في أحد المواقع الإنترنتية وتعقيبا على رأي الدكتور عبدالوهاب أبو سليمان الذي أفرده عن ضرورة المحافظة على الآثار النبوية، جاء تعقيب أحدهم فاجعا حيث اقترح تفجير غار حراء لإنهاء التبرك به من قبل بعض الزائرين له. كحل جذري لإنهاء ما تبقى من آثار نبوية (كمنع لوجع الرأس) ولكي تبقى المدينتان المقدستان فارغتين من أي أثر يمكن التبرك به من قبل الغير. وهذا الاقتراح يجسد عقلية البعض في كون الآثار التي تحتضنها مكة والمدينة تمثل إزعاجا لا حدود له بالنسبة لهم وأنها مصدر شركيات على الدولة نسفها بالكامل أو سيقومون هم بهذا الفعل خير قيام. هذه العقلية التي تقدس الفناء على الحياة هي التي طمست وأزالت جل الآثار النبوية بحجة واهية وعقيمة، وظلت لسنوات طويلة تمارس الفناء على كل أثر قائم. والتفنيد الذي أدلى به فضيلة الدكتور عبدالوهاب أبو سليمان عن أهمية الآثار المدنية والمكية كان حديثا متأخرا جدا. فبعد أن تم طمس وإزالة كثير من الآثار النبوية تحت جناح الصمت ومسايرة الدعوات المنفعلة من كون تلك الآثار جالبة لممارسة معتقدات خاطئة بهذه الحجة الواهية تمكنت عقلية الفناء من القضاء على الأثر القائم، ورغم أن هذه الآثار مر بها أناس خير منا وأعلم ولم يمسوها بسوء جئنا كالإعصار ودمرنا ما لا يدمر. وبعد أن ذهب الكثير من تلك الآثار، ارتفع الصوت المحتج إلا أن هذا الصوت قوبل بترهيب فاق المقدرة على التصدي لكل تلك الإزالات. ولو كان صوت العالم الدكتور عبدالوهاب أبو سليمان حاضرا من وقت مبكر لربما أسعف كثيرا من تلك الآثار قبل أن تقوض. فهو عضو كبار العلماء والعالم المقتدر على إقناع فئات المجتمع الساعية إلى تدمير كل أثر قائم في المدينتين المقدستين بأنه فعل قاصر وتفكير ضيق. والغريب في الأمر أن الجهة التي قامت بالإزالة أو أمرت أو سعت إلى ذلك هي جهة لا تمثل هيئة كبار العلماء، ومع ذلك استطاعت وبقدرة قادر أن تذهب بثلاثة أرباع تلك الآثار. وإن كانت حجة هؤلاء أن الإزالة ستغيب الشركيات أو التبرك بتلك الآثار، فهي حجة العائذ بالخوف بدلا من الاعتصام بالعلم، وإذا كان كذلك فما هي حججهم الساعية للقضاء على الآثار التي ارتبطت بشعراء أو خطباء أو فوارس العصر الجاهلي وطمس مواقعهم، وما هي حججهم في تدمير مجسمات ورسوم مدائن صالح، حيث انطلق البعض ببنادق الصيد (مع سبق الإصرار والترصد) لتصويب فوهاتها على مجسمات مدائن صالح لتهشيمها، (وهي نفس البنادق التي خرجت في زمن بداية انتشار الستلايت)، وما هي حجتهم في محاولة طمس آثار الأخدود وتغيير ملامحها. آثار كثيرة ذهبت ولن يرحمنا التاريخ حين يكتب أن هذه الآثار تمت إزالتها في زمننا، وسوف يسأل: ألم يكن هناك عقل رشيد يجنب كل هذه الكنوز من الضياع؟ ربما سيذكرون ما قاله فضيلة الدكتور عبدالوهاب أبو سليمان لكنهم بالضرورة سيقولون إنه جاء متأخرا للغاية. بقي الشيء القليل من آثار المدينتين المقدستين، وبقي الشيء الكثير من تعنت البعض واحتجاب الرؤيا عن أذهانهم لأهمية الأثر. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 159 مسافة ثم الرسالة