علق أحدهم، بعيد أحداث الشغب التي قام بها الإثيوبيون في منفوحة، والتي بدأت مساء السبت 5/1/1435ه (9/11/2013م)، بأن الإثيوبيين عوملوا «بعنصرية وشوفينية». وهذا أمر فيه نظر، فالحكم بالعنصرية والشوفينية على من تعامل من المواطنين بجدية مع أحد أو بعض الإثيوبيين، يجانب الصواب للأسباب التالية: أولا: الإثيوبيون قاموا بأحداث الشغب وتخللها رمي المركبات بالحجارة والنهب والسلب والتعدي على العوائل والأطفال، مستخدمين السلاح الأبيض: من سكاكين وعصي وهراوات وشواكيش ومطارق..، مستفزين بذلك المواطنين. وحسب ما أعلنه مساعد الناطق الإعلامي بشرطة الرياض فقد «نتج عن ذلك وفاة مواطن ومقيم سوداني وإثيوبيين وإصابة 85 ما بين مواطنين ومقيمين بالإضافة لتلفيات في أكثر من 130 مركبة اقتصرت أضرارها بتحطيم زجاجها» (عكاظ، الثلاثاء 7/2/ 1435ه 10 /12/ 2013م ، ص14). وحتى رجل الأمن لم ينج من اعتداءاتهم. ثانيا: ما فعله الإثيوبيون قوبل برد فعل آني من بعض المواطنين، كنتيجة لذلك، للدفاع عن النفس ووقف اعتداءاتهم، وهذا رد فعل استثنائي ومنعزل وليس بقاعدة كما أنه غير قابل للتعميم، فلم يحدث أن عامل المواطنون العمالة الإثيوبية بعنصرية وشوفينية من قبل، ولم يمارسوا ذلك ضد العمالة المخالفة بشكل عام، قبل أو بعد أحداث منفوحة، وإنما يتعاملون معها بشكل عام بإنسانية وحسب التعاليم الإسلامية. حتى منسوبي الأجهزة الأمنية تعاملوا مع المخالفين للنظام بالحسنى، ويشهد لهم مجلس هيئة حقوق الإنسان «بالتعامل الإنساني والأمني والاجتماعي والاقتصادي الذي لقيه جميع المخالفين لأنظمة العمل والعمال، من حيث الحرص على سلامة إجراءات القبض والترحيل، وتقديم الاستثناءات وإلغاء العقوبات، وتسهيل إجراءات تغيير المهنة، ونقل الكفالة ورخص العمل، أو الترحيل النهائي» (عكاظ، الجمعة 3/2/1435ه 6/12/ 2013م ، ص4). وحصل أن تواجد الإثيوبيون يوم الجمعة 25/1/1435ه (29 /11/ 2013م) في ثلاثة تجمعات قاموا فيها ببعض الاضطرابات والمشكلات.. منها تجمعهم في طريق مكةجدة، حيث أعاقوا حركة المرور، وهشموا زجاج بعض السيارات وصعدوا على أسطح بعض مركبات النقل ..، وقامت مجموعة أخرى منهم بأعمال الشغب في مواقف كدي للمركبات في مكة، والمجموعة الثالثة، وتعد بالآلاف، تجمعت أمام القنصلية الإثيوبية في جدة. وفي يوم الثلاثاء 22/1/1435ه (23/11/2 13م)، دخل العشرات من الإثيوبيين المخالفين كلية البنات في المدينةالمنورة. ثالثا: ما قيل عن عنصرية المواطنين وشوفينيتهم لم يقابله تقييم لما فعله الإثيوبيون، وهذا ليس من العدل أو الموضوعية بشيء. وصف المواطنين هكذا قد يستغل من قبل الإثيوبيين الذين بالفعل أصدروا شريطا دعائيا متهما المملكة ومواطنيها بقسوة وسوء معاملة الإثيوبيين المخالفين، وتناقلته أجهزة الجوالات، وقد تستغل «هيئة حقوق الإنسان العالمية» وصف المواطنين، كما ذكر، وحملة التفتيش وترحيل المخالفين بمثابة مشجبة تعلق عليها انتقاد المملكة. هذا الوصف مادة دسمة لانتقادنا. وللعلم فإن العنصرية تعني، بإيجاز شديد، التمييز العنصري المستند على الاعتقاد بأن هناك فروقا وراثية تؤثر على طبائع وقدرات الناس، وتربط انتماءهم لعرق أو جماعة، فيبنى عليها معاملة جماعة من الناس بشكل مختلف وسلبي. أما الشوفينية فهي قريبة العنصرية، وهي فكرة متطرفة تتنافى مع العقل، وتعني بإيجاز الوطنية المبالغ فيها، وحب الوطن واعتباره أحسن الأوطان، وتعني كذلك التعصب القومي بحقد وكراهية للآخر (الهدف)، ومثال على ذلك (النازية الألمانية) التي تمثل قمة التعصب الشوفيني. وأصل الشوفينية يعود لاسم الجندي الفرنسي، نيكولاس تشوفين، الذي حارب مع نابليون بونابرت فأعجب به أشد الإعجاب. وقد نمت الشوفينية ببروز القوميات الأوروبية التي شنت الحروب الاستعمارية ضد الشعوب الفقيرة واستعمرتها في بدايات القرن التاسع عشر، ومع الزمن نما مصطلح الشوفينية وتم تضخيمه بفعل الإعلام الدولي. فهل ما ذكر عن العنصرية والشوفينية ينطبق على المواطنين الذين قاموا برد فعل آني واستثنائي لأحداث شغب الإثيوبيين؟ .. الله أعلم.