استحوذ فرعون على معظم أفكار الناس, وكان السحرة أهم مقومات الاستحواذ الفرعوني يقول تعالى: ( قَالَ أَلْقُوا ۖ فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ) الأعراف116هذه الحالة التي كانالناس فيها مجتمعين في زمان واحد هو يوم الزينة, وفي مكان واحد, وينظرون إلى قوة وقدرة عظيمهم بقناعة وخوف. جاءت عصا موسى فأحدثت الهزة الوجدانية والعلمية الفكرية, أكتشف الناس أنهم في حالة غطاء عام عن كل ما يخص الحقيقية, الذي حدث أن العصا أحرقت الغطاء, فوجد الناس أنفسهم مسترقين مظلومين محرومين مقتولين مسجونين, ومع كل ذلك كانوا راضين, بل يعبدون من يفعل كل ذلك. يقول تعالى على لسان فرعون(وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَٰهٍ غَيْرِي)القصص 38. هنا تأتي سلطة الفكرة الصائبة التي آن أوانها, وأتذكر مقولة أحد القواد الاوربيين الكبار حيث يقول (بتصرف): أن القوة تستطيع أن توقف وتنهي كل شيء, إلا فكرة أن أوانها. وهناك أفكار كثيرة في زماننا المعاصر آن أوانها !؟ والواقع ان الإعلام مأسور في زنزانة الحاكم, وهو بمثابة السحرة بيد فرعون, حتى جاءتالعصا (تويتر), والمقصود ليس تويتر بذاته إنما كل أدوات التواصل الاجتماعي, وما أقصده بالضبط أنه لم تعد الأفكار متحكم بها من قبل الأنظمة بل باتت مشاعة للجميع بدون قصقصة وسنياريوهات مدفوعة الثمن. أصبحت الفكرة سريعة الوصول للمتابع, حتى أن المسافة الزمنية بين تفكير الكاتبوحاضر الحدث وبين قراءة المتابع ومشاهدته هي زمن النقر بالإصبع على أيقونة التغريد, تماما كما كان الجمهور عند فرعون في نفس الزمان والمكان يشاهدون فكرة تهافت المستبد عصاً تلو عصا, أسطر من فكر عميق وهي في حقيقتها آيات من نور البصيرة الدافئ, ينهضبباقي شتات الإنسان المستحَل من قِبل فرعون, وكأني بهم يتناظرون والوعي يلفح أجوافهم المتهشمة فيحرقها سماداً لنبتة جديدة تنمو من نور يد موسى لذة للعارفين. ماذا فعلت وسائل الاتصال بأجواف الناس؟ بعد ذلك المشهد العظيم أصبح أول من سجد لله متحرراً من ربقة فرعون, هم السحرة, وأول من قتل هم السحرة, وأول من عاداه تويتر هو المستبد المستحِل وأكثر من وقف معه تويتر هو صاحب الحق المظلوم, لذلك المستبدون يلعنون تويتر ليل نهار. باختصار: إن الفكرة والمعلومة والخبر سلاح قوي, وقد أصبح بيد الناس عامة فلم تعد الجامعات المسيطر عليها من قِبل المستبد تحتكر العلم والأفكار, بل يستطيع الانسان في صالة بيته ان يتعلم تعلم يفوق الأساتذة بإرادته الفولاذية. لكن يبقى سؤال هل كل مستبد سينتهي مثل فرعون؟ الحالة العربية الحاضرة تقول إن هناك من انتهى كنهايته, وهناك أنصاف حلول, بالنهاية هناك حقيقة موجودة على مر العصور أن من يجد ذاته فلن يبيعها, والمقصد أن السحرة وجدوا ذواتهم( رأوا مقاعدهم في الجنة عندما سجدوا لله ) ولم يبيعوها حتى أمام التهديد النافذ والموت الشنيع. سليمان عبدالله الغنيم كاتب سعودي