في توقيت حساس جدا تعرض السباح الاولمبي والعالمي الاميركي مايكل فيلبس لعقوبة بعد تصرف "صبياني"، يؤشر الى الضغط الذي يعاني منه النجوم الكبار "الاستثنائيون"، فيقعون في التجربة على غرار الأشخاص العاديين. ويفسر البعض "سقوطهم"، متنفسا او هروبا لبرهة من حال روتين التدريب والابتعاد عن مباهج الحياة بالتركيز الدائم على المنافسة وتعزيز الارقام. و"الهروب الاخير" لفيلبس (23 سنة) نجم احواض دورة بكين الاولمبية حيث سجل سابقة تاريخية تمثلت بحصده ثماني ميداليات ذهبية وتسجيله سبعة ارقام قياسية، كان يوم 6نوفمبر الماضي خلال حفلة اقامها طلاب في جامعة كارولينا الجنوبية (كولومبيا). وكشف النقاب عنه الاحد الماضي اذ نشرت صحيفة "نيوز اوف ذي وورلد" البريطانية الواسعة الانتشار صورة له وهو يتعاطى حشيشة الكيف. فسارع الى الاعتذار واصدر بيانا اقر فيه بان "سلوكي كان مؤسفا وارتكبت خطأ في التقدير"، واعدا "مشجعي والجمهور بان ذلك لن يتكرر". كذلك اصدر مدرب البطل بوب بومان بيانا جاء فيه ان "مايكل يأسف لتصرفه وانا واثق من انه سيستخلص العبر من هذا الاختبار... انا سعيد بعودته الى التدريب". واعرب الاتحاد الاميركي للسباحة عن خيبته من تصرف مايكل (حامل 16 ميدالية اولمبية في دورتين بينها 14 ذهبية). واضاف في بيان: "ان ابطالنا الاولمبيين هم نماذج يثيرون اعجاب اشخاص من مختلف الاعمار خصوصا الرياضيين الشباب... الا اننا ندرك ان احدا ليس كاملا. نأمل في ان يستطيع مايكل استخلاص العبر والسير في الاتجاه الصحيح". ورأت اللجنة الاولمبية الاميركية، التي اختارت السباح "رياضي سنة 2008"، ان "مايكل، الذي هو قدوة للآخرين، وخصوصا للشباب (...) لم يضطلع ويا للاسف بهذا الدور". واضافت: "لقد اعترف بأنه ارتكب خطأ واعتذر عن تصرفه. نحن على ثقة من انه سيظهر مستقبلا بمظهر الذي يمكن توقعه من بطل اولمبي كبير". اما اللجنة الأولمبية الدولية، فقد صرحت الناطقة باسمها ايمانويل مورو بان "مايكل فيلبس هو بطل اولمبي كبير. لقد اعتذر عن سلوكه غير المناسب". ويشار الى ان تعاطي القنب خارج المسابقات لا يمثل انتهاكا للقانون العالمي لمكافحة المنشطات. لكن ظهور هذه المادة في تحليل خلال المسابقات يمكن ان يطلق عملية تنتهي باتخاذ عقوبة. واول من امس، اوقف الاتحاد الاميركي للسباحة فيلبس ثلاثة اشهر، تنبيها له كونه يمثل قدوة للرياضيين الصاعدين. ويعاقب فيلبس "بحسب قانون السلوك" من خلال سحب الدعم المادي الذي كان يحصل عليه ومنعه من المشاركة في اي منافسات خلال ثلاثة اشهر. وكان يتوقع ان يعود فيلبس الى خوض المنافسات رسميا للمرة الاولى منذ انجازاته الاولمبية في الاول من اذار/مارس المقبل في لقاء اوستن الاميركي. وهو يتطلع الى المشاركة في بطولة الولاياتالمتحدة المقررة من 7 الى 11 تموز(يوليو) في انديانابوليس، والمؤهلة الى بطولة العالم في روما (18 تموز الى 2 اغسطس) المقبل. وما تقدم، يختلف عن الصورة الزاهية التي بدا فيها فيلبس قبل عشرة ايام حين حل ومواطنه "الاسطورة" العداء كارل لويس ضيفين على منتدى التنافسية الدولي في الرياض، وشاركا في جلسة عمل إلى جوار رئيس شركة "رايت تو بلاي" الدكتور يوهان كوس, ورئيس مجلس إدارة الاولمبياد الخاص تيموثي شرايفر. وتمحور الحديث عن الاستفادة من الرياضة في زيادة الازدهار والاخاء, والدور الذي تلعبه في ان تكون منتجا فعالا في المبادرات الصحية وعلى مستوى الدولة, وتأثير القدوة الرياضية في المجتمع, وكيف يتعامل الرياضيون مع مسؤولياتهم كابطال جماهيريين. واشار فيلبس الى ان بدايته كانت بدعم من والدته ديبورا التي ساندته كثيرا واحبت ان يبدع في الماء. وقال: "كان لدي حلم, وقلت لن ادع اي شخص يحطمه, كنت اريد ان اكون الاول، وقمت أنا ومدربي بالعمل معا لانشاء مركز للسباحة من اجل دمج الناس والتعامل معهم". واعلن فيلبس ان لديه "الكثير من الاهداف في الوقت الحاضر, بعضها داخل احواض السباحة وبعضها خارجها". واعترف انه لم يكن مميزا في المدرسة "كان المدرسون يقولون لي انني لن انجح في أي شيء. كنت لا استطيع الجلوس من دون حركة. ووجدت في الملاحظات السلبية حافزا لي، اذ قلت لنفسي انني سأجد امرا اركز عليه، وسأريهم انني استطيع ان انجح". وعودة فيلبس الى الاحواض بعد انقطاع خمسة اشهر، ترافقت واعلانه انه لن يدافع عن ذهبياته الثماني في "لندن 2012"، معتبرا ان قراره سيجعله يشارك في "لندن 2012" وهو يشعر باللذة بعيدا من الضغط النفسي الذي رافقه في بكين. وتابع "عندما تخوض سباقات كثيرة, كل ما تقوم به هو الاكل والنوم والسباحة لفترة طويلة, لقد ان الاوان لتغيير نمط حياتي بعض الشيء". والمدرب بومان كشف قبل شهرين انه لا يعقد آمالا كبيرة على نتائج فيلبس في سنة 2009، حيث "سينصب التركيز على سباقات السرعة (100م حرة،100م ظهرا و100م فراشة) التي يحقق فيها فارق التفوق الاقل على منافسيه. وفي ضوء نتائج بطولتي الولاياتالمتحدة والعالم سنطلق برنامج اعداد خاص في الخريف للمرحلة المقبلة، ليصبح مايكل سباح سرعة". لكن "التفلت" من النظام الصارم لا يعني الخروج عنه كليا وتشويه الصورة المثالية. وقد اعادت حفلة جامعة كارولينا الجنوبية الى الاذهان مخالفة سابقة ارتكبها فيلبس بعيد دورة "اثينا 2004"، اذ غرم لقيادته سيارته ثملا، وقيل حينها انها نزوة مراهق. لكن كيف يفسر تصرف بطل ناضج في سن ال23؟ الثروة المتحركة اضحى فيلبس "ثروة متحركة" نظرا لتدفق الرعاية التي تريد التوظيف في استثمار مجد ومضمون، الا وهو شهرة السباح المتفوق الذي لفت الانظار منذ ستة اعوام. واعدت وكالات اعلان وعلاقات عامة برامج مغرية للاستفادة من اسم فيلبس وانتصاراته ليصبح شخصية رياضية معروفة تحظى بشعبية جارفة على غرار نجم الغولف تايغر وودز، ولاعب كرة القدم الانكليزي ديفيد بيكهام، واسطورة كرة السلة الاميركية مايكل جوردان. وتوقع خبراء تسويق ان يصبح فيلبس اول رياضي بليونير بحلول سنة 2010. ولفتوا الى ان مداخيله تقدر حاليا بخمسة ملايين دولار سنويا، ومرشحة لتتجاوز 30 مليونا قريبا.