في وقت مضى كانت عادة التدخين رمزا للحضارة، بل كان يتسابق إليها الشباب والشيوخ والفتيات والعجائز. لكن الخبرات الشخصية والمؤسسية بدأت توضح مدى خطورة هذه العادة على المجتمع المحلي والدولي. بل ان الدراسات أثبتت أن التدخين السلبي أخطر على غير المدخنين من الخطر الذي يواجه المدخنين أنفسهم. وإن تساوت الإساءة فما ذنب غير المدخن؟ وعندئذ بدأت الدول تسن القوانين التي من شأنها حظر التدخين في الأماكن السكنية المشتركة (العمارات، والعنابر) وكذلك الحظر في أماكن التجمعات والأسواق، ومحطات السفر، وأماكن الترفيه مع قدر كبير من العقوبات على المخالفين. وتسابقت الدول إلى ذلك الحظر من حيث سن الأنظمة لدرجة أنه لم يعد هناك أية دولة لم تصدر الأنظمة. إلا أن درجة التطبيق الفعلي (تطبيق العقوبات) هي التي تحكم مدى فعالية قوانين الحظر وهي تختلف من بلد لآخر. فمثلا كندا في الغرب، وماليزيا في الشرق وعمان في الوسط نجحت في تطبيق المنع بدرجة كبيرة. في حين أننا في بلد الحرمين ومرتع القبائل – التي كانت تحرمه من قبل – صار التراخي عندنا في التطبيق مثلا غير مشرف. ففي المطارات مثلا تجد رجلا يجلس تحت لوحة تنبه إلى الحظر وتراه يماري بكل شجاعة (أو لنقل نقيضها) يتحدى محتوى اللوحة ولسان حاله يقول: إذا لم يعجبك ما أعمله طق برأسك الجدار. المهم: فإن التدخين عادة شخصية أبتلي فيها البشر ولا يستفيد منها إلا زارعو التبغ ومصنعوه ومروجوه. وما لم يصدر قرار دولي يحرمها فسوف تبقى – بين الشد والجذب – آسرة للكثيرين، ووسيلة لأمراض خطيرة من بينها السرطان الذي هو من أخطرها. أما مناسبة هذا المقال فهي اطلاعي على استفتاء أجري على عينة من طلاب جامعة الملك سعود بلغ عددهم (493) وكانت الأغلبية منهم أي 47% يؤيدون ربط القبول في الجامعة بالموافقة على العلاج من عادة التدخين. وبالمناسبة فإن الجامعة – في تحركها الحالي نحو الرقي إلى المستويات العليا في قائمة التميز الدولية – قد جعلت من ضمن برامجها مشروع (بيئة جامعية خالية من التدخين) الذي بدأ تطبيقه منذ خمسة أشهر. ولإيماني بجدية القائمين على الجامعة في التطوير، وإصرارهم على نجاح المشروعات التي أعدت لتكون عناصر التطوير المراد، فإنني أهنئ الجامعة على هذه المشروعات. وبالأخص مشروع حظر التدخين في أماكن تجمعات الموظفين، والأساتذة والطلاب. والمراجعين. لا أشك أبدا بأن التدخين بلاء انتشر كتقليد – في البداية – ثم آسر لممارسيه إلى أن يأتي وقت تصل القناعة لدى ممارسيه وضحاياه إلى بذل الجهود للخلاص من ذلك. لقد كنت ممارسا لهذه العادة الضارة. الكريهة. بل كنت أمارسها بشكل غير منطقي من حيث كثرة التدخين في أي مكان يحلو لي ذلك. لكن الذي أعانني على هجرها كان فضل الله علي ثم تعبير عن عدم قبول ذلك السلوك من قبل أصغر أولادي آنذاك – وكان عمره خمس سنوات – حينما هممت بتقبيله فتأفف بشكل يوحي تقززه من الرائحة التي تخرج من فمي حينما أتكلم معه، أو أريد أن أقبله حيث قال (أفففف) قالها مع هزة للرأس تنم عن عدم الرضا. وعندئذ قررت – بفضل الله وعونه – يوم الأربعاء التالي لتلك المناسبة موعدا لوقف تلك العادة احتراما لولدي – بارك الله فيه – وتقديرا لصبر والدته وغيرها ممن يعانون مما عبر عنه (عابد حمود البدر) ذو الخمس سنوات (آنذاك) وتم تنفيذ القرار ابتداء من ظهر الأربعاء (1398ه) والحمدلله على منه وفضله. وبارك الله في من يسعى إلى إيجاد مناخ نظيف. للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 112 مسافة ثم الرسالة