يتحدث المجتمع والصحافة عن هروب السائقين والخادمات أكثر من حديثه عن هروب الأبناء والبنات، مع أن الهروب الثاني هو الأشد خطرا والأكثر بؤسا والأنكى فاجعة، وقد يظل المجتمع كذلك حتى يصحو على ما لا تحمد عقباه، وينتج عن هروب الفتيات نشوء أوكار مماثلة لما هو حاصل في دول عديدة لا سمح الله! وإذا كان ينتج عن هروب خادمة من منزل ما خسارة مالية تنال كفيلها وربكة في الأسرة لفقدانها لخدمات الخادمة الهاربة وآثار اجتماعية أخرى تتم معالجتها عن طريق الشرطة والجوازات، فإن أعظم مصيبة وفضيحة تحل بأي أسرة هي أن تصحو ذات صباح لتجد فتاة منها وقد هربت من المنزل إلى أتون الضياع والمجهول، وفي ظل أوضاع وتقاليد اجتماعية ومفاهيم عامة معقدة فإن ذلك الهروب يعني التدمير النفسي والاجتماعي والإعلامي الكامل لأسرة الفتاة الهاربة من أب وأم وإخوة وأخوات، ولا يمكن الاعتداد بكون حالات الهروب لم تزل محدودة مقارنة بحالات هروب الخادمات وأنها لم تصل إلى مستوى الظاهرة، فمثل هذا التهوين والتقليل من حجم المشكلة يزيد من تفاقمها وتعقيدها، ولا تكفي المعالجات الفردية الطارئة لكل قضية هروب وهي معالجات تنتهي عادة بسجن الهاربة ثم وضعها بعد إطلاقها في سجن آخر يسمى «دار رعاية الفتيات» حتى يتوفاها الموت أو يجعل الله لها سبيلا مثل قبول صاحب ظروف اجتماعية خاصة بالاقتران بها، وذلك نادرا ما يحصل مع بقائه مرتابا من زوجة مفسرا لأية حركة أو إشارة بأنها عودة إلى ماض غير مشرف! إن هذا الصمت الاجتماعي والإعلامي عن قضية هروب الفتيات والاكتفاء بالمعالجات الآتية السطحية المصاحبة لبعض حالات الهروب المعلنة لا يحقق مصلحة عامة ويعتبر تجاهلا لواقع بائس لا بد من دراسته من جميع النواحي، لأن وراء هروب الفتيات أسبابا لا بد من فهمها وتحليلها ومعالجتها عن طريق المختصين في الجامعات والمؤسسات التربوية والأمنية والاجتماعية ووضع الحلول المناسبة لها وعدم الاكتفاء بالتفرج على الظاهرة ومعالجة النتائج وإهمال الأسباب وبالله التوفيق. للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 162 مسافة ثم الرسالة