باتت قضية شراء اللاعب المحلي المحترف للمدة المتبقية من عقده أو الاستفادة من بيع عقده، بمثابة موضة تعددت فصولها هذا الموسم، بل أصبحت حديث الوسط الرياضي عامة في المملكة، وهو ما أدخل إدارات الأندية في صراعات داخلية مع أبرز نجوم فرقها، وأصبحت لغة المال هي الشغل الشاغل الذي يؤرق مخططاتها، خصوصا بعد أن فتح صانع ألعاب فريق الاتفاق يحيى الشهري الباب على مصراعيه، مؤكدا في أكثر من مناسبة عدم نيته التجديد لمواسم إضافية، ليوجه رسالة صريحة لإدارة ناديه، ويضعها أمام خيارين لا ثالث لهما، فإما أن يستمر حتى نهاية عقده الذي تبقى منه عام دون تحقيق مكاسب مالية، أو الرحيل لناد آخر، وهو ما حدا بالإدارة إلى استثمار بيع عقده المتبقي لمصلحة النصر في صفقة تعد الأعلى في تاريخ سوق الانتقالات للاعبين المحليين، أعقبه زميله الحارس فايز السبيعي الذي اشترى ما تبقى من عقده مع ناديه، ووقع أخيرا في صفوف الهلال. وتبرز على السطح بوادر أزمة بين إدارة نادي الشباب وهداف الفريق ناصر الشمراني، والتي أكدت الأنباء الأخيرة من البيت الشبابي، تخييره بالاعتذار للمدرب البلجيكي ميشيل برودوم وتسوية الخلاف الشخصي بينهما والذي ظهر جليا في نهائي كأس الأبطال أمام الاتحاد حين أشار إليه بيده بالجلوس على مقاعد الاحتياط بعد تسجيله هدفي فريقه، أو الاستفادة مما تبقى من عقده وبيعه لمصلحة أحد الأندية، وكذلك مهاجم الوحدة إسلام سراج الذي تبقى من عقده عام واحد أيضا، وأبدى نيته الرحيل مع نهاية عقده، وهو ما أكده وكيل أعماله الوسيط السعودي أحمد المزيني الذي دخل في مفاوضات مع الإدارة الوحداوية، وحصل منهم على الضوء الأخضر لمفاوضة الأندية الراغبة في الحصول على خدماته من أبرزها الاتفاق، وربما تكشف الأيام المقبلة عن لاعبين آخرين قد يسيرون على هذا الطريق. «عكاظ» اخترقت هذا الحاجز، واستطلعت آراء ذوي الاختصاص من مسؤولي الأندية والنقاد وبعض وكلاء اللاعبين حول هذا الامر . عرض وطلب في البداية أكد مدير الكرة في الفريق الأول لكرة القدم بنادي القادسية محمد الضلعان، أن موقف إدارات الأندية أقوى من اللاعبين، وهي من تقرر التنازل عنه والاستفادة من بيع عقده، أو إبقاءه حتى نهايته. وقال، «لا أعتبره موضة، وفي النهاية يبقى القرار عرض وطلب، فمتى ما رأت إدارة النادي الاستفادة من عائد بيع عقده بمبلغ مجز، وجلب أكثر من لاعب بمبلغ انتقاله فهذا ديدن الاحتراف، وأعتقد أن الأندية التي لا تملك رعاة هي من ستتأثر من هذا الوضع، بدليل أن وضع أندية القادسية، والاتفاق، والوحدة من وجهة نظري سيئ للغاية، وهم أكثر الأندية في المملكة التي تملك مواهب فنية وتغري الأندية ذات الدخل المادي الكبير للتسابق والحصول على لاعبيها، ولا بد أن تضع استراتيجية حتى تحقق فائدة لها وللاعبيها». وكشف، أنه لم يسبق أن تقدم لهم لاعب بشراء ما تبقى من عقده. وبين «أعتقد أن رضا