رشقات غير مرئية تمهّد للبرق    مراهقة تسافر عبر الزمن ذهنيا    مصر تتصدر عالميًا بالولادات القيصرية    3 دقائق تكشف ألزهايمر    السفر للفضاء يسرع شيخوخة الخلايا    بشراكة مع Veeam: «كلية البترجي الطبية» تُسرّع نموها العالمي بتحقيق استعادة للبيانات أسرع بنسبة 80 %    28% من الاستثمار الأجنبي بالصناعات التحويلية    السعودية في صدارة صفقات الدمج والاستحواذ    تقلبات حادة بسوق الأسهم    فهد بن سعد يطلع على تقرير أمن المنشآت بالقصيم    الاحتلال يواصل استهداف الأبراج السكنية في غزة    وزير لبناني: لا مدّة زمنية لحصر السلاح    الانهيار الأرضي المميت غربي السودان.. «الناس فقدوا كل شيء»    كانسيلو: مرتاح مع الهلال.. واللعب في السعودية ليس سهلاً    إصابة ديمبلي تسبب أزمة    «الأخضر الشاب» يتأهل لنهائيات بطولة العالم    تبرع ولي العهد بالدم.. تواصل استراتيجي    اليوم الوطني.. عزّنا بطبعنا    عبادي يسرد القصة ولمنور تطرب في جدة    مكتبة الملك فهد بجدة.. صرح ثقافي بارز    "الإسلامية" تستعرض تطبيقاتها الرقمية في موسكو    خطيب المسجد الحرام: الحسد داء خطير وشر مُستطير    تخريج الدورة التأهيلية للضباط الجامعيين ودورة بكالوريوس العلوم الأمنية بالرياض    الاتحاد الأوروبي يتطلع لبدء مفاوضات الشراكة الاستراتيجية مع المملكة    مشروعات عصرية عملاقة بمكة المكرمة تتجاوز صلابة جبالها    هارون كمارا لاعبًا في النصر    رسميًا.. الأهلي يضم فالنتين أتانجا    ضمك يحسم تعاقده مع خيسوس ميدينا    الفردانية والمجتمعية وجدلية العلاقة    الأخضر يواصل استعداده للقاء التشيك بمشاركة سالم والجهني    ضبط شخص في عسير لترويجه (1,391) قرصًا خاضعًا لتنظيم التداول الطبي    خسوف القمر بين الرؤية الفلكية والتأصيل والتدبر    وزير الشؤون الإسلامية يوجّه بإقامة صلاة الخسوف في مساجد المملكة مساء غد الأحد    المملكة توزّع (1.565) سلة غذائية بإقليم خيبر بختونخوا في باكستان    تهجير قسري جديد تحت غطاء المناطق الإنسانية في غزة    المملكة تشارك في منتدى أمبروزيتي    تهنئة مملكة إسواتيني بذكرى الاستقلال    أوغندا تُعلن حالة التأهب عقب تفشي فيروس «إيبولا» في الكونغو    حفظ النعمة بنجران تطلق مبادرة نحفظها    المزارع الوقفية حلقة نقاش لتعزيز التنمية المستدامة    المعتذرون والمغفرة    عودة العواصف الرعدية بالمملكة على نطاق أوسع    زراعة مليون شجرة موثقة رقميًا في منطقة عسير    مؤسسة جائزة المدينة تعلن عن انطلاق جائزة المعلم في دورتها الثانية 2025 م    الإعلان عن علاج جديد لارتفاع ضغط الدم خلال مؤتمر طبي بالخبر    إلا إذا.. إلا إذا    إدراج منهج الإسعافات الأولية للمرحلة الثانوية لتعزيز مهارات السلامة    جمعية التنمية الأهلية بأبها تختتم مشروع "رفد للفتيات" بدعم المجلس التخصصي للجمعيات وأوقاف تركي بن عبد الله الضحيان    أمانة القصيم توفر 290 منفذ بيع عبر 15 حاضنة بلدية لتمكين الباعة الجائلين    شمعة تنفذ لقاء تعريفي عن طيف التوحد الأسباب والدعم    «سمكة الصحراء» في العُلا... طولها يعادل طول ملعبَي كرة قدم    حين تتحول المواساة إلى مأساة    أوروبا تعتبر لقاء بوتين وشي وكيم تحدياً للنظام الدولي.. لافروف يتمسك ب«الأراضي» وكيم يتعهد بدعم روسيا    لا أمل بالعثور على ناجين بعد زلزال أفغانستان    القيادة تعزّي رئيس مجلس السيادة الانتقالي بجمهورية السودان    أربعون عاما في مسيرة ولي العهد    ميلاد ولي العهد.. رؤية تتجدد مع كل عام    نائب أمير تبوك يستقبل مدير فرع وزارة الرياضة بالمنطقة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قفزة فيليكس .. ميتافيزقيا التقنية
نشر في عكاظ يوم 03 - 11 - 2012

في مقال السبت الماضي كان الحديث حول قفزة فيليكس بوصفها حدثا ذا معنى يأخذ البعد التأويلي للعالم والوجود، وإرادة القوة كما يقررها نيتشه في إنسانه الأعلى توحي بمعنى من معاني تلك القفزة.
