مرة.. اثنتان.. ثلاث.. وألف مرة، يمد كل فرد صالح في المجتمع يده لرجال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ ليصل معهم إلى نقطة التقاء يتقبل كل منهما الآخر في حوار حضاري اجتماعي توعوي معتدل، يكون الأمر بالمعروف فيه معروفا، ويكون النهي فيه عن المنكر بالحكمة والموعظة الحسنة دون أن تهدر كرامة أحد، ودون أن يتجنى على عفة أحد، ودون أن تمتهن آدمية أحد، ودون أن تسلب إنسانية أحد. وليست مرة.. ولا اثنتين.. ولا ثلاثا.. ولا ألف مرة، يرزأنا أحد رجال الهيئة من الجاهلين بالنظام، أو المتعالين عليه، أو المتطفلين عليه من «ملاقيف» المتشددين، بسحب يده من يد كل فرد صالح في المجتمع، فيشتبه ويتجنى ويهين ويعتدي ويقبض ويسجن وقد يموت أبرياء، ونكتشف أنه كان مخطئا، وننبش بين ركام كل هذه الفوضى بحثا عن مجرد «آسف» فلا نجدها. وليست مرة.. ولا اثنتين.. ولا ثلاثا.. ولا ألف مرة، يصرح مسؤولون كبار في الهيئة بأنها مجرد أخطاء فردية تارة، وبأنها أخطاء متطوعين لا ينتمون للجهاز تارة أخرى، وبأن المعالجات قادمة، و «توبة النوبة»، وأن الهيئة ستدخل عصرا جديدا يحفظ لنا كرامتنا وسمعتنا وآدميتنا وإنسانيتنا من عبث الجهال والمتطفلين، وأننا سندعى إلى المعروف بالحسنى وننهى عن المنكر بالتي هي أحسن، ولكن «كأنك يا بو زيد ماغزيت»؛ ما زال الرجال يقبض عليهم بتهمة مرافقة زوجاتهم وأخواتهم وأمهاتهم في الأماكن العامة بذات الحجج الفارغة، ومن قبل الجهال والمتطفلين أنفسهم. وليست مرة.. ولا اثنتين.. ولا ثلاثا.. ولا ألف مرة، يخرج علينا من يكفرنا ويتهمنا بالعلمنة والفسق لمجرد انتقادنا لأداء جهاز حكومي لا يختلف عن أي جهاز آخر له ما لهم وعليه ما عليهم. ما الذي يحدث؟ لا بد أنه أحد أمرين لا ثالث لهما: إما أن المسؤولين عن إدارة هذا الجهاز يتعمدون أن تستمر الأمور على هذا النحو ويلجأون لتخديرنا بوعود لم ولن تتحقق ولا في أكثر أحلامنا وردية، وإما أن إدارة هذا الجهاز مختطفة من قبل هؤلاء القراصنة المتطفلين الجهلاء. فرضيتان أحلاهما أمر من الأخرى، والقبول بإحداهما أكثر فداحة من مجرد التفكير في صاحبتها، فما الحل إذن؟. بالتأكيد لن نستمع لغبي يطالب بإغلاق هذا الجهاز المفترض به أن يؤدي دورا تنويريا وتوعويا بالغ الأهمية ولا غنى لنا عنه. وبالتأكيد أننا لن نستمع لغبي آخر يقنعنا ببقاء الحال كما هو عليه، وأن تستمر المواجهة بين رجال الهيئة والمجتمع، وأن يستمر نفور كل منهما من الآخر، وأن نسمح لمتطفلين يقبضون علينا مع أمهاتنا وزوجاتنا وأخواتنا ويحاولون إقناعنا بالقوة أنهم أكثر رجولة منا، وأنهم أقدر منا على حماية أعراضنا «امعصي». ما الحل إذن؟ لا أريد أن أخمن كثيرا، ولكن سأفكر معكم بصوت عال، ماذا لو أن آلية التوظيف وانتقاء العناصر في إدارة وأفراد هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تغيرت، لتتضمن مفكرين ومثقفين ومتدينين معتدلين وإداريين محترفين يصوغون آلية ونظام عمل الهيئة، ويعودون بهذا الجهاز إلى مصاف القطاعات العامة الأخرى لها ما لهم وعليها ما عليهم. ألن نلجم كل من قد يدعي بأن هذا الجهاز العظيم مختطف؟، ألن تكون «الحسبة» غير في هذه الحالة؟. سأترك الجواب لكم جميعا. [email protected] للتواصل ارسل رسالة نصية sms إلى الرقم 88548 الاتصالات أو الرقم 636250 موبايلي أو الرقم 737701 زين تبدأ بالرمز 176 مسافة ثم الرسالة