نحتاج إلى تغيير النظر فيما حولنا.. أو بمعنى أصح الإصغاء لما يتحرك وينمو في كل جهة من محيطنا، فنحن نمضي مع قناعاتنا من غير الالتفات لما يحدث هنا أو هناك من حراك اجتماعي وثقافي ومعرفي.. وظللنا لوقت طويل نهشم قاعدة الشباب بحجج أنهم مغايرون لنا في كل شيء مع العلم أن القادم دائما يكون مغايرا لما سبقه في مشاكله وفي طرق تفكيره وحلوله.. وبمناسبة انطلاق ملتقى الشباب في عامه الأول تحت عنوان (يدا بيد لبناء الإنسان) نكون قد وضعنا خطواتنا في الطريق الذي تشير إليه البوصلة.. فبناء الإنسان أهم ركيزة لأي مجتمع يستهدف النمو الحقيقي، ومن سلبيات الطفرات التي مرت بنا أنها لم تلتفت إلى بناء الإنسان كما التفتت واهتمت ببناء العمران، لذلك حدث افتراق بين المعطى الحضاري والمشغل لهذا المعطى.. وحين يقول الأمير خالد الفيصل إنه اكتشف خطأ النظرة السائدة للشباب التي تتهمهم بالتقاعس والضياع تكون قد حانت فرصة التصويب لجملة الأخطاء التي حملناها للشباب لمجرد انتقادهم وإظهار ابتعادهم عنا.. وتكون تلك النظرة أيضا منصفة لجيل يمثل النسبة الأعلى من سكان البلد، وهم الذين يحملون المستقبل، ويكون اكتشاف النظرة الخاطئة التي كان ينظر بها لهذا الجيل هي البداية لتأهيلهم وتحميلهم مسؤولية مستقبلهم. ولأن كنز أي أمة يتمثل في ثروتها البشرية نكون قد أهدرنا هذه الثروة لسنوات طويلة بسبب قصور وعينا باهمية الإنسان في البناء والرقي وقد آن الأوان للاهتمام بالإنسان كخطوة رئيسة.. وإذا كان الأمير خالد الفيصل يحمل هذا اللواء في منطقته الإدارية فإن هذا الأمر لا يكفي إن لم تعمم الفكرة على مستوى البلد كاملا بحيث يتحول الشباب إلى لبنة أساسية في التنمية من خلال التأهيل وإعطائهم الفرص الحقيقية في البناء والمشاركة في صنع القرار واتخاذه.. هذه الصورة في جانبها المشرق، أما ما يعانيه الشباب في الواقع فهو بحاجة ماسة أيضا لمراجعة نظرتنا لهم على المستوى الحياتي والوظيفي.. فعلى مستوى اليومي نجد أننا نقصيهم ونبعدهم من كل مكان يتواجدون فيه وخير مثال لذلك منعهم من دخول الأسواق وملاحقتهم بالقسائم المرورية ودفنهم داخل المقاهي من غير توفير البدائل المكانية التي يستطيعون قضاء أوقاتهم فيها أو استثمار طاقاتهم وتفريغها داخل منشآت أعدت لهذا الغرض.. فكما يعمل الإنسان بجد واجتهاد هو أيضا بحاجة إلى أوقات الترفيه وأماكن يتواجد فيها من غير زجر أو نهر.. أما الجانب الوظيفي فهم بحاجة إلى دعم القيادات السابقة وإعطائهم الثقة وإدخالهم في صناعة القرار لاكتساب الخبرة والمهارة.. وإذا كانت القاعدة التي ننطلق منها هي بناء الإنسان فيجب المحافظة على كينونة هذا الإنسان من التصدع في أي جانب من جوانبها وأهم ما يواجه هؤلاء الشباب نظرتنا لهم بأنهم سبب كل صداع نشعر به وهذه هي الكارثة . [email protected]