مصائب قوم عند قوم فوائد، ومن أهم فوائد الأزمة المالية العالمية لكثير من الشركات والمؤسسات التجارية على اختلاف مستوياتها اكتشاف أن بالإمكان دفع الموظف لديها إلى مزيد من الإنتاجية في ظل تقليص عدد الأيدي العاملة لمواجهة عواقب الأزمة الكبيرة. وفي الولاياتالمتحدة أعلنت وزارة العمال (وليس العمل) أن إنتاجية العامل الأمريكي ارتفعت بنسبة خمسة ونصف بالمائة خلال الربع الثاني من العام الميلادي الحالي مقارنة بالربع الأول من العام نفسه. وهذه الفائدة التي جنتها الشركات هي مصائب لدى الباحثين عن عمل لمن فقدوا وظائفهم بسبب الأزمة نفسها، وهؤلاء بلغت نسبتهم قرابة 10% من القوى العاملة. ويقول الخبراء إن هذا النمو الكبير في الإنتاجية غير عادي، إذ جرت العادة أن تنخفض الإنتاجية عند الأزمات الاقتصادية كما حصل في أوائل الثمانينيات، لكن يبدو أن لكل فترة خصوصيتها غير المتوقعة. وأعود إلى مؤشر الإنتاجية في عالمنا العربي الذي أصبح (نكتة) نتسلّى بالتندر بها دون أن يرمش لنا جفن، أو تتحرك لدينا إرادة لتصحيح الأوضاع المزرية لإنتاجية العمالة العربية بغض النظر عن تأهيلها الفني، أو مستواها العلمي، فالكل في (الهوا سوا)، وكله عند العرب صابون. هل تعجز دولة مثل المملكة عن ابتكار (مؤشر) للإنتاجية خاص بنا، يراعي خصوصيتنا بحيث لا يشق علينا، فنحن قوم مرفهون عمومًا لا نحب العمل كثيرًا، ولا نهتم بالإنتاجية إلاَّ نادرًا خاصة إذا كنّا على (سلم) الضمان الاجتماعي (عفوًا سلم الخدمة المدنية) الحكومي. وحتى في بعض شركاتنا الوطنية الكبرى، يتم التركيز على الانضباط في الدوام، أي التوقيع صباحًا، وعند انتهاء الدوام، أمّا بينهما فلا يهم كثيرًا، أي أن عقلية الموظف الحكومي هي السائدة كما هي عقلية المدير الحكومي هي المسيطرة، والسبب طبعًا نظرية (لا تزعل أحد) ونظرية (إيّاك وقطع الأرزاق، فهي أشد من قطع الأعناق)، وأخيرًا نظرية (كبّب وليّس كله يطلع كويس). ابتكار المؤشر مهم جدًا، والأهم منه بالطبع التطبيق العادل الأمين.