قال بسمارك مرة «إن المعلم الألماني هو الذي مكن الألمان من احتلال باريس وليس الجيش». العلوم والمعارف هي التي تصنع القوة وليست الآلة وحدها، والمعهد والجامعة هما اللذان يستشرفان آفاق المستقبل للناس، وهما من يقود توجهات الاقتصاد والتقنية، ويشعلان جذوة الابتكار، ويحفزان على الإبداع. ليس المعهد والجامعة منصتين للضجيج كما في بعض الدول، وليسا منبرين للحرية الصماء التي تُهدم لأجل أن يطغى صوتها باسم التعبير الحر. الجامعة قبة الرأي والتغيير، كما في الجامعات العريقة ذات السجل العلمي الحافل بالتجربة الحرة والتطلع لصناعة التغيير بحرية التفكير المبدع، والتركيز على تشجيع الفكر المختلف الخلاق! أكتب هذه المقدمة بوحي من كتيب صغير جميل راقٍ ومعبر عن سجل إنجازات معهد ماساتشوستس للتقنية اسمه «من الأفكار إلى الابتكار 101 هدية من المعهد إلى العالم». تلقيت الكتاب هدية من الصديق محمد عبداللطيف جميل، أحد السعوديين القلائل الذين تخرجوا من «MIT». ابتكارات المعهد العريق أشبه ما تكون بهدايا للبشرية وقد تجاوز عددها المئات، وهي غيرت بالفعل مسار التاريخ، ونمط المعيشة وأسلوب الحياة. اختراعات وابتكارات مذهلة صنعها الطلاب، والمحاضرون، والأساتذة، والباحثون، وصقلتها مراكز البحوث واختبرتها المعامل بمنهجية علمية واقعية، لكنها ملهمة، بدءا من جهاز الفاكس إلى الإنترنت، مرورا بالحمض النووي والتلفزيون الملون، ووصولا إلى تقنية الثلاثة أبعاد والتقنية الرقمية وتقنية النانو، وأشعة إكس إلى الرقائق الإلكترونية والواي فاي. هل تريدون أكثر؟ إليكم أيضا البريد الإلكتروني خرج من هنا، وتقنية الجينوم، وحتى أمواس الحلاقة لاستعمال المرة الواحدة ظهر من معمل «إم آي تي»، وحتى أبحاث مرض السرطان الرائدة والجلد الصناعي خرج من معامل المعهد. توقفت هنا ولا أزيد أكثر، فسجل المعهد الذي عمل به 78 حائزا على نوبل ناصع، ومحركات البحث كفيلة بتزويد القارئ بمعلومات إضافية، أما ما تبقى من مساحة فأخصصها لدعوة المهتمين والمختصين أن ننظر لجامعاتنا كمراكز علمية تقود النهضة، وأن نعمل أكثر مما نقول ونكرر، ونركز على الإنتاج والإبداع والابتكار لا على التقليد.