في كل عام، تصدر الجهات الرسمية وبعض المؤسسات والمراكز المتخصصة تقارير وإحصاءات، وتطبعها في كتيبات أو كتب فاخرة «هدايا طبعا.. يعني أننا شغالين»، ولا تبنى عليها أية استراتيجيات وطنية للاستفادة منها، ونبحث عن خبير أجنبي ليعلمنا كيف نتصرف ونصدقه دون حتى أن نسأل: «لماذا زمار الحي لا يطرب حتى إن كان نغمه شجيا عذبا؟» وتبقى تلك التقارير والإحصاءات بين طيات تلك الكتب الفاخرة بانتظار فرج لا أظن أنه سيأتي قريبا، وتبقى هناك تنتظر.. حتى إشعار آخر.. لا أظن أن أحدا سيشعر به يوما. وفي كل عام أيضا، تهدر ملايين الريالات التي تصرفها الدولة على الأبحاث الطبية والعلمية والاقتصادية والأمنية والاجتماعية، التي مصيرها مجاورة العناكب والتدثر بالغبار في أدراج الباحثين، وتبقى هناك تنتظر من يتبناها أو يقوم بتسويقها على الوزارات أو المؤسسات العامة أو شركات القطاع الخاص «وقد ناديت لو أسمعت حيا.. ولكن لا حياة لمن تنادي»، وتذهب كل تلك الملايين هباء منثورا، وتبقى هناك تنتظر فرجا لا أخاله سيأتي قريبا.. حتى إشعار آخر.. لا أظن أن أحدا سيشعر به يوما. وفي كل عام أيضا، إيجارات العقارات في ارتفاع، وطوابير انتظار القروض العقارية في ازدياد، وما زالت حوادث الطرقات تحصد آلاف الأرواح وتخلف آلاف الإعاقات، ومعدلات الجريمة ترفض أن تحني رأسها على المؤشرات البيانية للدراسات الإحصائية والأبحاث، والإيدز والسرطان يفتك بالآلاف، ونبقى بانتظار فرج لا أخاله سيأتي قريبا.. حتى إشعار آخر.. لا أظن أن أحدا سيشعر به يوما. وفي كل عام أيضا، يسكب الكتاب وأصحاب الرأي أطنانا من مداد أقلامهم يطالبون بالاستفادة من هذه وتلك، ويسكب المسؤولين أطنانا مماثلة من مداد أقلام وأوراق وزارات ومؤسسات الدولة ويهدرون المال العام لصياغة ردود ووعود تؤكد أن «كل شي تمام وبكره أحلى»، ونبقى ننتظر دون أن نبلغ من تمام اليوم شيئا، ولا بكرة الذي لا يجيء ذقنا من عسله شيئا، ونبقى هنا ننتظر فرجا لا أخاله سيأتي قريبا.. حتى إشعار آخر.. لا أظن أن أحدا سيشعر به يوما. وفي كل عام أيضا، يخرج علينا قراصنة الإنترنت والردود على مقالات الكتاب وأصحاب الرأي، ليضربوا بكل ما قيل وكتب عرض الحائط إذا ما انتقد أحد رأيا أو شيخا انتقادا لا يوافق آراءهم وأفكارهم المتطرفة، وكأنهم منزهون، ويسألون: «لماذا لا تكتبون عما يهم المواطن الصحة، التعليم، الخدمات، الإيجارات... إلخ، وتتركون عنكم ما لا تفقهون فيه!»، وكأن الله ربهم لوحدهم، ومحمد صلى الله عليه وسلم نبيهم لوحدهم، والإسلام دين لهم لوحدهم، وليس لكتاب الصحف وأصحاب الرأي من هذا كله شيء، وما عليهم إلا أن يذعنوا صاغرين مطرقي رؤوسهم أذلاء!، وكأن شيئا لم يكتب وحبرا لم يسكب عن هموم الوطن والمواطن؛ لا لشيء إلا لأن المتطرفين ومناصريهم الجهلة لا يقرأون إلا ما يريدون، ولا يوافقون إلا من يوافقهم، وما عداهم علمانيون رويبضة أعيجزة صحافة مشكوك في دينهم ووطنيتهم وأخلاقهم! ويبقى الوطن ينتظر مواطنا يستحق العيش فيه ويحميه، ونبقى بانتظار حوار عقلاني وطني مخلص بين مواطنين انقسموا إلى فريقين، ونسوا أن الأمم تتقدم والتاريخ لا ينتظر أحدا، ونبقى هناك ننتظر بوادر حوار معتدل بين الفريقين لا أخاله سيأتي قريبا.. حتى إشعار آخر.. لا أظن أن أحدا سيشعر به يوما. ويبقى الوطن ينتظرنا جميعا.. حتى إشعار آخر.. [email protected] للتواصل ارسل رسالة نصية sms إلى الرقم 88548 الاتصالات أو الرقم 636250 موبايلي أو الرقم 737701 زين تبدأ بالرمز 176 مسافة ثم الرسالة