الكويت ترفع سعر خام التصدير لآسيا لشهر يونيو    اعتماد الإستراتيجية العربية للأمن المائي في المنطقة العربية    «الموارد البشرية» تطلق «خدمة حماية الأجور» لرواتب العمالة المنزليَّة    سيفول رحمات: مبادرة طريق مكة سهلت رحلة الحاج    تحت رعاية ولي العهد«سدايا» تنظم القمة العالمية للذكاء الاصطناعي سبتمبر المقبل    بنك التصدير والاستيراد السعودي يوقّع اتفاقيتين لتمكين الصادرات السعودية غير النفطية    انطلاق الاختبارات الوطنية "نافس" في جميع مدارس المملكة للمرحلتين الابتدائية والمتوسطة    جامعة طيبة تحتفل بتخريج الدفعة العشرون من طلابها    ‫ وزير التعليم يتفقد مدارس الحدود الشمالية ومشاريع جامعة الشمالية    وصول أولى رحلات المستفيدين من مبادرة "طريق مكة" من إندونيسيا    300 طالب يشاركون بحلول رقمية إبداعية في "برمجاثون"    ارتفاع عدد كوادر التمريض إلى 235 ألفاً في 2023    "البنك الإسلامي" يجمع 2 مليار دولار    مساعدات طبية وغذائية ل3 دول من "سلمان للإغاثة"    رابطة العالم الإسلامي ترحب بقرار الأمم المتحدة تبني قرار عضوية فلسطين    «الزعيم » لا يكل ولا يمل    السعودية.. وخدمة ضيوف الرحمن    لزيادة حجم القطاع 10 أضعاف.. السعودية تطلق خارطة طريق الطيران    إزالة 23 مظلة وهنجراً عشوائياً في أحياء الطائف    19710 مخالفين للأنظمة ضبطوا في 7 أيام    أمير تبوك يطلع على إنجازات التجارة.. ويرأس اجتماع لجنة الحج.. اليوم    السعودية و31 دولة تشارك في تمرين «الأسد المتأهب»    جامعة «مالايا» تمنح العيسى الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية    «البلدية»: إيقاف وسحب «المايونيز» من أسواق المملكة    هيئة الصحفيين السعوديين يقيم ندوة "المواقع الإخبارية التحديات والآمال"    حظر «الرموش الصناعية» على العاملات في تحضير الأغذية    نحو سينما سعودية مبهرة    سلمان بن سلطان يرعى حفل تخريج الدفعة ال 20 من طلاب وطالبات جامعة طيبة    عساك «سالم» يا عميد    جامعة الملك سعود تتوّج ببطولة الرياضات الإلكترونية للجامعات    البصمة السينمائية القادمة    تحسينات جديدة في WhatsApp    الذكاء الاصطناعي يتعلم الكذب والخداع    نسيا جثمان ابنهما في المطار    سيدات الأهلي يحصدن كأس الاتحاد لرفع الأثقال    طائرة الأخضر إلى نهائيات كأس آسيا    إبادة بيئية    إنقاذ ثلاثيني من إصابة نافذة بالبطن    مواد مسرطنة داخل السيارات    الهلال يوافق على انتقال بيريرا لكروزيرو    أرسنال يسقط اليونايتد ويستعيد الصدارة    أمير تبوك يطلع على إنجازات "التجارة"    نائب أمير الشرقية يستقبل مدير فرع عقارات الدولة    نائب أمير الرياض يرعى حفل تخرج طلبة كليات الشرق العربي    كبسولة السعادة .. ذكرى ميلادي الرابعة والأربعون    تنمية المواهب في صناعة الأزياء محلياً    لؤلؤ فرسان .. ثراء الجزيرة وتراثها القديم    استقبل محافظ دومة الجندل.. أمير الجوف يشيد بجهود الأجهزة الأمنية والعسكرية    أرتيتا يحلم بتتويج أرسنال بلقب الدوري الإنجليزي في الجولة الأخيرة    إنهاء إجراءات المستفيدين من مبادرة طريق مكة آليًا    مختبرات ذات تقنية عالية للتأكد من نظافة ونقاء ماء زمزم    بعض الدراسات المؤرشفة تستحق التطبيق    " الأحوال" المتنقلة تواصل خدماتها    محافظ جدة يدشن مبادرة " العمل والأسرة"    روتين الانضباط وانقاذ الوقت    المراكز الصحية وخدماتها المميّزة    نائب أمير مكة يناقش مستوى جاهزية المشاعر لاستقبال الحجاج    سمو أمير منطقة تبوك يترأس اجتماع لجنة الحج غداً    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



