استكمالا للحديث السابق حول «خير رمضان أين يذهب» والذي تم الحديث فيه عن ملايين إن لم يكن مليارات الريالات التي تنفق في رمضان، ربما من باب إبراء الذمة أو الوجاهة أو تكفير ذنوب بقية العام بدون التركيز على فعالية وتأثير تلك التبرعات وتأثيرها على المستحقين فعلاً، حظيت وبمحض الصدفة، مع ثلة من كتاب «عكاظ» ونخبة طيبة من الأطباء وبعض رجال الأعمال الخيرين بلقاء صاحب السمو الملكي الأمير عبد العزيز بن سلمان بن عبد العزيز المشرف على جمعية الأمير فهد بن سلمان الخيرية لرعاية مرضى الفشل الكلوي، ولست هنا بصدد الحديث عن الأمير وجهده المكشور في هذه الجمعية لأن «شخصية العمل الخيري تسيء له بدل أن تدعمه، ولأن التركيز على الجمعية ودورها وأهميتها للمجتمع أهم من الأشخاص» كما ذكر الأمير. كما أني لا أنوي الحديث بالتفصيل عن هذه الجمعية الخيرية التي تمارس العديد من البرامج الصحية منها والتي تشمل رعاية المحتاجين لغسيل الكلى وتأمين الأدوية وأجهزة الغسيل ومستلزماتها والتعاون مع الجمعيات الخيرية والمستشفيات في كل ما يتعلق بهذا الجانب وبرامج التبرع بالأعضاء، هذا بالإضافة إلى البرامج الاجتماعية والتعليمية والتدريبية والتوظيفية والإعلامية والتأهيلية. ويمكن الاطلاع على تفاصيل كثيرة عن أنشطة هذه الجمعية التي يمكن الاطلاع عليها من خلال موقعها على الشبكة العنكبوتية w.w.w.fahadkella.org.s. ما أود التركيز عليه هنا هو العمل الخيري ذاته الذي لم يتجل مفهومه بعد في أذهان مواطنينا، رغم أن التبرعات والصدقات والزكوات تصل إلى مليارات الريالات كما ذكرنا سلفاً، فالعمل الخيري والتطوعي ينتمي إلى مؤسسات المجتمع المدني، بل هو أنموذج لتلك المؤسسات التطوعية التي يساهم فيها المجتمع ككل من أجل دعم المحتاجين واحتياجات الوطن. وذاك بالطبع لا ينقص من مهمة الدولة ومؤسساتها، بل هو رافد مكمل لدورها. فليس هناك دولة في العالم تستطيع أن تحل كل المشكلات التي يواجهها المحتاجون وتلبي كافة احتياجات الوطن. وهذا ليس دفاعاً عن الدولة أو إبراء لذمتها من المسؤولية الملقاة على عاتقها من أجل حل كل تلك الإشكاليات، لكن العمل التطوعي والخيري هو ديدن كل المجتمعات، فإذا نظرنا إلى الولاياتالمتحدة والغرب كمثال نجد أن هناك ملايين المؤسسات الخيرية التي تبني الجامعات والمستشفيات وتدعم ذوي الاحتياجات الخاصة والمسنين والطفولة وغيرها، بل إن هناك طوابير من البشر تساهم مباشرة بفعلها اليومي وبمالها وجهدها من أجل دعم تلك المؤسسات: المسألة الأكثر أهمية هي المشاركة الشعبية الفاعلة والشاملة لكل الناس في فعل الخير، فليس هناك مبلغ ضئيل أو مبلغ طائل، كل يساهم حسب قدرته مها صغرت وذاك يوفر الملايين والمليارات للمشروع الخيري الإنساني. العمل الخيري لدينا مرتبط بعدة شكليات للأسف، رغم أن الدين يحض على فعل الخير لكل محتاج ولكل عمل إنساني بغض النظر عن جنسه ودينه ومذهبه، أبيض كان أم أسود، مسيحيا كان أم مسلما. فعل الخير يركز مثلا على بناء مسجد رغم أهمية وخير ذاك، لكن يتناسى البعض الآية التي تقول (من أحيا نفساً فكأنما أحيا الناس جميعاً) وتنسى الحديث الشريف الذي يذكر «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحبه لنفسه» لذا نجد أن العمل الخيري يتركز في رمضان في برامج «إفطار صائم» أو غيرها من البرامج المتعلقة بمفهوم العمل الخيري والتطوعي ناسية أن المحتاجين الحقيقيين لا يعانون فقط في رمضان، مما يتطلب ديمومة فعل الخير لأن المعاناة مستمرة. ولنأخذ مثالا حول مرضى الفشل الكلوي الذين بحاجة لغسيل الكلى ثلاث مرات في الأسبوع وبأجهزة متطورة تعمل على ضخ (240) لترا من الماء ليمر على الدم في كل مرة، هذا بالإضافة إلى تحضيرات ما قبل الغسيل وما بعده والتي تقدر تكلفته الدنيا بألف ومائتي ريال في كل مرة، هذا طبعاً إذا توفرت الأماكن والأجهزة، وتصور المعاناة التي يكابدها المرضى وذووهم عندما يكونون في قرى نائية ويحتاجون إلى قطع المسافات من أجل الوصول إلى أماكن العلاج تصوروا معاناة الأسر التي تمرض وتعاني كما يعاني المريض. ومع كل تلك المعاناة وانتظار رحمة الله، حتى تتوفر كلية لزرعها. بينما تقول الإحصاءات لدينا إن عدد المتوفين دماغياً في كل عام يتجاوز (500) حالة يمكن أن توفر 1000 كلية لو آمن مجتمعنا بالتبرع بالأعضاء في حالة الوفاة الدماغية. الخير هنا واضح إنقاذ حياة وفعل خير وأنت أو أنا متوفى دماغياً، مع ذلك يتردد مجتمعنا في التوقيع على بطاقات التبرع. مثالاً آخر إرسال رسالة فارغة على (5060) تكلف الشخص (10) ريالات فقط، بينما تتم الثرثرة باستخدام الجوال فيما لا طائل منه. ولو حسبنا عدد المشتركين في الجوال بكل شركاته لاستطعنا تجميع ملايين الريالات لخدمة هذه الفئة التي تعاني وتوفير المستلزمات الطبية لهم وفقط ب 10 ريالات وإن كتبت رقم (1) كرسالة بدل أن تكون فارغة فستدفع (12) ريالا لكل شهر، يعني ثمن دجاجة كما ذكر الأمير ومجموع التكلفة في العام 144 ريالا، هل هذا كثير، إنني أدعو كل فئات شعبنا للمشاركة في إزاحة المعاناة عن هذه الفئة على الأقل برسالة فارغة إلى رقم (6050) من أجل إنقاذ حياة بشرية وسلامتكم. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 193 مسافة ثم الرسالة