والعنوان جملة شعبية محلية أي جاء بها الله، والمعني بالجملة كارثة سيول جدة التي حصلت قبل نحو ثلاث سنوات، فقد كان هناك ركام من الفساد الذي لم يشر إليه أحد قبل الكارثة، وكان من الممكن أن يظل متواريا عن الأنظار لو لم تحصل الكارثة في محافظة كبرى لها عيون وألسنة!، لكن الكارثة حصلت وحصدت ما حصدت من أرواح، فلم يعد بالإمكان السكوت على ركام الفساد، فبدأ التحقيق فيه ولم يزل مستمرا، لتكشف مجرياته عن العديد من أنواع الفساد، التي شارك فيها موظفون في كتابة عدل وفي الأمانة وربما في غيرهما من الجهات. إذن، لقد جابها الله فتم كشف ركام الفساد في جدة ولم يكن كشفه بمبادرة من الجهات التي أنشئت لهذا الغرض؛ مثل ديوان المراقبة، ولو لم يجئ بها الله لظلت «الدرعا ترعى» ولظل الفساد يتراكم جيلا بعد جيل ومسؤولا بعد مسؤول!، فهل هذا الركام في محافظة جدة وحدها، أم أن هناك ركامات أخرى في غيرها من المدن والمحافظات، وهل يحتاج الامر إلى كارثة مروعة في كل منطقة لنردد القول نفسه «جابها الله» أم أن المصلحة توجب فتح جميع ملفات الفساد المتراكم في جميع المجالات والمشاريع القائمة وبأثر رجعي، فكم من المدن والمحافظات التي سمح بالتملك أو المنح في وديانها ومجاري سيولها، وكم من المخططات التجارية التي أصل صكها مئات الأمتار فتحول إلى ملايين الأمتار وبيعت أراضيه بمئات الملايين، وكم من الموظفين الذين دخلوا الوظيفة وهم لا يملكون إلا الفتات وخرجوا منها وهم يملكون المليارات أو على الأقل العشرات أو المئات من الملايين، وكم من المباني والمقرات والطرق المنشأة التي تبين بعد استخدامها أنها لم تبن بطريقة جيدة أمينة فجرى إصلاحها أو هدمها وبناء بديل عنها، وهلم جرا!!. لقد كانت كارثة سيول جدة جرسا أيقظنا من سباتنا المتعود على ركام من الفساد، فهل نحتاج إلى عشرات الأجراس لتدق في بقية المناطق حتى نصحو ونصحح، لأنه لا أحد يستطيع الادعاء بأن جدة وحدها هي حاضنة الفساد أو أن الفساد نفسه مقتصر على مجالات السيول والصرف الصحي فقط لا غير، فالأمر أوسع من ذلك بكثير يا عبدالقدير؟!