ارتفاع عدد ضحايا هجوم في محطة قطار مدينة هامبورج إلى 17 مصاباً    الأسفلت المطاطي المرن.. ابتكار هندسي يُحسّن راحة الحجاج ويعزز الاستدامة    استقبال أولى طلائع الحجاج بمطار الأمير عبدالمحسن بن عبدالعزيز في ينبع    أميركا ترفع رسمياً العقوبات عن سوريا    الداخلية تصدر قرارات إدارية بحق (20) مخالفًا لأنظمة وتعليمات الحج    أمانة تبوك وبلدياتها التابعة تكثف جهودها لخدمة ضيوف الرحمن بأكثر من 2500 جولة رقابية وأكثر من 43 الف هدية    بمتابعة وإشراف سمو أمير منطقة تبوك مدينة الحجاج بحالة عمار تقدم خدمات جليلة ومتنوعه لضيوف الرحمن    القبض على وافد يمني بمكة لارتكابه عمليات نصب واحتيال    ضمن تصفيات كأس العالم .."رينارد"يعلن قائمة الأخضر لمواجهتي البحرين وأستراليا    نادي المنطقة الشرقية الأدبي ينظم ملتقى الكُتّاب السعوديين بالتعاون مع إثراء ويسلم "جائزة الموقف الأدبي" للفائزين بها    الطاقة الاستيعابية لصحن المطاف تصل إلى 107 آلاف طائف في الساعة    توخيل يُفسر استدعاء إيفان توني    "الدرعية" تنضم لقائمة "الوجهات العالمية الصديقة للبيئة" لعام 2025م    رئيس البرلمان العربي يستقبل ولي عهد الفجيرة ويهنئه بمناسبة تكريمه في اليوم العربي للاستدامة    «أهلاً بالعالم .. لكن بثقافتنا وعلى طريقتنا»    شركة المنطقة الخاصة اللوجستية المتكاملة تحصد جوائز الخدمات اللوجستية السعودية 2025 لتميزها اللوجستي    قوات أمن الحج تُفعّل طائرات مسيّرة وتقنيات حديثة لضبط المخالفين    تجمع القصيم الصحي يشغّل مركز مدينة حجاج البر لخدمة ضيوف الرحمن    "سباهي" يطلق المعايير الوطنية للجودة والسلامة في مستشفيات المشاعر المقدسة    ريال مدريد يعلن رحيل أنشيلوتي رسميا    ماريسكا يلمح لاستبعاد بعض نجوم تشيلسي من «مونديال الأندية»    جامعة جازان تقر برامج ماجستير جديدة وتعتمد ميزانية 2026 والتقويم الأكاديمي للعام المقبل    قول فايف بطلاً لبطولة كرة القدم المصغرة للسيدات بمنطقة جازان    محافظ صبيا يكرم اللجنة الإعلامية لمهرجان المانجو والفواكه الاستوائية بنسخته ال 21    والد الزميل سالم الأسمري في ذمة الله    وجهة الفرسان تفوز بجائزة مجلس التعاون الخليجي للتطبيقات والتقنيات الذكية في المشاريع الإسكانية    إمام المسجد الحرام: الابتلاء تكفير للذنوب ورفعة في الدرجات وعلى المسلم الصبر والاحتساب    أكثر من 36 مليون دولار جوائز مالية لبطولة كأس العربFIFA قطر 2025    استشهاد ثمانية فلسطينيين في قصف الاحتلال الإسرائيلي منزلًا جنوب قطاع غزة    دراسة نوعية تكشف دور المحتوى المتخصص في تشكيل هوية رقمية موثوقة ومتفاعلة    رياح على معظم مناطق المملكة و حرارة مرتفعة في الشرفية    النصر يحسم مصير عبد الإله العمري    تجمع القصيم الصحي يطلق خدمة العلاج الكيميائي بالمنزل لمرضى الأورام    موعد كأس السوبر السعودي 2025-2026    %16 تراجعا في الصفقات العقارية    مركز التنمية الاجتماعية في جازان ينفذ ورشة عمل بعنوان "إدارة المشاريع التنموية"    أمير منطقة تبوك يرعى حفل جائزة سموه للتفوق العلمي والتميز في عامها ال ٣٨    سمو أمير منطقة نجران يتفقد مدينة الحجاج ويطلع على خدمات هيئة الأمر بالمعروف بمنفذ الوديعة بشرورة    أمير منطقة جازان يستقبل المهنئين بتعيينه أميرًا للمنطقة    مخبأة في شحنة طاولات.. ضبط أكثر من (1.5) مليون قرص من مادة الإمفيتامين بالرياض    السكري تحت المجهر: فهم الحالة والوقاية    علامة HONOR تكشف