null
نشر في عكاظ يوم 10 - 02 - 2011

في الجزء الثاني من الحوار الذي أجريناه مع المستشار والمفكر الإسلامي الدكتور محمد الدحيم، يؤكد أن الأمة عانت عبر التاريخ من اختلاط بين النص الاجتماعي والديني، مشيرا إلى أن مستخدمي هذا الخلط يخضعون النص المقدس لفهم اجتماعي لتمرير أهدافهم بالاستفادة من أسماء علماء الدين. وانتقد الدحيم بشدة المشهد الثقافي الذي يرى أنه بات خاليا من العمق، واصفا بعض المثقفين بأنهم متسلقون، مشيرا إلى أننا نعيش في ردة وبطالة ثقافية. وتطرق المستشار والمفكر الإسلامي إلى نصوص ذكر أنه نقلها من كتب فقهاء، يرى أنها تسيء إلى الإسلام ولا تليق بالفقه، كالتشبيه بين المرأة والشيطان والاستشهاد بأحاديث مكذوبة أو نقل المفاهيم الخاطئة.
وشدد الدحيم في حواره على أن الاختلاف سائغ وممكن، مؤكدا أنه لا يجوز أن يمس الدين والأمن والوحدة الوطنية، وندد بالوصاية على الأفكار، مشيرا إلى أن الإنسان حر في قراءته وفكره. ورأى أن الحجر على العقول سلب الناس ذاتيتهم وجعلهم يفكرون بغباء ويسألون عن ما لا يليق السؤال عنه، واعتبر منتقدي مؤتمر خديجة بنت خويلد منتفعين، مشيرا إلى أنهم لم يكونوا ليهاجموه في حال وجهت لهم دعوات لحضوره.
وذكر أن الثقافة عن المحامين لدى بعض القضاة لا تزال سطحية، في حين لاحظ أن ممارسات بعض المحامين سيئة في المجالس القضائية، مثمنا الشوط الكبير الذي قطعته وزارة العدل في تطبيق مشروع الملك عبدالله لتطوير مرفق القضاء .. فإلى التفاصيل:
• ذكرت في مقال لك أن كثيرا من المثقفين بعيدون عن الواقع، فبعضهم يتسلق على قضايا المجتمع، ما قصدك في هذه الجملة؟
هذا الواقع، لو تكلمنا عن الوطن العربي ولو أخذنا على سبيل المثال واقعنا واستعرضنا صحفنا ومواقعنا الإلكترونية وحللنا محتواها لوجدناه ضعيفا جدا، كما أنه نما إلى ثقافتنا وكتابتنا الصحفية إبراز الذات بشكل غير مبرر، وهذا في الأصل حق من حقوق الكاتب لكن بشكل مبرر كأن يأتي بأمر جديد وحقل معرفي ورأي يشكل واقعا فحينها لا مانع من ذلك، لكن إبراز الذات بطريقة سطحية وربما سخيفة أكثر مما تكون صحافية فهذا لا يليق.
نحن نشهد منذ 2005م ردة ثقافية، أين كتابنا المشاهير اليوم وأين خلفاء من غيبهم الموت أو كبر السن عن المشهد الثقافي، بات العمق غائبا مع أن المساحة مفتوحة أكثر من ذي قبل. التفكير مختلف تماما عن الثقافة. المفكر هو الذي يعمل على إنتاج الأفكار ولو سألتك الآن من هم منتجو الأفكار لوجدنا أنهم أقل من القليل.
• لماذا إذن؟
التخلف الذي نعيش فيه ولد لدينا غياب وعي بسبب تراكمات طويلة جدا تعاون فيها كل الوجود، ساهم في ذلك الخطاب الديني، الثقافي، الاقتصادي، والاجتماعي.
• كيف تتم حلحلة هذا التخلف إذن؟
لو كان هناك وعي اقتصادي جيد وكانت مخرجاته العلمية كذلك، نحتاج لدعم العلم والمعرفة، ولو دعمت البحوث العلمية والمعرفية وتم تطوير وسائل العلم والتربية فإننا سنبني جيلا مختلفا عن الجيل الحالي.
