كتبت في أعوام خلت منتقدا سلوكيات تنافي استقبال هذا الشهر الفضيل، وكيف فقد عند الكثيرين منا مدلوله الروحاني والتعبدي، بحيث أصبحنا بهذه السلوكيات نرتكب من المحظورات مالا نرتكبه في غير رمضان. وأعترف بأنني وغيري ممن يهمهم الأمر لم نفلح في تحويل اهتمامات الكثيرين من الجسد إلى الروح، ومن البطن إلى العقل، لكني في هذه المرة لن أتناول هذا الجانب، فأنا على يقين من أن كثيرا من الكتاب، بالإضافة إلى برامج التلفاز والفضائيات، ستتناول ذلك، كما لن يتوانى مشايخنا الكرام عن بيان فضائل الشهر وما ينبغي أن يكون عليه المسلم، إذ وجدت حلول الشهر المبارك فرصة لأن يغير الإخوة في أمانة جدة بخاصة، والموظفون في إداراتنا ومؤسساتنا بشكل عام، من أساليب تعاملهم وسلوكياتهم مع المواطنين خلال هذا الشهر، ولا أقصد أن يعودوا إلى ما كانوا عليه قبل رمضان من تسويف وتأخير لمصالح العباد، وتهرب وتباطؤ في إنهاء المعاملات، وإنما أعتقد أن ثلاثين يوما من الانضباط السلوكي لدى الفرد، كفيلة بأن تجعله يتذوق حلاوة الإحسان في العمل، وجني ثمار ذلك من جزاء رباني، ودعاء إنساني. والفكرة ليست قاصرة على الأفراد، بمعنى أن الهيئات والمؤسسات والمصالح الحكومية، يمكن أن تضع برنامجا رمضانيا لإنهاء جميع المعاملات التي نام بعضها، ومات البعض الآخر، في أدراج الإخوة الموظفين. فيمكن مثلا وزارة المياه والكهرباء الموقرة، أن تجعل شهر رمضان شهرا نموذجيا للأداء الوظيفي العام، ويشدد المديرون والرؤساء على تخفيف معاناة المواطنين والمقيمين في بلادنا خلال هذا الشهر المبارك، فلا انقطاع للمياه، ونحن في فصل الصيف، ولا انقطاع للكهرباء، حيث لم تعد الحياة محتملة عند الكثيرين منا دون كهرباء، ولا تكدس للقمامة المؤذية للعين والأنف، الضارة بالصحة، فما أحوجنا لسلامة الجسم والحواس في هذا الشهر الفضيل لأداء العبادات والنوافل، ولا تسول للمحتاجين حقيقة والمحترفين عن طريق محاربة التسول من جانب، والإسهام في إيصال الخير للمستحقين من جانب آخر. تستطيع أمانة جدة أن تنتهز فرصة حلول شهر رمضان، حيث تكف الأقلام في الغالب عن كشف السوءات، وتركز في الكتابة حول الفضائل والإيجابيات، فتزيل كثيرا من الجوانب السلبية التي تقاعست عن إزالتها خلال الفترة الماضية، ولتحسن صورتها لدى المواطن. يستطيع كل منا أن يقدم لنفسه شيئا إيجابيا خلال أيام هذا الشهر، فالمسألة ليست في جوع وعطش الصائم، وإنما ينبغي علينا أن نتخذ من قدوم رمضان لحظة للحساب مع النفس، ومراجعة للذات، وكلنا خطاؤون ومقصرون، وقد أفلح من تزكى. هذا العام، أقول لكم: كلوا واشربوا ولا تسرفوا، ولكن اعملوا وأحسنوا، وأسرفوا في فعل الخيرات، ولا بأس أن تضع كل مؤسسة أو هيئة برنامجا رمضانيا لإنجاز ما تأخر لديها من أعمال، وأن يضاعف الثواب والعقاب للمحسنين والمقصرين في أداء أعمالهم. وهنيئا لك يا فاعل الخيرات. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 177 مسافة ثم الرسالة