عن سلسلة HONOR 400 Series بكاميرا 200 ميجابكسل مدعومة بالذكاء الاصطناعي و AI Creative Editor الرائد    مركز الملك سلمان للإغاثة يُسيّر الدفعة ال17 من الجسر البري الإغاثي السعودي لمساعدة الشعب السوري    تزامنا مع العام الثقافي الصيني- السعودي الأول .. افتتاح الصالون الإعلامي «الزيارة الودية على خطى تشنغ خه»    تدشين إصدار أحمد فلمبان.. «الفن التشكيلي السعودي في ذكرى التسعين»    السجن والغرامة ل12 مخالفًا نقلوا أشخاصًا بدون تصاريح حج    القيادة تعزي عضو المجلس الأعلى حاكم عجمان في وفاة حمد النعيمي    أمير الرياض يطلع على الأعمال الميدانية والرقابية ل" الأمانة"    فلسطين تتهم إسرائيليين بإطلاق النار على وفد دبلوماسي    دعوة للتحرك لإيجاد حل عاجل.. تحذيرات أممية ودولية من تفاقم الأزمة الإنسانية باليمن    تحرك سعودي فاعل.. وضغط غربي على إسرائيل.. صرخات أطفال غزة توقظ العالم    إبداعات" إثراء" تسطع في" داون تاون ديزاين الرياض"    ملابس للاستخدام المتكرر بنكهة البرتقال    حفاظ وحافظات جمعية خيركم يشكرون نائب أمير منقطة مكة وسمو محافظ جدة    الضب لا ينام ولا يرعى صغاره!    المكانة لمن يستحقّها    نجاح عملية روبوت في جراحة الصدر بطبية مكة    بحضور محافظ الطائف ..العدواني يحتفل بتخرج نجله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كيف يقرأ الفقراء؟
نشر في عكاظ يوم 21 - 02 - 2025

يدرك القارئ المنتابة عاطفته بالشغف القرائي أن كلفة إشباعها تتطلب موازنةً دقيقةً قد تحيد بعضاً من احتياجاته المهمة، وأن مأزق المفاضلة بينهما سيتكرر كلما اندلعت في قلبه تلك الرغبة الملحة التي تراكم انتصاراتها وتتمدد في روعه.
بيد أنه في إزاء التكلفة المتزايدة لاقتناء الكتب قد يبحث عن خطط بديلة تُغفل رفاهية امتلاك مكتبة شخصية يلوذ إليها ناهيك عن الشعور الذي يتدفق من خلال تلمسه الورق وانبعاث رائحته وحميمة تأبط كتاب إلى رتابة تقليب الصفحات الزجاجية عبر شاشة حاسوب أو جهاز قارئ إلكتروني أو لوحي... واضطراره لارتياد المكتبات الإلكترونية لقراءة الكتب بصيغها الرقمية ما يحد من الصلة الحسية والعاطفية بينه وبينها، وبالتالي تضاؤل التفاعلات الحيوية التي اعتادها، ورغم ما يعتري هذا «الكائن البديل» من قصور على صُعد عدة إلا أنه أحد الحلول التي لم تكن لتتأتى في عهد مضى.
كان الكاتب والروائي البريطاني الشهير جورج أورويل صاحب الروايتين الشهيرتين مزرعة الحيوان و1984 يعتقد أن القراءة هي إحدى أقل وسائل الترفيه تكلفةً ويضعها في المرتبة الثانية بعد الاستماع إلى الراديو، لكنه يثبت من خلال مقالته البديعة «الكتب مقابل السجائر» التي نشرتها صحيفة التريبيون في فبراير من عام 1946م، وهو ذات العنوان الذي حمله أحد أجمل كتبه لاحقاً، أن تكلفة اقتناء الكتب باهظة نسبياً عطفاً على اعتباره القراءة فعلاً ترفيهياً، كما أنها مرتفعة أيضاً قياساً إلى دخل الفرد آنذاك، ويصل عبر جدول حسابي تقديري إلى أن ما ينفقه الفرد لاقتناء ثلاثة كتب ذات قيمة أدبية ومعرفية رفيعة بالإضافة إلى قراءة بعض الصحف والمجلات في عام واحد يوازي ما ينفقه الفلاح الهندي طوال حياته، كما يورد اقتراحاً لخفض التكلفة الباهظة يتضمن بيع الكتب بعد قراءتها بنصف السعر أو ربعه تأسيساً لسوق منطقية تمكن القارئ من إشباع نهمه دون أن يشكل ابتياع الكتب عبئاً مادياً يثقل كاهله، كما هو التوسع في استعارة الكتب لخفض الإقبال على متاجر بيعها وتراجع الطلب مقابل نمو العرض.
