القبض على إثيوبي في جازان لتهريبه (260) كجم "قات"    زعيم حزب العمال الكردستاني: الكفاح المسلح ضد تركيا انتهى    معالي أمين الشرقية يزور معرض سكني بالخبر    أمير تبوك يزور الشيخ أحمد الخريصي في منزله    الحكم بالسجن لمدة عام على أنشيلوتي في إسبانيا    معالي الوزير الحقيل يبحث تحديات القطاع البلدي مع رجال الأعمال في الاحساء    بدعم من إحسان أجهزة تنقية المياه في منازل مستفيد روافد النسائية بالعيص    فرع هيئة الصحفيين السعوديين بالمدينة المنورة ينظم ورشة " الأخبار العاجلة بين السبق والمصداقية"    د.الجوهرة آل سعود: أكدت أن التوازن بين العمل والأسرة يجود الحياة ويزيد الرضا الوظيفي والعائلي    فيصل بن مشعل يدشن المنصة الرقمية لمكتب التشجير بامارة القصيم ويقلد العتيبي رتبة عميد    نائب أمير القصيم يتسلّم التقرير السنوي لأداء الخطوط السعودية عام 2024    نائب أمير جازان يستقبل مدير فرع بنك التنمية الاجتماعية بالمنطقة    سفير خادم الحرمين لدى بنغلاديش يقدّم أوراق اعتماده لرئيس الجمهورية    300 طالب وطالبة في برنامج موهبة الإثرائي الأكاديمي 2025 بالقصيم    أمير تبوك يطلع على التقرير الشامل لأداء إدارة التعليم بالمنطقة    أمير منطقة جازان يرعى حفل افتتاح ملتقى "جسور التواصل 2025"    فلسطين تجدد مطالبتها بتحرك دولي فاعل لوقف جرائم المستوطنين    أمير تبوك يستقبل رئيس المجلس التأسيسي للقطاع الشمالي الصحي والرئيس التنفيذي لتجمع تبوك الصحي    الديوان الملكي: وفاة والدة صاحب السمو الأمير عبدالله بن سعود بن سعد الأول آل عبدالرحمن آل سعود    الشورى يقر دراسة إنشاء سوق لتداول أدوات الدين المضمونة برهن عقاري    "الذوق العام" تدرب مندوبي التوصيل على مستوى المملكة        سمو نائب أمير منطقة عسير يدشّن حملة "صيّف بصحة"    القيادة تهنئ رئيس جمهورية الأرجنتين بذكرى استقلال بلاده    زيادة بنسبة 121% في عدد العمليات الجراحية في تجمع الأحساء الصحي    مستشفى الأمير محمد بن عبدالعزيز ينهي معاناة مريضة سبعينية من فقدان البصر    الذهب قرب أدنى مستوى له في أسبوع    انطلاق معرض مكتبة الإسكندرية الدولي للكتاب.    المؤسسة العامة للري: موافقة مجلس الوزراء على تنظيم المؤسسة تُجسّد اهتمام القيادة وتُعدّ نقلة نوعية في مسيرتها    في ثاني مواجهات نصف نهائي كأس العالم للأندية.. قمة مرتقبة تجمع ريال مدريد مع باريس سان جيرمان    تغطية إعلامية غير مسبوقة من قلب الرياض| كأس العالم للرياضات الإلكترونية يبث إلى 140 دولة حول العالم    الهلال يبهر العالم    وسط صمت دولي وتمسك الدبيبة بالسلطة.. تحركات لتشكيل حكومة ليبية جديدة    عباقرة سعوديون ينافسون 90 دولة في أولمبياد الكيمياء    القراءة والغرور    فن الحديث في النقاط الملتهبة داخل الأقسام العلمية    خسائر بشرية وبيئية وتحذيرات دولية.. هجوم حوثي يضرب الملاحة الدولية قبالة الحديدة    "الضمان": مراجعة طبية مجانية للمستفيد خلال 14 يوماً    34 % زيادة سجلات الذكاء الاصطناعي    وصفت بأنها الأقسى منذ اندلاع حرب أوكرانيا.. أوروبا تستعد لفرض حزمة عقوبات على روسيا    11 مليون"تبليغ" إلكتروني لأطراف القضايا في 2025    إقرار تنظيم المؤسسة العامة للري.. مجلس الوزراء: الموافقة على نظام تملك غير السعوديين للعقار    دراسات حديثة: الكركديه ليس آمناً للجميع    إطلاق مبادرة "إثراء قاصدينا عِزُّ لمنسوبينا"    «الريزن».. حرفة تحاكي حائل ومعالمها    خالد بن سلمان وعراقجي يبحثان تطورات الأوضاع في المنطقة    فهد بن محمد يقلّد مدير «شرطة الخرج» رتبته الجديدة    الحباك الذهبي.. مهندس الأعشاش    مستشفى الملك فهد الجامعي يدشّن "صوت المستفيد"    أخضر السلة يدشن البطولة الخليجية بفوز كبير على الإمارات    أخضر الناشئات يواصل استعداداته في معسكر البوسنة استعداداً لتصفيات آسيا    أمير جازان ونائبه يتفقدان عددًا من المشروعات التنموية والسياحية بمحافظة الريث    أمير منطقة جازان يلتقي مشايخ وأهالي محافظة الريث    التطبير" سياسة إعادة إنتاج الهوية الطائفية وإهدار كرامة الانسان    الحب طريق مختصر للإفلاس.. وتجريم العاطفة ليس ظلماً    ترحيل السوريين ذوي السوابق الجنائية من المانيا    الرياض تستضيف مجلس "التخطيط العمراني" في ديسمبر    ألف اتصال في يوم واحد.. ل"مركز911"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أصدق المدن.. أكثرها فرحاً !