الشيطان والنساء
• ذكرت في مقال لك أن بعض الفقهاء قرنوا بين الشيطان والنساء، وجعلوهن والشياطين وجهين لعملة واحدة، ألا ترى أنك بالغت في ذلك؟
هذا مقال كتبته في أكثر من حلقة ونقلت فيه موضحا الصفحات والمجلدات التي ذكرت فيها تلك الأوصاف ولا مزايدة على ذلك، نقلت عن بعض الفقهاء نصوصا لا تليق بالفقهاء ولا بالفقه ولا بالإسلام ومعانيه العظيمة.
• ماهي؟
نقلت نصا نقله ابن علان عن القرطبي، وهذا نص اجتماعي، فالبيئة التي كان يعيش فيها كانت تستحقر المرأة، كلام الفقيه موزون فقهيا وليس اجتماعيا وهناك لابن قدامة عندما قال: «ولا يصح منها الأذان كالمجنون».
• هل تقصد أن الحديثين النبويين «يقطع الصلاة المرأة والحمار والكلب الأسود» و «النساء ناقصات عقل ودين» وغيرهما استغلت للإساءة للمرأة بفهم خاطئ؟
لو بحثت في هذا الدليل ستجد أن عائشة رضي الله عنها اعترضت على هذا الحديث وقالت: عدلتمونا بالكلاب والحمير؛ فقال النبي صلى الله عليه وسلم في رواية عند أبي داوود بسند صحيح «لا يقطع الصلاة شيء» وهذا الحديث ناسخ وهو الراجح. عائشة رضي الله عنها كانت تعترض على كثير من النصوص، لما جاء ابن أختها يقول يا أم المؤمنين سمعت الرسول صلى الله عليه وسلم يقول «الميت يعذب ببكاء أهله عليه» وهذا الحديث صحيح، ردت: ما عليك من هذا اقرأ قول الله تعالى «ولاتزر وازرة وزر أخرى». انظر إلى أن المرأة إذا قامت بدورها توجد النهضة النسائية، لكنها إذا اتكأت على رجل وعقل ذكوري يفكر بالنيابة عنها فماذا عسى أن يخرج ذلك العقل.
• وأين تكمن الإشكالية إذن؟
نعم، يجتزئ النص، نحن نبتسر النصوص، ثم إن هذه ثقافة عامية يستخدمها عوام الناس ودهماء الناس يحفظون هذه النصوص ويأتون بأطم من ذلك عندما يستدلون بأحاديث موضوعة ويقولون (اكذبوا عليهن فإنهن كذابات). الثقافة مليئة بهذا النوع.
على مر التاريخ، لدينا اختلاط بين النص الاجتماعي والنص الفقهي، يخضع النص المقدس لفهم اجتماعي ويساق اسم علماء الدين الذين قالوا مثل هذه الأشياء، يقولون المرأة عورة ومعروف أنه يقصد بالعورة مخارج السبيلين فكيف يقال ذلك؟
ساهموا بشكل مباشر في سياق نصوص إما مكذوبة أو فهم مغلوط أو اجتزاء لبعض النصوص هؤلاء قدموا وجبة دسمة مجانية لمن أراد أن يعترض هذا الخطاب ويدلل على ضعف الخطاب الديني.
الفقيه والبيئة
• هذا يقودني للسؤال عن مدى تأثير بيئة العالم في قوة فقهه وتحصيله؟ هل ترى ذلك؟
نعم، البيئة تؤثر على تكوين الفقيه والسياسي والاقتصادي، ولذلك حتى الفقهاء المعاصرين الذين كانت لهم بعض الآراء والاجتهادات لما أتيحت لهم فرصة الانتقال والسفر لبيئة أخرى والاجتماع والمشاركة في المؤتمرات والندوات والاستماع إليها أصبحت لديهم مخرجات مختلفة.
الفقه الإسلامي
• تطبيقات الفقه الإسلامي كثيرة لكن ما نسبة ما نطبقه الآن؟
لا أملك وحدة قياس حتى أعطيك نسبة معينة، لكن لو تحول الفقه الإسلامي إلى نظريات لاستطعت أن أعطيك نسبة. الفقه الإسلامي الآن بات كلأ مباحا، لكل أحد أن يكتب أو يتأمل فيه، ولا تنتظمه إلا في القليل النادر مثل نظرية العقد والعدل والحق لكن لو أتينا للقانون سنجده عبارة عن نظريات، فلو تم تقنين الفقه الإسلامي وتحويله إلى نظريات لأمكن قياس مدى التزام الناس بذلك.