وفي مقالة أخرى حملت عنوان «كيف يموت الفقراء؟»، يصف الإنجليزي الحانق مشاهداته في مشفى «كوشين» بإحدى ضواحي فرنسا، حيث تتضوع ردهاته برائحة الموت وتشي الأضواء الخافتة بأجل قريب يبدو في نظر الكثير من قاطنيه خلاصاً منتظراً ويعزو ذلك إلى اتجاه التفكير والذاكرة الطويلة من الماضي.
وبنزر يسير من المبالغة يقل كثيراً عن المبالغة في تكلفة اقتناء كتب تحمل قيمة معرفية وثقافية رفيعة يمكن لقارئ نابه أن يدرك معنى أن يجول بعينيه أرففاً تمتد لعشرات الأمتار وتحمل آلاف الكتب دون أن يعثر على كتاب تتعادل قيمتاه الفكرية والمعرفية بقيمته النقدية، أن يعتبر متجر الكتب كمشفى كوشين وأن يرى أفنيته القاتمة في الممرات الخلابة التي تزينها عبارات الكتب الأكثر مبيعاً والصادرة حديثاً فيما تملأها الكتب الرديئة التي تصف اتجاه التفكير والذائقة القرائية لدور النشر كما تمثل قوائمهم المالية ذاكرتها الطويلة، وأن يعتبر القراء كقاطني كوشين أو ما دعاهم أوريل «مشاريع موت» على اعتبار أن الكتب هي أدوات التشافي الفكري والنفسي وما تمثله رداءتها تجاه عقل القارئ وتكوينه المعرفي.
أخبار ذات صلة

هل رجحت كفة «المُترجَم» بالعربي؟
محمد الشقاء يوثّق سيرته الصحفية مع أستاذه «الوعيل»
قد تكون فكرة متحيزة ولكنها موائمة لتوصيف الكتب الرديئة التي يمتد نفوذها ليس ليحتل موضع الكتب القيمة فحسب بل لينحدر بالذائقة القرائية نحو مستوى متواضع، كما أنها ملائمة لوصف التكلفة المبالغ فيها للكتاب القيم التي نلحظها اليوم في متاجر الكتب ومنافذ بيعها.
كما يصف حبر الرواية الروسي فيودور دوستويفسكي في روايته الشهيرة «الفقراء» جانباً ذا صلة، إذ يصور من خلال إحدى رسائل «فارفارا دوبروسيلوفا» إلى «ماكار الكسيفيتيش» المعضلة التي واجهتها حين أرادت شراء مجموعة من المجلدات كان يرغب صديقها «بيكروفسكي» في اقتنائها لتهديها إليه وقد بلغت كلفتها 32 روبلا ونصف الروبل، جمعت منها بعد عناء طويل 30 روبلا، مما اضطرها إلى الاستعانة بوالده الذي كان يخطط لذات الأمر، ولكن وفاة بيكروفسكي سبقت ذلك، فاقترحت فارفارا أن تهتم بمراسم دفنه مقابل الكتب التي كان يملكها، ما أثار شجاراً بينها وبين والده الذي كان يرى في كتب بيكروفسكي صلة شعورية ستبقيه معه.
وبالرغم من أن دوستويفسكي أراد أن يصف الفقر كقامع للسعادة التي تتمثل أحد أوجهها في اقتناء الكتب إلا أنه لم يسلّم بحتمية ذلك حتى حين سبر أغواره وغاص عميقاً في أعماقه، كما هي عادته رأى أن القراءة أداة لمناهضته.
ومع أن الافتقار إلى مورد مستدام يبدو أمراً طبيعياً في مسيرة التاريخ البشري من منظور أورويل ودوستويفسكي أيضاً وهو أمر بدهي ومع أنهما اتفقا على أهمية القراءة كما سلما ضمناً بأن كلفة اقتناء الكتب باهظة لا سيما قياساً إلى حال متواضع لكنهما لم يصفا كيف يقرأ الفقراء، بيد أن اللافت أنهما لم يأتيا أيضاً على ذكر الكتب الرديئة ولم يريا منطقية قراءة كتاب متواضع المحتوى حتى في أكثر الأحوال عوزاً، ربما لأن معايير وضوابط إصدار الكتب التي كانت تشترطها دور النشر آنذاك لم تشجع على اقتراف الرداءة كما هي الآن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.