصراع وفقا لمركز الدراسات المعاصرة يعكس أزمة هوية مركبة يعيشها المجتمع اليهودي من جهة والحكومات الإسرائيلية المتعاقبة من جهة أخرى، فالنظام السياسي الإسرائيلي أعتمد في الأساس على الموروث التاريخي الديني اليهودي لبناء الهوية الإسرائيلية التي لم تكن موجودة قبل فترة الييشوف وقيام الدولة وترتب على ذلك دفع نوع من الضريبة والاستحقاقات داخل كينونة النظام أولا وتقاسم وظيفي مجتمعي ثانيا ترتب عليه بناء ثلاثة مكونات تربوية ثقافية في المجتمع الناشئ الأول الرسمي "العلماني" والثاني الوطني القومي الذي زاوج بين الصهيونية العلمانية واليهودية والثالث اليهودية الحريدية التي بقيت تؤمن "بالجيتو" للحفاظ على ذاتيتها واستغلت أموال المؤسسة الرسمية لتعزيز وجودها المادي والمعنوي. وقد أشارت الأدبيات إلى الصراع الذي دار بين الجيل المؤسس لإسرائيل في تحديد الهوية اليهودية واحتدام الصراع بين الصهيونية الدينية والصهيونية العلمانية، بيد أن الصهيونية السياسية اعتبرت حركة تحرر للشعب اليهودي تجمع بداخلها مختلف المركبات اليهودية ولكنها في الحقيقة جمعت بين متناقضات وعاشت منذ اللحظة الأولى لولادتها أزمة هوية وفشلت في عملية بناء وصياغة هوية جماعية مشتركة لجميع المركبات اليهودية، وقد برز هذا الصراع في الخلاف الذي نشب عند الإعلان عن تأسيس المؤسسة الإسرائيلية بحيث رفض الحريديم والمتدينون الإعلان عن دستور يقضي بوجود هوية علمانية غير دينية للمؤسسة الإسرائيلية.ينظر البعض إلى الصراع بين العلمانيين والمتدينين بأنه يشتد عندما تخف شدة المخاطر الخارجية وبالتالي يؤثر سلبيا على صيغة التعايش داخل المجتمع اليهودي، وقد رفض "بن غوريون" الفصل بين الكنيس والدولة مما يؤكد على الارتباط المتناقض بين الصهيونية السياسية وما بين الإرث الديني والتاريخي للشعب اليهودي، بحيث يدخل الدين كمركب أساسي ومكون رئيسي في تحديد القومية أو ما يسمى بالأمة اليهودية، وهذا ما حاولت الصهيونية السياسية تداركه من خلال بوتقة صهر تحوي جميع الاختلافات والتوجهات الفكرية والإيديولوجية ولكنها فشلت مما أدى إلى توسيع وتمدد الصراع الداخلي بين العلمانيين والمتدينين وقد تطور ذلك إلى مدارس دينية وفكرية تختلف كل منها عن الأخرى بعضها أتخذ من الصهيونية عقيدة لها كأحزاب؛ الاتحاد القومي، البيت اليهودي والمفدال وبعضها تصالح مع الصهيونية مثل "اغودات يسرائيل" و "ديغل هتوراة"، في حين رفض تيار ثالث التصالح مع الصهيونية وأتخذ منها موقفا عدائيا مثل "ناطوري كارتا". ويلاحظ هذا التفاوت في الصراع المتفاقم أيضا بين التيار الديني القومي والتيار الديني الحريدي الحسيدي وما بين المحافظين والتيارات الدينية الحريدية، فمهاجمة المتدينين الحريديم المتشددين وبمصطلحات أخرى التيار الراديكالي كان للنساء اليهوديات المتدينات أيضا ولم يقتصر على القطاع العلماني فقط بسبب عدم احتشامهن الكامل كما يدعون. يشكل التداخل ما بين السياسة والدين تناقضا في الحالة الإسرائيلية الصهيونية مما أطلق عليه البعض "تسييس الدين في الدولة، وتديين الدولة في السياسة"، وأدى الانقسام الإثني داخل المجتمع اليهودي لنشوء تيارات دينية وجدت تعبيراتها السياسية في أحزاب دينية اشكنازية مثل "ديغل هتوراة" وأخرى سفاردية مثل حزب "شاس" وبالتالي احتدم الصراع بين التيار الديني والعلماني في الاختلاف الذي يظهر حول تعريف من هو اليهودي ليمتد الصراع ليصل إلى طبيعة الدولة وهويتها، ويتمركز الصراع بين العلمانيين والمتدينين في ثلاثة قضايا مركزية وهي؛ الهوية وتعريف من هو اليهودي فيرى المتدينون أن اليهود هم الأشخاص المقتنعون باليهودية والملتزمون بواجباتهم الدينية أما العلمانيون فيعرفون اليهودي على أنه الشخص الذي ينتمي للشعب اليهودي بالمعنى العام للكلمة. نقطة الخلاف الثانية هي حول مفهوم الشعب فيرى المتدينون أن وحدة الشعب تقوم على أساس الأمة المقدسة أما الصهيونية السياسية حاولت أيجاد حلٍ بافتراض اليهود شعبا وبحثت عن رابط جامع لهذا الشعب فوجدته في الدين اليهودي. أما نقطة الخلاف الثالثة فتمركزت حول طبيعة الدولة اليهودية في حين أن المتدينين اليهود أرادوا إسرائيل دولة دينية تستمد قوانينها من الأحكام الشرعية اليهودية ومن التوراة أما العلمانيون فأرادوا أنشاء دولة صهيونية لا تشكل الشريعة اليهودية مصدر الأحكام والمحدد لها. وتشير أحدى الدراسات بأن حرب عام 1967 أحدثت تغييرات جذرية في موقف التيار الديني عموما والأرثوذوكسي خصوصا في مسألة الاعتراف بدولة إسرائيل، وحدث تطابق بين "ارض إسرائيل" كمفهوم ميتافيزيقي يهودي وبين دولة إسرائيل كمفهوم سياسي علماني مما أدى إلى تعاظم دور القوى السياسية الدينية وحضورها واشتدت حملة الاستيطان ونهب الأراضي العربية الفلسطينية وزاد التطرف باتجاه الداخل الفلسطيني. عموما هذا الصراع مرشح للتفاقم بفعل تعاظم الدور السياسي للقوى الدينية وبالمقابل فإن الأزمة البنيوية التي حكمت تطور المشروع الصهيوني وضعت الاتجاه العلماني في زاوية ضيقة طالما أن إسرائيل لم تحسم خياراتها وتحدد مفهوما دقيقا لهويتها وعلاقتها مع الدين وهي بالأصل غير قادرة على ذلك بسبب الفكر الأيديولوجي والسياسي الذي استندت إليها الحركة الصهيونية منذ نشأتها.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.