اليوم تأخذ التقنية بعدها ومعناها المتيافيزيقي في قفزة فيليكس، فمن المعروف أن هذا العصر عصر التقنية بامتياز، وميتافيزيقيا التقنية تعني أنها تفسير حسابي للعالم من خلال مفهوم «العقل الأداتي» كما يسميه هابرماس الذي كان سمة عصر الحداثة. وكون التقنية تفسيرا للعالم فإنه تنتقل من كونها آلة إلى كونها مابعد آلة أي أنها تخلق تصورا جديدا عن العالم كما تمارس نوعا من السيطرة الفكرية للإنسان وعلى الإنسان في استحلابه الطبيعة برؤية غاية في الاستهلاكية. المفكر المغربي محمد سبيلا يوضح فكرة عصر التقنية بقوله: «عندما نقول بأن هذا العصر هو عصر التقنية فليس ذلك لأنه عصر حافل بالآلات والتقنيات وطافح بمظاهر التقدم التكنولوجي، بل لأن الأشياء والتقنيات والمخترعات هي التي تستقي وتأخذ دلالتها من الماهية التقنية للعصر الحديث. وسيطرة ماهية التقنية تعني سيطرة القوة وإرادة القوة بل إرادة الإرادة أي إرادة القوة الخالصة التي لا تستهدف إلا الفعالية والتأثير والتصريف المستمر، اللامحدود للقوة، كأفق دلالي للعصر الحديث برمته».
وعند الحديث عن التقنية فإنه لابد من استحضار الفيلسوف مارتن هيدجر بوصفه أحد أهم الفلاسفة الذي كانت التقنية بالنسبة لديه معنى وجودي في مقابل التصور الميتافيزيقي للتقنية لدى إنسان العصر الحداثي . يعتبر هيدجر أن التقنية الحديثة ليست مكتفية بطابع الإنتاج كما في العصور اليونانية القديمة بل هي أقرب إلى تحريض الطبيعة على أن تتحول إلى طاقة مخزونة، وماهية التقنية الحديثة هي في معرفة طريقة آليتها العملية في خلقها وإخضاعها الطبيعة بما فيها الإنسان إلى ميتافيزيقيها.
التقنية ليست تلك الآلات المباشرة التي يستخدمها الإنسان، بل هي أبعد من ذلك. إنها تصور جديد للمحيط من الحياة، فكما أن الإنسان استطاع القبض على بعض أسرار الوجود فإنه حوله إلى رؤية استهلاكية من خلال محاولة إخضاع هذه الطبيعة إلى القدرة البشرية التي تعتمل إرادة القوة عنده إلى أبعد مداها. يأتي فيليكس بوصفه مجسد تلك الإرادة من خلال قفزته المشهورة من حافة الفضاء إلى الأرض متجاوزا سرعة الصوت من خلال العقل الأداتي الذي مارس الرؤية الحسابية الخالصة ليمكن فيلكس من قفزته بمساعدة التقنية نفسها. تلك التقنية التي رفعته إلى أبعد نقطة في الغلاف الجوي للكرة الأرضية، ولباس خاص مورست فيه كل أدوات العقل التقني ليتجاوز من خلاله سرعة الضوء. هنا يأتي التحدي الإنساني للطبيعة وهنا تأتي التقنية بوصفها العامل الذي من خلاله يتم تفسير العالم، ومن خلاله يتم تغييره كذلك. التقنية هنا لا تكتفي بمفهوم الإنتاجية المباشرة، بل تتعداه إلى صناعة وجود الإنسان ذاته في شكل من أشكاله، ولم كان هيدجر قليلا من أن يصنع الإنسان وجوده من خلال التقنية ويبدو أن تخوفه كان في محله حيث إن الإنسان الحديث غامر بفكرة الاستنساخ، وهنا تتحول التنقية من كونها آلية إنتاجية إلى كونها تصورا جديدا تفرض على الإنسان معطياتها الخاصة، فتتحول إلى مخضعته في الوقت الذي كان يريد إخضاعها..
فيليكس عندما غامر بتلك القفزة فلأن العصر الحديث هو عصر إرادة القوة التي تمنحها التقنية بوصفها طوباوية الإنسان الحديث الذي يتصور قدرته على إخضاع الحياة من حوله لإرادته البشرية.
للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 402 مسافة ثم الرسالة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.