تبرز الصحة النفسية للمجتمعات، عبر درجة تماسكها الاجتماعي، ومستوى متانة نسيجها المجتمعي، ومدى تراص مكوناتها وتناغمها وانسجامها، في تحقيق الأهداف الوطنية، والخطط التنموية، في ظل تنافس الأوطان والمجتمعات نحو تحقيق التقدم وتحقيق الرفاه الوطني، في المضمار الإقليمي والدولي، بعيدا عن الأمراض الاجتماعية والتجاذبات التي تستنزف طاقة المجتمع، وتربك أولوياته. والمراقب للخطاب الإعلامي السعودي؛ يرصد من خلال بعض مضامين وسائل الإعلام الكلاسيكية، أو شبكات الإعلام الجديد، تناميا في الطروحات التصنيفية بالمعنى الفكري وكذلك بالمعنى الاجتماعي أو الجغرافي، مما ينعكس سلبا على الواقع الاجتماعي، ويفت في عضد الخطاب الوطني، ويصرف الناس عن القضايا الرئيسية والتنموية للمجتمع والوطن. فبعد الإيغال في عمليات الفرز الفكري والديني بشكل غير مسبوق، اتجهت بوصلة التصنيفات الإعلامية نحو التصنيف الاجتماعي لقطاعات المجتمع السعودي، مما يثير التساؤلات عن منطلقات وأهداف هذه التصنيفات، وتأثير هذه التجاذبات الفكرية والاجتماعية على مستقبل الوطن، ومتطلبات المواطنة الإيجابية، في وقت أحوج ما نكون فيه إلى تراص المجتمع وتماسكه، لمواجهة التحديات الماثلة والمتغيرات المستجدة، والانطلاق في رحلة البناء الوطني الجاد، عوضا عن الانشغال في تقسيم المجتمع وأهله وتصنيفهم من منطلقات فئوية ضيقة. فالطروحات الإقليمية والقبلية والمناطقية، لا تنسجم مع الأهداف الوطنية، بل تتعارض ومنطلقات الوطن والوحدة، وتتناقض ومبادئ الشريعة السمحة، وإقحام الآيات القرآنية أو التفسيرات الدينية، لدعم الأهواء الشخصية أو الفئوية ومساندة الطروحات المتباينة، يتعارض أيضا مع قدسية القرآن، خاصة عندما تجتزأ الآيات والسور أو يتم توظيفها خارج سياقاتها ودلالتها، والقرآن الكريم، تناول قصص أقوام وقرى مختلفة في سياقاتها الزمنية. إن النجاح الوطني الحقيقي؛ هو قدرتنا على تجاوز المحركات الماتحت وطنية، وأبعاد البواعث الإقليمية، والمحرضات القبلية، وإلغاء كافة التمظهرات التي تتكئ عليها خطابات التصنيف وتنطلق منها، وهذا يستدعي أيضا تصميم خطاب وطني قوي، متماسك، تنخرط من خلاله كافة القوى والفعاليات الفكرية والثقافية والمرجعيات الدينية والاجتماعية، والانصهار الكامل في الجسم الوطني، والانصراف نحو تحقيق الأهداف الوطنية والتنموية العليا. وإذا كان التدافع الاجتماعي والتنافس المجتمعي في مجال الشأن العام؛ يشكل أحد مجالات التماس والاحتكاك، فإن الحاجة تبرز هنا، إلى تنظيم هذا التدافع ومأسسته في حقل المشاركة، وتثبيت خطاب وطني جامع، يشكل عنوانا لحاضر ومستقبل بلادنا. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 166 مسافة ثم الرسالة