• لكن ما الذي يمنع الناس من ذلك؟
العجز الذهني والكسل.
• وكيف يكون التقحم على الفقه؟
النظرية لديها القدرة على الدفاع عن نفسها، لكن عندما تفتت الفقه الإسلامي إلى جزئيات ودخل فيه ما لا يسوغ وما لا يليق به كفقه أتحنا للناس فرصة العبث به.
• ولكن هل ترى للمضايقات التي يتعرض لها إسلاميون تنويريون كما يطلق عليهم أثرا في إحجامهم عن مشاريعهم العلمية والفكرية؟
بالعكس، من يقول بهذا الكلام أحد اثنين؛ إما أن يكون إنسانا لا علم له ولا معرفة وإنما هو متعبد بالرسوم والأشكال، وهؤلاء تجدهم يتدخلون في خصوصيات ذلك الشخص في لحيته ولبسه وأرى أن هذه الأمور ليس لهم الخوض فيها، المفترض ألا نعطي هؤلاء وقتا لإقناعهم بتطورنا المعرفي؛ لأنهم لا ينقاشونك معرفيا.
القسم الثاني هم من يناقشونك معرفيا في اختلاف آرائك وأفكارك وتطوراتك دون شخصنة فهؤلاء يستحقون الدخول معهم في خطاب معرفي وجدل.
• باستقراء وضع الساحة، هل الغالبية يستحقون الدخول معهم في نقاش أم لا؟
لا يستحقون.
التكفيريون والتفجيريون
• برأيك، ما هي النواة الرئيسة التي أخرجت لنا التكفيريين والتفجيريين؟
هؤلاء إما أن تكون لديهم علل نفسية وأدعو لقراءة هذا الجانب فيهم؛ لديهم علل في التركيب النفسي ولو وضعتهم في أي مكان سيدمرونه ولذلك في الجانب الآخر أقول توجد نداءات تدعو إلى توظيفهم وتقريبهم من المجتمع. إذا كانوا معتلين نفسيا فسوف يفسدون المجتمع حتى لو وضعناهم في أي مكان لأنهم سينقلون هذه العلل إلى أي مكان وأين ما وجدوا.
القسم الثاني متأثر بخطاب مع غياب العقل والتفكير والاستيعاب. أما الثالث وهو الأخطر، الذي لا يعيش في الدنيا أصلا، هو يعيش مع الحور العين والجنة، مغيب ليس في الدنيا أصلا، الحياة لديه مزدراة، وهناك نصوص يجلبونها مثل (الدنيا ملعونة ملعون من فيها). ابن تيمية يضعف متن هذا الحديث ويقول كيف يلعن الله دارا فيها أولياؤه ورسله وكتبه ويعبد فيها ويلعنهم.
• وهل صحيح مايردده البعض من أن هذا نتاج فترة الصحوة؟
الصحوة والثورة الإسلامية كلاهما نشأ في وقت قريب وأيضا يحصد هنا وهناك آثار خطابه.
• وماذا تطلق على الفترة الحالية؟
نعيش حالة فوضى، كنا نعيش في زمن الصحوة في حالة أيديولوجية وانتقلنا إلى حالة الفوضى التي نعيشها الآن.
الخطاب والطوائف
• وكيف تقيم توجه الخطاب السائد حاليا مع الطوائف المنضوية تحت مظلة الوطن؟
يوجد شيء فوق الاختلاف وهناك شيء داخل الاختلاف وهناك شيء خارج الاختلاف، فالذي فوق الاختلاف: الدين والوطن والأمن، هذه لا يجوز فيها الاختلاف مطلقا، الاختلاف لا يجوز أن يمس الوطن أو الوحدة الوطنية أو الأمن والإيمان، هناك اختلاف مسوغ وآخر سفيه ضعيف ليس له تغذية راجعة على الحقيقة وبالتالي فأنا لا أهدر وقتي معه، هناك إقصاء لبعض الطوائف وهناك إقصاء ذاتي للطائفة ذاتها، وقد سمعت ذلك بنفسي، هناك من لا تسمع لديهم إلا خطاب المعاناة، ينبغي أن يكون هناك خطاب مشاركة.
