طالب الأكاديمي التونسي الدكتور عبدالوهاب بوحديبة المثقفين بعدم نسيان جذورهم أثناء توجههم إلى تبني الحداثة، وقال «لا توجد مشكلة بين مختلف الثقافات إذا اعتمدت المجتمعات على ذاتها في بناء حاضرها»، ووصف الثقافة خلال تكريمه البارحة في اثنينية عبدالمقصود خوجة ب «الحصن الأخير للأمة»، وأعرب عن استيائه من معدلات الأمية في الدول العربية، وقال «نحن أمة اقرأ ومع ذلك نعاني من وجود 40 % من الأميين والطريق طويل لمحو هذه المشكلة التي تعوق النهضة العربية، عبر تعميم المدرسة الابتدائية، وحل بعض المشكلات الاقتصادية»، ولفت إلى أن هناك قرابة 300 مليون طفل تحت سن 12 يستغلون جنسيا في العالم بالاضافة إلى تسخيرهم في أعمال لا تتناسب مع أعمارهم، واسترجع قصة أطروحته في كتاب «الجنسانية في الإسلام»، والتي أشرف عليها عدد من الفرنسيين وليس أربعة كالمعتاد، وكيف أن أحدهم اتهمه بأنه لم يكتب الرسالة وإنما كتبها على لسان المجتمع، وذكر أن الحضارات كلها تصب في الرسالة المحمدية، وتحدث عن كتابه «العطر في الإسلام»، ورأى أن العطر في كل الديانات عدا الإسلام للإله، ويدخل في طقوسهم، بينما في الإسلام غير ذلك لأن من حق المسلم أن يتعطر، واعتبر الجامعة في تونس أكبر منتج للأمراض الاجتماعية كونها تنقل الناس من العمل إلى مقاعد البطالة. من جهته، أوضح مؤسس الاثنينية عبدالمقصود خوجة أن المتتبع لمسيرة الضيف يلاحظ أن مؤلفاته الكثيرة أحدثت تفردا في مناقشة القضايا الكونية، كما أثرت على المستويين المحلي والعالمي، وتمثلت في صدام الحضارات، والتطرف الديني، والصراعات العالمية، مضيفا أن الضيف رفد المكتبة العربية والعالمية بعدد من المؤلفات الفكرية والأكاديمية، تعرض خلالها لمختلف قضايا المجتمع، كما غاص عبرها عميقا في أروقة النظم الاجتماعية، والأنماط السلوكية البشرية، وتناول جدليات المجتمع والدين والثقافة في إطارها المعرفي وبعدها الإنساني، في أسلوب عقلاني رصين، ومنهج علمي واضح، متناولا تجليات الذات العربية التي تخرج عن ذات الحداثة وتستقل عن مفاهيمية الذات، وأعلن خوجة أن الاثنينية ستكرم الأسبوع المقبل الإعلامية أسماء زعزوع، رحمها الله، والمعروفة ب «ماما أسما» باعتبارها أول مذيعة سعودية أرسلت صوتها عبر أثير الهند الموجهة للعالم العربي منذ عام 1369ه إلى عام 1379ه. بدوره، قال أمين عام منظمة التعاون الإسلامي الدكتور إياد مدني «الضيف ليس من الشخصيات التي يصعب تصنيفها، فهو مفكر تونسي تعلم في فرنسا وعلم غيره هناك، ونشأ في فترة مفصلية في تاريخ تونس، يصنفها النقاد ما بين مرحلة الحداثة وما بعدها، والبيئات المختلفة التي عاش أثرت بدرجات مختلفة على حياته»، فيما اعتبر المفكر الاجتماعي أبو بكر باقادر أن الاثنينية كرمت التاريخ في الفكر العربي، ساردا قصة تعرفه على الضيف عن طريق قراءة كتبه ثم الالتقاء به في إحدى جامعات تونس، لافتا إلى أنه يرتبط بعلاقة وثيقة مع الثقافة في المملكة ويقيم الندوات لإبراز التراث السعودي، بينما ذكر القاص محمد علي قدس أن الضيف كلما ازداد علما ازداد تواضعا، ومن يعرفه مباشرة يكتشف فيه روح المثقف الواعي لهموم عصره بعيدا عن الشهرة والأضواء، مضيفا أن التونسيين يعتبرونه الأب الروحي لعلم الاجتماع.