الطرفين هو من سيكسب القضية في النهاية، واللاعب المحترف يحترم عقده مع ناديه، وأقرب مثال لاعب الاتفاق السابق يوسف السالم الذي انتقل للهلال والذي قدم صورة مثالية للاعب المحترف حينما لعب بقتالية وأداء رجولي مع فريقه حتى نهاية عقده رغم توقيعه للهلال بعد دخول الفترة الحرة». حاجة الأندية فيما أكد الناقد والمحلل الرياضي الدكتور جاسم الحربي، أن الموضوع يخضع لاحتياجات الأندية التي من الممكن أن تتضرر جراء بقاء لاعبيها حتى نهاية عقودهم الاحترافية. وقال، «أعتقد أن الظروف المحيطة بالنادي هي من تفرض على الإدارات استثمار المتبقي من عقد اللاعب المؤثر، في حال بانت رغبته بالبقاء، وربما لا أسمي ذلك موضة، لأن اللاعب في الأساس يفكر في تأمين مستقبله، وهو ما يجعل إدارات الأندية الأخرى تتشجع لتأمين مبلغ ضخم للحصول على خدماته كما حدث مع لاعب الاتفاق يحيى الشهري، لأن النصر بالفعل بحاجة إليه الموسم المقبل، فأنا مع الاحتياج ولا يهمني كم سيدفع في اللاعب»، وزاد «تعاقد الأهلي الموسم الماضي مع اللاعب البرازيلي برونو سيزار بمبلغ كبير، وقد كلف خزانة النادي الكثير من المال، ولم يستفد الأهلي منه حتى الآن في تحقيق بطولة محلية رغم الهالة الإعلامية التي صاحبت مجيئه، ولو انتظرت الإدارة الأهلاوية قليلا وفكرت في شراء عقد الشهري لكان أفضل، فلاعبونا المحليون أحوج إليها من الأجانب»، وبين أن المشكلة الرئيسية تكمن في عدم مقدرة الأندية ذات الدخل المادي المحدود في تأمين عقود ضخمة للاعبيها، وأضاف «هناك أسباب جوهرية دفعت إدارة الاتفاق مثلا لبيع عقد الشهري، منها ضعف المادة وعدم وجود دعم شرفي، ولو توفرت هذه الإمكانيات لديهم لما وجدنا نجوم الفريق يرحلون لأندية أخرى، فالمسألة منطقية جدا ولا تحتاج إلى تفسير». قانون دولي أما وكيل التعاقدات الوسيط السعودي سطام العنزي، فأشار إلى أن الموضوع يدخل ضمن القانون الدولي، ويحفظ للاعب المحترف حقوقه. «حين يقترب اللاعب من دخول الفترة الحرة، أو يصبح حرا فإن الضغوط تزداد على إدارات الأندية، وقد تخسر أشياء كثيرة، ولن تستفيد من ورائه شيئا، لذلك فإن الإدارات تفكر بعقلية احترافية في كيفية الاستفادة من بيع عقده، لا أرى الموضوع موضة بقدر ما هو قانون دولي يحمي اللاعب، ويحفظ له حقوقه»، مضيفا بالقول «أعتقد أن القضية مالية بحتة، وللنادي الحق في اتخاذ قرار بيع عقد اللاعب، أو إبقائه حتى نهايته، رغم أن غالبية المدربين لا يفضلون وجود اللاعبين الذين اقتربوا من دخول الفترة الحرة، أو ممن يفكرون في شراء عقودهم، لسبب بسيط، وهو أنهم سيلعبون تحت ضغط نفسي، ويصبح بالهم مشتتا، وبالتالي تصبح الاستفادة منهم شبه معدومة، كما حصل مع مهاجم الاتفاق يوسف السالم، الذي شاهدناه بعد دخول الفترة الحرة وبعد توقيعه للهلال، يتألق في مباريات مع فريقه تعد على الأصابع، ومباريات أخرى لا يقدم العطاء المأمول».