رغم قلة ولعه بالحوارات المرئية المباشرة إلا أن حظي معه كان طيبا، فاستأثرت بأهم حواراته، وفي كل لقاء كنت اكتشف جديدا مبهرا في شخصيته. لا تكاد تفصل بين شخصيته عسكريا ببدلته المهيبة، ومدنيا بلباسه الأنيق؛ فهو في الأولى يفكر ويخطط وينجز بإبداع، وفي الثانية كذلك. وبين هذه وتلك حماس وانضباط وعشق يتجدد ويتوهج لكل إنجاز يضيف للوطن شموخا وعزة. تتوالى مواسم الجنادرية، وفي كل عام تكبر الوجوه وتشيخ، ويكبر المهرجان ويزداد شبابا بعزم القائمين عليه وهمتهم، ومع كل هذا تلمس ملاحظة هنا وإبداعا هناك، وبين النظرتين عين لاقطة تدون بشفافية وحرص وتعدل وتضيف. ويبقى هو في كل هذه الأجواء الفارس الذي يحقق حلم القائد المخطط الملهم صانع مجد الوطن الجديد.. بعزيمة لا تعرف الوهن وصدق لا لبس فيه وهمة لا تثنيها العقبات. أحبه لأنه يستحق، وأحبه لأنه يحبني عندما قال ذات حوار تلفزيوني، وكنت متداخلا مهنئا بفوز خيله لا مذيعا «شهادتك فيني مجروحة لأنك واحد منا»، وأحبه أكثر لأنه تلميذ عبدالله بن عبد العزيز الذي يبني وطنا مؤسساتيا تحترم فيه الحقوق وتحكم الأنظمة والقوانين المنصفة، ويحاسب فيه المقصرون، وتتجدد الوجوه وتتحرك الكراسي المؤثرة حتى لا تكون آسنة. متعب بن عبد الله بن عبدالعزيز المثقف والعسكري والإنسان والمواطن، وهو الأمير بتواضعه وروحه الجميلة الشفافة العاشق للشعر المتذوق له حتى لتخاله شاعرا من جمال إحساسه، أغيب سنوات عن الجنادرية وأعود لأجده يصافحنا بروعته ويبهجنا بالجديد من الإضافات لهذا المهرجان الحدث. نعتقد أنه نسينا لكثرة الوجوه التي تصافحه وتحبه فيجيبنا بمبادراته التي تقول إنه الفارس الذي يحفظ الوجوه جيدا ويمنحها بعضا من نفح طيبه أحسستها وهو يكرمني كإعلامي طالما توقع من وطنه الإنصاف. هل تعلمون أي حديث لا يمله متعب؟ إنه الحديث عن الفذ عبد الله بن عبد العزيز.. ذات حوار مباشر مرئي قلت له ما رأيك أن نجعل من الوالد يحفظه الله محور النقاش لنقترب من ملامح شخصية هذا القائد الملهم أكثر أبا وإنسانا وقائدا.. فلم يتحمس لهذا الاقتراح فقط بل جعله من أجرأ وأجمل حواراتي التلفزيونية على الإطلاق. ومادمنا نعايش أيام المهرجان لعل من المناسب أن أسوق ملاحظة سمعتها من كثير من الضيوف حول عدم استثمار وجودهم في نشاط منبري وإعلامي عبر منابر الأندية الأدبية والإذاعة والتلفزيون في لقاءات ومحاضرات تتم برمجتها مسبقا أو بعد وصولهم تجعل من حضورهم فاعلا وتثري حراك مشهدنا الثقافي والإعلامي.