نشر في عكاظ يوم 31 - 01 - 2018

شيكاغو في الشتاء قارة من نور تضيء تحت ظلال التوت السماوي.. المثلثات الضوئية تمتد كنصل منشار معدني، والألوان في الشوارع تتمازج بشكل بديع كقوس قزح تجذب الروح إليها بارتياح كفراشات ربانية.. كنت في حيرتي في هذا الفضاء المنير أشبه بحمل يتطلع إلى وهج الضوء بغثاء أخرس، أفرش تراب القلب للريح وأغطس في أعراس الفرح البلاتيني أبحث عن عمر جديد.. كان الوقت يغفو على كوعي والطقس قارص البرودة والسماء خيط من نور تظلل كل شيء.. المدينة هالة مشتعلة من نور.. رذاذ الضوء المخلوط بالثلج الخفيف يذيب جميع الأشياء من حولي، يجعلها تصب في محرق العين، سكينة نورانية تغطي الشوارع والأقبية وأسطح المنازل، تجعل الكلام في البلعوم يستتر.. مذاق البرد يطارد بقايا الضوء، البخار الساخن يتصاعد من الفتحات في الأرض، أجوس في الغابات البشرية حيث الأكتاف سفوح جبال، أجوس في تفاصيل الناس.. الريح في المساء القطبي توزع مناشيرها، ندف الشمس تهمي فوق الجميع كقطن منفوش، الجميع يتصايح مبتهجاً يتخبط كسرب من النحل داهمه العسل، الأنفاس كمروحة طفل، والكل يخبئ وجهه من البرد في رغيف الضحك، كان الوقت متسعاً لشقشقة الطفولة ولقاء الأصدقاء.. كان من رتب لاجتماعنا صديق قديم كهل نصف عمره قد ولى محاميا لكنه لا يشكو فهو سعيد وظيفة سامية ومنزل فخم وأكثر من سيارة أجنبية وامرأة جميلة ذات أنف أصفهاني.. لو لم يكن سعيداً ماذا ينقصه..؟ كان الوقت ينسحب، وكان المكان أكبر من بحر وأصغر من حياة، خلف زجاج المكان شجرة عملاقة ذات أغصان ضخمة أثقلها الثلج تظهر من خلف نافذة المطعم كأنها مغموسة بشقوق الضوء الممتد بكسل أبيض في الشارع امرأة تحتمي بالشجرة تزوبع في ثوبها الريح.. رجل يطارد الأفق.. الثلج الأبيض الخفيف يستمر في التساقط بقايا النور تبعثره.. الناس يعبرون الشارع يعرفون أين يتجهون، وحدها الوجهات الزجاجية تبقى منتصبة أمامي تعيدني إلى ذاتي.. كان المذيع في التلفزيون الضخم المشرع في قلب المطعم ينطق بالأخبار كالضفدع في كهفه الشفاف، ويطلق فقاعات الموت من فمه متشدقاً عن مزايا التكنولوجيا في صنع الأسلحة الفتاكة.. كنت أول من قدم للمطعم، أخذت مكاني في المطعم كبلاط بارد حيادي، ومستسلم تماماً كبنج في بحيرة.. أخذت أتأمل صورة في المطعم أمامي أحاول أن أدرك رهافة الأصابع التي رسمت هذا الطائر الذي له جموح صقر وجناح بطة وذيل طاووس، يطير كأنك تحتار هل هو على وشك الإقلاع أم الهبوط! الحطب في مدفأة المطعم يطقطق من حين لآخر بحنان يشبه البوح.. فترة قصيرة حضر الرفاق بعدها، كان صديقي يرتدي بذلة خضراء وربطة عنق نبيذية تسبغ عليه مساحة من الثقة والاعتداد بالنفس، كان ينفض الثلج عن سترته ويعدل ربطة عنقه.. أخذنا نتبادل الأحاديث المؤثرة، كانت الأحاديث ومضات مشروع فرح إنساني، وثرثرنا في صمت، واغتبنا كل الأصدقاء ومنهم غير ذلك، وسخرنا من كل شيء حتى تفسخ على وجوهنا الضحك «حينما يزهر الحزن في الأعماق ليس لك إلا مرارة الضحك»، كنا نفتعل الجعجعة ولكن الطحين لا يصل.. كانت أصواتنا تختلط بنغم رشيق البيانو يصل إلى الآذان ثم يتسارع كصوت من كهوف الأعماق القصية.. كان النغم حاراً مشتعلاً بالأنين الكاوي، في هذا الليل السهران كان الصوت ينبعث منكسراً يؤدي صوت «فرانك سيناترا» بكل طبقات صوت فرانك الرخيم، كان الصوت المؤدي المحروق يجيء ليترك القلب المذبوح من اليسار يروح ويغدو داخل الأضلاع، واستمر الكلام حياً حتى قرر الجميع التسكع في الشارع الرئيسي وسط المدينة.. كنا نعبر الشارع ببطء، ووراء أكتافنا الريح، كأن المدينة ملك لأقدامنا، وكانت عيناي تتسعان بحنين جارف كما لو أنني عشت طوال الوقت في العراء أتوق إلى تلك الأجزاء التي مني، وبقيت لسنين في مدينة لا تبخل بعواطفها على من يحبها.. مدينة لا تكذب، فأصدق المدن أكثرها فرحاً!
[email protected]

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.