الحمد لله اما بعد: فإن الله جل جلاله بعث الرسل وأنزل الكتب بأصل واحد هو التوحيد وشرائع شتى وفي هذا ليكون البيان جزلاً والرسالة واضحة ولتكون آية للمؤمنين وليعلم الذين يقصدون الحق أن عندهم مايجب أن يتفقوا عليه وعندهم ما يصح أن يختلفوا فيه فأما أولئك الذين يخالفون عن أصل الرسالة ويقتلون روح التوحيد فأولئك مع المعتدين وليسوا بمهتدين ولسنا بصدد الحديث عنهم . إنما حديثنا عن الذين شربوا من الحق وارتضوا سادته ونهلوا من ورده العذب غير أنهم حادوا عن في جداول شتى تصب على هذا البحر العظيم . ولما بعث الله تعالى سيد الخلق محمداً صلى الله عليه وسلم بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله جعل رسالته خاتمة الرسالات وديانته مهيمنة على جميع الديانات . وبعد أن ختم الله تعالى الرسالات بسيد البشرية ونور البرية صلى الله عليه وسلم أصبح العلماء من بعده ورثة للأنبياء في تبليغ الرسالة . ومن حكمة الله تعالى أن خالف بين أفهام الناس وآراءهم فلكلٍ رأي وفكرة ، ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك . وقد حصل اختلاف الفهم في أعظم القرون وأزكاها وأبرها فلا جرم أنّ مظنة الاختلاف في من بعدهم أحق وأولى . والاختلاف في الرأي والقول لا يجعل أصحاب العقيدة الواحدة يلمز بعضهم بعضاً ويطعن بعضهم ببعض فلعل بعضهم كان ألحن بحجته من بعض وإن لم يكن الحق معه !! . والحقّ أن كل واحد منهم مجتهد فمن أصاب فله أجر ومن أخطأ فله أجران ثم العامة أتباع للعلماء وطلبتهم ولا تثريب على من أراد الحق ثم حاد عنه أو ماد مادام على عقيدة صحيحة ودين صادق . ومن هذا المنطلق أردت أن أضع سلسلة للآراء الفكرية والمنهجية المعاصرة عامة ولست أعني بها الآراء خارج عقيدة أهل السنة والجماعة بل داخل هذا الحصن المرحوم ممن اجتهدوا فأصابوا أو أخطأوا وهناك أئمة أعلام لنا هم من أهل السنة والجماعة ومع ذلك ربما أصاب بعضهم الاجتهاد الخاطئ فأقاموا على غير ما أذن الله تعالى به من العقيدة المرضية والشريعة المحمدية . وسأكون في هذه السلسلة إن شاء الله تعالى محايداً وأكون فيها صريحاً في الطرح مبتغياً الإصلاح وجمع الكلمة ورأب الصدع واتصال اللحمة ما استطعت إلى ذلك من سبيل وإن أريد فيها الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وهو رب العرش العظيم. وربما سميت في مقالاتي مالا أرتضي تسميته من المناهج أخذاً بمن سماهم به أعداؤهم أو من هم من ضدهم في الرأي والطريقة والمنهج والله أسأله الإعانة والتوفيق والسداد وحسن البيان. د. ناصر بن عبدالرحمن الحمد إمام وخطيب جامع القفاري