ملأت صور المقابر والجثث، الأسلحة والدماء، الحرائق والخراب مساحات واسعة من الصحف البريطانية الصادرة أمس، والتي ترصد آخر تطورات الوضع في ليبيا التي أصبح قسم كبير منها في قبضة من انتفضوا في وجه معمر القذافي، حسب موقع هيئة الإذاعة البريطانية. وتحت عنوان «طرابس: مدينة في ظلال الموت»، نشرت الإندبندنت تحقيقا ميدانيا لمراسلها روبرت فيسك، الذي أرسل أول تقرير صحفي ميداني من قلب العاصمة الليبية التي تمزقها الحرب. وبدأ فيسك تحقيقه برصد صورة ما بدت عليه الحياة في مطار طرابلس الدولي الذي وصله ليلا. وأوضح أنه رأى في المطار نحو 15 ألف طفل وامرأة ورجل وقد راحوا يصرخون ويصيحون وسط الزحام والضوضاء علهم يفوزون بمقاعد على متن الطائرات القلائل التي كانت لا تزال مستعدة لتسيير رحلاتها من الدولة «المتهالكة». وروى كيف أنه رأى بأم عينيه أشخاصا «يدفعون للشرطة الليبية المرة تلو الأخرى كي يسهلوا لهم أمر الوصول إلى نافذة التذاكر، شاقين الطريق وسط حشود الأسر التي بللتها مياه الأمطار الغزيرة وهدها الجوع واليأس والخوف. سقط كثيرون بين الأقدام بينما راح رجال الأمن يضربون بشكل وحشي من كانوا يتدافعون للوصول إلى المقدمة». ويردف قائلا: «من بين أولئك كان هنالك آلاف المصريين الذين أمضى بعضهم يومين في المطار بلا طعام، أو دون الذهاب إلى الحمامات التي ملأت روائحها المكان». أما جولة ال 45 دقيقة التي أمضاها فيسك داخل طرابلس، فيقول إنها كانت فرصته الوحيدة ليعود بمخزون هائل من المشاهدات والصور المرة التي تحكي قصص الموت والرعب والجوع والخوف في العاصمة. «انتشرت على جانبي الطريق مجموعات من الشبان المسلحين بالرشاشات، وقد نصبوا متاريس من الكراسي والأبواب الخشبية». ووجد الآلاف من الأجانب أنفسهم فجأة مضطرين لمغادرة ليبيا بعد اندلاع الفوضى فيها ضد النظام. «هنالك القليل من الطعام في طرابلس التي لفتها طبقة داكنة من الغيوم سرعان ما انهمرت أمطار غزيرة فاستحالت سيولا بلون بني ملأت الساحة الخضراء قبل أن تتدفق إلى شوارع طرابلس القديمة فتغمرها». وترفق الصحيفة مع التحقيق صورة لأشخاص منهمكين بتحضير عدد كبير من القبور، وأخرى لشارع خاو إلا من رجلين يظهران وسط سحب من الدخان الأسود الذي يلف المدينة المشتعلة.