• ما الذي ولد الإقصائية إذن؟
هناك إرث تاريخي كبير، فالشيعي يعمل ضد السني والسني ضد الصوفي وهكذا تقسيم مصالح غير معلنة، التاريخ يغذي والناس تستفيد، وهناك توظيف للخطاب الديني في هذا الأمر.
حراسة الأفكار
• استنكرت في أحد مقالاتك ما أسميته بحراسة الأفكار، ماذا تقصد بهذه العبارة؟
أقصد أن الإنسان حر فيما يريد أن يفهم وفي طريقة قراءته وفهمه ولا مانع أن يسترشد ويستنصح لكن لا وصاية على أفكار الناس ولندع الناس يفكرون بطريقتهم وقدراتهم وإمكاناتهم وبالفضاءات المتاحة لديهم ويمارسون هذا الأمر بدون أن يحجر عليهم في طريقة تفكيرهم.
• لكن هل ترى بالفعل أن الناس سلبت حريتها في ذلك؟
نعم، أصبح الناس ذاتيا لا يفكرون؛ فعندما تفتح بعض القنوات والإذاعات وتستمع إلى أسئلة الناس تجد أنهم ذاتيا لا يفكرون فلذلك يسألون عن أشياء أقرب إلى الغباء أكثر منها سؤالا، يسأل كيف يأكل ويلبس ويفكر.
• وهذا نتاج ماذا؟
نتاج الخطاب الذي يقدم له حتى سلبه الذاتية، عندما تؤطر الطفل في مرحلة النمو وتسلبه جميع الصلاحيات، يسألك هل يأكل أولا؟ هل يمشي أو لا يمشي؟ فإذا سلب الناس ذاتيتهم أصبحوا لا يفكرون.
• وما هو تقييمك للحالة الثقافية بشكل عام؟
الناس يعيشون في فضاء وبطالة ثقافية، هذه البطالة نتاج الفراغ من المشاركة والهدف والمحتوى والثقافة، والبعض الآخر لديه ثقافة لكنه لم يعط الفرصة فهو لا يكتب في الصحافة ولا يشارك في المؤتمرات، يجب أن تكون بيئتنا حاضنة للثقافة وداعمة للمؤتمرات والملتقيات والمسابقات والقراءات، وأن تتحول جميع القنوات الفضائية إلى شاغل للناس ومشارك لهم، لماذا تنحصر المشاركات والكتابة على الشخصيات المكرورة؟ يجب تجديد الشخصيات وإعطاء الشباب والفتيات فرصة المشاركة.
لماذا تتحول مؤتمراتنا إلى أشكال رسمية فارغة المحتوى، هنا يشغل الناس بالحقيقة، لكن عندما لا تعطي الناس فرصة فسوف يهمشون عن العمل، ويصبح الحقل الثقافي محصورا على قلة ممن يسمون نخبة، الانفتاح المعلوماتي والعولمة اليوم ألغى ما يسمى بالنخبة وأصبح من يثبت نفسه وجدارته العقلية والعلمية والفقهية هو النخبة.
عوائق التنمية
• يردد البعض أحاديث عن عوائق التنمية، ماهو مفهومك نحو العوائق؟
مسيرة التنمية إما أن يعترضها عدم وجود الإرادة وهذه كارثة أو أن القرار لا يدعم التنمية. نحن اليوم تجاوزنا هذا الشيء، القرار الآن يريد التنمية، والخطوة التالية هي التخطيط، خطة التنمية موجودة لكن ليست التي نطمح فيها؛ لأن الذين يضعونها هم اقتصاديون وسياسيون، ينبغي أن تكون هناك مشاركة ثقافية واجتماعية لتكون هناك خطة واعية وتوازن.
كذلك المال، فنحن لا نعاني من قلة المال ولدينا وفرة، لكننا بحاجة إلى القدرات والإمكانات البشرية، واقعنا اليوم لا يعطي ذلك، الكوادر البشرية التي أقصدها هي المؤهلة، لدينا كوادر عاطلة لأنهم ليسوا مؤهلين، ويبدو أن الحلقة المفقودة هي هذه النقطة ولذلك أدركت القيادة أنه لابد من ابتعاث مجموعة لدراسة تخصصات علمية لتعود بكوادر بشرية جيدة. هناك أيضا خطاب اجتماعي وديني عائقان للتنمية؛ فالخطاب الاجتماعي لا يكون مقروءا ولكنه عبارة عن ممانعة اجتماعية، الأمر الذي يبدد جهود التنمية.
