لا يزال الواقع التعليمي بالمرحلة الإبتدائية لدينا, مشوباً بالكثير من العيوب والعراقيل التي تعيق تقدمه وتحول بينه وبين إحداث النقلة التي كنّا ننتظرها بعد سلسلة التعاميم والإجراءات التي شرعتها وزارة التربية والتعليم والتي أعقبت النداءات الناقدة لها. وقد يرى البعض أن الحديث عن مسببات الخلل الذي طرأ على المؤسسات التعليمية وإفرازاتها العقيمة – أقل ما نتج عنها طابور (بطالة) طويل – لن يأتي بجديد كون المختصين والمهتمين بالشأن التعليمي قد أشبعوه نقداً وتحليلاً وأبرزوا جوانب القصور التي تكتنفه وأبدوا الحلول الكفيلة بتطويره من وجهة نظرهم... والتي أخذت منها الوزارة الشيء الكثير وشرعت بتطبيقها كعملية تطوير المناهج والمقررات وإلغاء ثقافة التلقين والمعلومة المعلبة التي كانت تقدم للطالب طيلة سنوات دراسته وإحلال ثقافة الاستنباط والبحث والتقصي عوضاً عنها.. وهذا الإجراء برأيي وغيره من الإجراءات التي سنتها وزارة التربية والتعليم نزولاًً عند رغبة النقاد, الذين نادوا بضرورة التصحيح ومواكبة الطفرة التعليمية التي يشهدها العالم المتقدم من حولنا.. أرى بأنها لم ولن تنجح ما لم يواكبها تحديث وترقية لعقول معظم معلمي ما بعد (أزمة الخليج) الذين أقحموا بمهنة وتخصصات لا يربطهم بها سوى المسمى الوظيفي وطابور ال 25 من كل شهر مشكلين بذلك أزمة حقيقية وعائق لأبنائنا.. وكذلك لا يشبهون رعيل معلمي ما قبل الأزمة الذي تميز بحبه لعمله وإلمامه بمحتوى المواد التي يعلمها طلابه وإتقانه لمهارات تخصصه المتوافق مع ميوله إلا فيما يربطهم بمهنتهم (المسمى وطابور ال 25) أيضا, ولذلك أسبابه ك سوء التخطيط والرسم الخاطئ للإستراتيجية التعليمية السابقة المبنية على نظرة قاصرة للمستقبل. فهل ستستشعر الوزارة خطورة ذلك وتعمل على معالجته؟ أم ستبقى عقول أبنائنا رهينة أزمة معلمي ما بعد أزمة الخليج؟.