يشعرالمراهقون بمشاعر الحزن والأسى والخوف نتيجة فقدان من يحبون، أو عند حوادث الموت القريبة منهم كما يشعر بها الكبار، وإن اختلفت طرق التعبير عن تلك المشاعر، وأحياناً يتأثرون بالأحداث الناشئة كموت الحيوانات التي ألفوها أو عند تغيير المسكن أو المدرسة؛ مما يثير استغراب الكبار أحياناً. وكلما ازداد الإنسان عمراً وتجارباً في الحياة، تزداد بلا شك قدرته على التكيف مع هذه الحقيقة، والتعامل معها بأقل قدر من الصدمة، كما أن شخصية المتوفى نفسها تلعب دوراً كبيراً في تحديد رد فعل الإنسان إزاء هذا الأمر، ومدى الصدمة التي يشعر بها. لكن، إذا كنتِ الآن في المرحلة الثانوية أو الجامعية، وتوفيت فجأة إحدى زميلاتك أو صديقاتك، فالوضع مختلف، لأنها ستكون أول تجربة حقيقية يكون الموت فيها قريباً منك لهذه الدرجة، واختطف شخصاً مقرباً لك، وفي نفس عمرك وهنا لابد وأن تكون الصدمة كبيرة. وقد كشفت دراسة حديثة أن الحزن الشديد على فقدان شخص عزيز يمكن أن يوهن قدرة الجسم على مكافحة الأمراض المعدية، ووجد العلماء أن التوتر العاطفي لفقدان المحبوب يمكن أن يقود إلى كبت أجزاء من جهاز المناعة، فيؤدي ذلك لأن يكون الجسم أكثر عرضة للعدوى من أي بكتيريا. لذا فعليك أن تنفضي الحزن عنك سريعاً، وتعودي لحياتك الطبيعية بأسرع ما يمكن، لأن طول الحزن لا يؤدي إلا مزيد من الحزن، وهو الأمر الذي قد يصيبك بالاكتئاب. ويجب عليك أن تؤدي دورا مهما تجاه أسرة صديقتك المتوفاة، فلابد أن والدها ووالدتها الآن في أمسّ الحاجة لمن يذكرهما بابنتهما، ويخفف عنهما رحيلها، ويتذكرهما بالزيارات من آن لآخر، ولا يوجد أحد غيرك أجدر بهذا الدور تعبيراً عن حبك ووفائك لصديقتك الراحلة. كما يمكن أن تفكري في البدء في أي مشروع خيري صغير بالتعاون مع والديّ الراحلة وزميلاتك اللاتي كنّ من المقربات لها، بحيث يكون صدقة جارية على روحها. وينصح أغلب الخبراء النفسيين بعدم الاستسلام للحزن والتمادي فيه لأنه لم يفدك بأي شيء، بل على العكس سيضرك ويضر كل من حولك ممن يحبونك، وليس الحزن المبالغ فيه هو الدليل الوحيد على الحب والإخلاص والوفاء لأحبائنا الذين رحلوا، لأنه رغم رحيلهم هناك الكثير مما يمكننا فعله من أجلهم، وحينها سنشعر بالراحة والسكينة وسنستسلم لقضاء الله تعالى. كما يقول الخبراء إن للوالدين أيضاً دوراً في انتهاء هذه الحالة النفسية السيئة التي تصاب بها ابنتهم، وأولى الخطوات التي يجب أن ينتبها إليها أن ما تقوم به الفتاة ناتج عما تعرضت له من صدمة، وأن يتحليا بالصبر وعدم التعجل أو الغضب، وأن يتجنبا لومها أو تأنيبها على ما تفعل، والحرص على التواصل معها بشكل جيد وتشجيعها على التعبير عن مشاعرها، وأن تتصرف الأسرة بشكل طبيعي وتزاول أنشطتها، وتشجع ابنتهم على المشاركة في الأوقات الممتعة والجميلة التي يقضونها مع بعضهم البعض.