• لكن البعض يقول إن الخطاب السائد ممانع أكثر من بنائي؟
هناك خطابات بنائية بدأت تظهر أخيرا، لا ينبغي أن نكون سوداويين، بعض خطابات الممانعة بدأت تتحول إلى خطابات بنائية، السؤال الآن أين الحقول التي يعمل فيها الخطاب البنائي، ينبغي أن نبحث عن هذه الحقول وأن تتاح الفرص لتلقي هذه الخطابات كما ينبغي أن يزول عنا الكثير من الوجل والخوف الاجتماعي الموجود بلا مبرر.
• وماذا عن السلطة الدينية؟
السلطة الدينية خفت وطأتها اليوم، بل إن الرموز الدينية خصوصا لدينا باتت تمتلك كثيرا من التسامح والوعي ولا أدل على ذلك من تكوين هيئة كبار العلماء الجديد الذي يوحي بالتسامح والتعددية وهناك عوامل ضاغطة على هذه الأشياء والحراك متاح الآن.
مؤتمر خديجة
• عندما صدرت توصيات مؤتمر خديجة بنت خويلد استنكرها البعض وصاروا يسمون المنتدى بألقاب متعددة، ما تعليقك أنت؟
هذا بحث عن موقع ومساحة يعملون من خلالها، بمعنى أن هؤلاء الذين ردوا على مؤتمر خديجة لو دعوا إليه لما أصبحت لديهم مشكلة.
• وكيف يتم دعم الإصلاح من وجهة نظرك؟
لابد أن تكون لنا نظرة بعيدة لا قريبة، ليس الهدف من كل العمليات الإصلاحية ظهورها الآن، الهدف فيما أبعد من ذلك في تخليد الأثر حتى بعد مفارقة الدنيا، يجب أن يكون الدين داعما للإصلاح، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق» و «بعثت بالحنيفية السمحة» والدين استخدم على مر التاريخ في الإصلاح، أما أن يكون المتدين غبيا فليست جريمة الدين.
أركز على أن بناء الإنسان معرفيا مهم جدا لأن الخطاب الإنساني بعيد عنا، كما أن الخطاب الديني يجب أن يكون إنسانيا، وانظر إلى الآيات الكريمة التي يقول الله تعالى فيها «يا أيها الناس» «يا أيها الإنسان»، هذا خطاب مباشر وشفهي للإنسان بدون واسطة، فينبغي أن نكون من خلال خطاباتنا رافعين من معنويات الإنسان ومعلين لقيمته ومغلبين الجانب القيمي على الجانب المادي له. ينبغي أيضا تفعيل الحوار وترك المساحة للعقل أن يتدبر ويتأمل ويبدي ويعيد وهذا شيء جيد يحفز الإنسان إلى أسئلة ربما تكون غريبة لكنها سوف تبحث عن إجابات صحيحة. العقل قوة مدركة لابد من تفعيله والبعد الحقيقي هو بعد النفس لا العقل، قال تعالى «سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق».
المجالس القضائية
• كمحام، هل تواجهون مشكلات في المجالس القضائية؟
نعم لدينا مشكلات، نظام المحاماة حديث لدينا، المحامون بهذه الوفرة حديثوا عهد وهذا مع ضعف النظم والإجراءات، نظام المحاماة جيد لكن ثقافة المحامين أو الثقافة عن المحامين لا تزال سطحية وكذلك القضاة، أريد أن ينظر إلي القاضي على أني أحد أعوان القضاة ولست خصما له، حينما ينظر القاضي إلى المحامي على أنه خصم هذه كارثة، عالميا يصنف المحامي على أنه أحد أعوان القضاة، علي أن أوضح للقاضي ما أفهمه عن العدالة وكذلك المحامي الآخر ثم يأخذ القاضي المفهومين معا ويبلورهما في حكم.
• وما الذي يحول دون تكريس هذا المفهوم؟
ضعف ثقافي، أيضا بعض ممارسات المحامين سيئة، المحاماة مهنة لها شرف فإذا التزم المحامي بشرف المهنة فإن ممارساته ستكون أمام القاضي لائقة بشرف المهنة فهو يفرض على القاضي وغيره احترامه، لكن يوجد تقصير من المحامين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.